تحليل كفاءة القطاع الزراعي الليبي لتحقيق النمو والاستدامة: دراسة باستخدام DEA لتحديد الاختلالات وفرص التحسين

الملخص

هدف هذا البحث إلى تحليل كفاءة القطاع الزراعي الليبي باستخدام تحليل مغلف البيانات (DEA)، مع تحديد العوامل المؤثرة على الكفاءة من خلال نموذج Tobit. تم تحليل بيانات السلسلة الزمنية للفترة 2002-2022 لتقييم أداء القطاع الزراعي في ظل التحولات الاقتصادية والسياسية التي شهدتها ليبيا. أظهرت نتائج تحليل DEA تفاوتًا ملحوظًا في مستويات الكفاءة الفنية عبر الفترات الاقتصادية المختلفة، حيث حققت فترة الاستقرار والنمو النسبي (2002-2010) أعلى مستويات الكفاءة، مدفوعة بزيادة الإنفاق الحكومي وتحسن بيئة الاستثمار الزراعي. في المقابل، شهدت فترة عدم الاستقرار والاضطرابات (2011-2016) تراجعًا حادًا في الكفاءة، نتيجة لانهيار مؤسسات الدولة، وتراجع الدعم الزراعي، وضعف الاستثمارات. أما فترة التعافي الجزئي (2017-2022)، فقد أظهرت تحسنًا طفيفًا في الكفاءة، لكنه ظل دون المستوى المطلوب، مما يعكس استمرار تحديات تخصيص الموارد وضعف السياسات الزراعية. كما كشفت النتائج عن تأثير تقلبات الاستثمار الزراعي، توافر الموارد الطبيعية، العمالة الزراعية، ومستوى التكنولوجيا على كفاءة الإنتاج. ومن خلال نموذج Tobit، تبين أن العمالة الزراعية، الاستثمار الزراعي، توافر المياه، ومستوى الفساد كانت من العوامل المؤثرة سلبًا على الكفاءة، مما يشير إلى تحديات هيكلية في تخصيص الموارد وضعف كفاءة السياسات الزراعية. في المقابل، لم يكن لمستوى التكنولوجيا الزراعية تأثير معنوي، مما يسلط الضوء على ضرورة تحسين استغلال التقنيات الحديثة وتعزيز الابتكار الزراعي. بناءً على هذه النتائج، توصي الدراسة بإعادة هيكلة الدعم الحكومي، تحسين سياسات إدارة الموارد الزراعية، مكافحة الفساد، تعزيز الاستثمارات الفعالة في التكنولوجيا الزراعية، وتطوير برامج تدريب وتأهيل للعمالة الزراعية. من شأن تنفيذ هذه التوصيات أن يساهم في تحقيق الاستدامة الزراعية، وتعزيز الأمن الغذائي، ورفع كفاءة القطاع الزراعي الليبي في مواجهة التحديات الاقتصادية والمناخية.