الأسرة الطاهرية ودورها في تاريخ الخلافة العباسية (194 - 289هـ/ 809 - 901م)

تاريخ النشر

2009

نوع المقالة

رسالة ماجستير

عنوان الرسالة

كلية الآداب - جامغة طرابلس

المؤلفـ(ون)

سالم جبران سعد

ملخص

بعد أن تناولت الدراسة دور الطاهريين السياسي والعسكري في تاريخ الخلافة العباسية، سواء ذلك الدور الذي أداه كل من طاهر بن الحسين أو عبد الله بن طاهر أو مجمل الأدوار التي أدَّوها في المشرق الإسلامي وإقليم العراق توصل الباحث إلى النتائج التالية: أولاً: كان دور الطاهريين دوراً هاماً في عدة أحداث وفترات من تاريخ الخلافة العباسية، فعندما يتمُّ الحديث عن طاهر بن الحسين لا يمكن وصف دوره في الصراع بين المأمون وأخيه الأمين إلا بالدور الحاسم ولصالح المأمون، فبمهارته في إدارة المعركة العسكرية تمكن من إلحاق هزائم متوالية بجيوش الخليفة الأمين والاستيلاء على بغداد وقتل الأمين سنة 198هـ/ 813م، وعلى الرغم من سوء علاقته بالفضل والحسن بني سهل والتي أدَّت إلى تهميش دوره السياسي في الفترة التي سبقت عودة المأمون إلى بغداد فإنه عاد واستعاد المكانة التي يطمح إليها بعد مقتل الفضل بن سهل، وبتوليته على خراسان سنة 205هـ/ 820م يبرز عبد الله بن طاهر بن الحسين والذي لعب أدواراً لا تقل أهمية عن دور والده، فقد تمكن من القضاء على حركة نصر بن شبت العقيلي في الجزيرة الفراتية وشمال الشام، كما أعاد بسط سلطان الخلافة المباشرة على سائر بلاد الشام، ولعل أهم أدواره كانت القضاء على الاضطرابات التي تشهدها مصر بداية منذ فترة الصراع بين الأمين والمأمون، والقضاء على محاولات البعض الاستقلال بها عن الخلافة، كما طرد المجموعات الأندلسية التي استولت على الإسكندرية حوالي (200هـ/815م) مستفيدة من حالة عدم الاستقرار السياسي في مصر، وبذلك نجح عبد الله بن طاهر في إعادة سلطة الخلافة على أهم ولاياتها وهي الجزيرة الفراتية والشام ومصر، وهو دور يعادل أو يفوق دور طاهر بن الحسين من حيث الأهمية. ومن الأدوار الهامة التي لعبها الطاهريون في المشرق الإسلامي محاربتهم للحركات المناهضة للخلافة العباسية سياسياً وعسكرياً) ومن أبرز هذه الحركات الخوارج والعلويين والخرمية، وقد نجحوا في القضاء على بعضها والحدِّ من خطر البعض الآخر، واستطاعوا وبالتعاون والتنسيق مع الخلافة إجهاض حركات انفصالية محلية كحركة المازيار، ومؤامرة الإفشين ذات الصلة بها. تعد الأدوار التي قام بها محمد بن عبد الله بن طاهر في إقليم العراق من أهم أدوارهم على الإطلاق هناك، فقد ساند الخليفة المستعين عندما لجأ إلى بغداد فاراً من استبداد الأتراك، وحينما بايع الأتراك في سامراء المعتز ابن المتوكل بالخلافة ووقعت الحرب بين الفريقين ظل ابن طاهر على مساندته للخليفة، وقام بدور كبير في الدفاع عن بغداد التي حاصرها الأتراك، إلا أن مرور الوقت جعل الأوضاع تتبدل عسكرياً وداخلياً في غير صالح المستعين، الأمر الذي دفع ابن طاهر لترتيب عقد صلح وافق الخليفة المستعين بموجبه أن يخلع نفسه من الخلافة ويبايع المعتز، كما استطاع ابن طاهر القضاء على ثورة يحي بن عمر الطالبي في الكوفة سنة 250هـ/ 864م. ثانياً: اختلفت طبيعة علاقة الطاهريين بمختلف القوى