ملخص
ضوابط الفتوى وأثرها في تعزيز الهوية الوطنية" إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. أما بعد، فإن التراث الإنساني الذي يَكتسبه أي مجتمع في نطاق تاريخي وجغرافي محدد إنما يكون عبر تراكم ثقافة وحياة لآلاف السنين، ويُعد بالتالي هويته التي ترسُمُ ملامحه، وتحدد كيانه، وتجذر مقومات أمنه، وبقائه، واستقراره. ويبقى هذا التراث وهذه الهوية هي صمام الأمان أمام التغيرات التي تكون- وهي عادة من جهات خارجية- سبباً في إحداث خلل في منظومته القارّة، وسلمه الاجتماعي. وهذا التراث أو الموروث الحضاري إنما يُكتسب من مجموعة المعارف والعلوم والتجارب التي يصطبغ بها كل مجتمع، ومن ذلك العلوم العقدية والفكرية التي تبني شخصية الإنسان الروحية، ويُعدّ العلم الشرعي من العلوم الإنسانية الأكثر تأثيراً على ثقافة الإنسان وبنائه وأخلاقه وتراثه وهويته، وتعتبر الفتوى إحدى أعظم ركائز نتاج وثمرات هذا العلم الشرعي، فمتى كانت الفتوى مرتكزة على تعليم شرعي منضبط، لها مقوماتها ومؤهلاتها أضفت على المجتمع السكينة والاستقرار والأمن الذاتي، ومتى كانت منفلتة ومتشتتة وغير منضبطة بتعليم رصين كان أثرها سلبي على التراث الإنساني الذي عماده استقرار المجتمع وأمنه وسكينته. من هنا يبقى المحافظة على الموروث الحضاري أو التراث الإنساني لمجتمع ما هو حجر الصمود أمام محاولات تغيير هويته، ويحقق انتصاراته بالتغلب على مسخه بقدر صموده وثباته وتمسكه بهويته. من هذا المنظور يأتي هذا البحث الذي عنوانه: "ضوابط الفتوى وأثرها في تعزيز الهوية الوطنية". وربط العنوان بأهداف المؤتمر يأتي من خلال علاقة الفتوى بالتعليم الشرعي الذي هو من العلوم الإنسانية المعتبرة. إشكالية البحث: يجيب هذا البحث على التساؤل التالي: هل جاء في الشريعة الإسلامية ما يوجب توحيد مرجعية العلم الشرعي لضبط الفتوى؟، وهل لها علاقة بتماسك نسيج الناس الاجتماعي، وتأليف قلوبهم، وجمع كلمتهم؟، أم أن الفتوى لا حدود لها مكاناً ولا زماناً؟. أهداف البحث: • تأكيد أهمية ضبط التعليم الشرعي وثمرته "الفتوى"، وأثرهما في تعزيز الهوية الوطنية وقيمها. • استشراف التحديات التي يمكن أن تواجه الهوية الوطنية من خلال انفلات الفتاوى. • إثراء البحوث العلمية للحفاظ على تراث وهوية المجتمعات. منهجية البحث: قام البحث على المنهج العلمي القائم على: أ- الاستقراء لما وقع تحت بصر الباحث من المصادر المتخصصة في موضوع الإفتاء والمصادر التي تناولت مرجعيات العلم الشرعي. ب- التحليل لهذه النصوص تحليلاً علمياً يميز بين مقاصدها. إجراءات البحث: قد قسمت هذا البحث إلى مقدمة وثلاث مباحث: المبحث الأول: مفهوم الفتوى وضوابطها. المطلب الأول: تعريف الفتوى لغة واصطلاحاً. المطلب الثاني: مقومات الفتوى الشرعية وضوابطها. المطلب الثالث: منزلة الفتوى. المطلب الرابع: التجرؤ على الفتوى. المطلب الخامس: أهمية ضبط الفتوى في القطر الواحد. المطلب السادس: البواعث لمخالفة الفتوى السائدة. المبحث الثاني: مفهوم الهوية وأثر الفتوى عليها. المطلب الأول: تعريف الهوية لغة واصطلاحاً. المطلب الثاني: مفهوم الهوية. المطلب الثالث: الهوية في العقيدة. المطلب الرابع: الهوية في التاريخ. المطلب الخامس: الهوية في الأرض. المطلب السادس: الهوية في اللغة. المطلب السابع: أهمية المحافظة على الهوية شرعاً. المبحث الثالث: العلاقة بين الفتوى والهوية. المطلب الأول: أثر الفتوى على الهوية. المطلب الثاني: نماذج من التاريخ الإسلامي على علاقة الفتوى بالهوية. المطلب الثالث: نماذج من الواقع الليبي على علاقة الفتوى بالنسيج الاجتماعي. ثم ختمت البحث بخاتمة شملت ملخصاً بالنتائج والتوصيات.