في المشرق الإسلامي بحسب اختلاف موقف هذه القوى من الخلافة العباسية، وموقف الخلافة من هذه القوى؛ ففي الوقت الذي كانت فيه علاقتهم بالسامانيين علاقة طيبة على غرار الخلافة العباسية، اتسمت علاقتهم بالزيديين بالعداء منذ البداية، فالزيديون وكسائر حركات العلويين كانوا يهدفون إلى تقويض الخلافة العباسية، وعلى عداء مع كل الموالين لها، أما الصفاريون فعلى الرغم من ادعائهم بدايةً بأنهم يحاربون الخوارج بدعم من الخلافة فإن سياستهم اللاحقة استهدفت التوسع على حساب الطاهريين والخلافة معاً، ففي الوقت الذي عمد فيه يعقوب بن الليث إلى الاستيلاء على أملاك الطاهريين كان كثيراً ما يوجه تركيزه للاستيلاء على بلاد فارس التي كانت تتبع الخلافة العباسية مباشرة، ولهذا اتخذت الخلافة موقفاً مسانداً للطاهريين حتى بعد أن تمكن يعقوب بن الليث من تصفية حكم الطاهريين في خراسان والمشرق الإسلامي سنة 259هـ/ 872م. ثالثاً: عرف الطاهريون بولائهم التام للخلافة العباسية في مختلف الفترات والمناطق التي تولوا حكمها أو قاموا بأدوار سياسية وعسكرية فيها، ففي خراسان وعلى الرغم مما ذكره البعض من خلع طاهر بن الحسين لطاعة الخليفة المأمون، فإن الدراسة قد فنَّدت هذه الروايات بالوقائع التاريخية والتفسير المنطقي للأحداث، فوفاة طاهر بن الحسين سنة (207هـ/822م) تطلبت من الخليفة تولية ابنه طلحة ثم ابنه عبد الله إلى آخر من تولى حكم خراسان من أبنائه وأحفاده، عدا من تولى بغداد من الطاهريين فيما بعد، فلو كانت رواية خلع طاهر بن الحسين لطاعة الخليفة صحيحة ما كانت الخلافة لتعتمد على أبنائه وأحفاده في أهم منطقتين بالنسبة لها وهما بغداد وخراسان، كما أن أياً من هؤلاء أو عمالهم على نواحي خراسان أو سائر مناطق المشرق الإسلامي لم يثر طلباً بثأر والدهم الذي تقول هذه الروايات أن موته كان بتدبير من الخليفة المأمون؛ بل ولم يشر أيٍّ منهم إلى هذا الأمر حتى في أشعاره على الرغم من أن العديد منهم عُرِف بنظم الشعر. عرف الطاهريون بالشدة والبطش في مواجهتهم لحركات العلويين سواء في المشرق الإسلامي أو العراق أو في مواجهتهم المستمرة مع الزيديين في طبرستان، الأمر الذي ينفي عنهم التشيع الذي رماهم به البعض وهي الصفة التي قد تدفعهم إلى الخروج عن طاعة الخلفاء. وتجدر الإشارة إلى حرص الخليفة المعتصم على أن يمرَّ خراج طبرستان بعبد الله بن طاهر عندما كان مازيار مصراً على إرساله مباشرة إلى سامراء، الأمر الذي يدل على ثقة من الخليفة بآل طاهر. رابعاً: بلغ نفوذ الطاهريين ذروته في عهد طاهر بن الحسين وابنه عبد الله، وقد شمل هذا النفوذ المشرق الإسلامي والعراق وولايات أخرى ولفترات محددة كالشام ومصر، ومع تولي عبد الله بن طاهر لخراسان تركَّز نفوذهم أكثر في المشرق، واستمر نفوذهم في العراق بالرغم من بروز العنصر التركي وازدياد نفوذه وتحكمه في أمور الخلافة، إلا أن فقدان الطاهريين لحكمهم في المشرق كان إيذاناً بمزيد من الضعف لدورهم في كلا الساحتين، وقد كان لهذا الضعف والاضمحلال عدة عوامل سبق بعضها فقدانهم لممتلكاتهم في خراسان والمشرق الإسلامي كازدياد نفوذ الأتراك، وغياب شخصية طاهرية قوية في الفترة التي تلت وفاة عبد الله بن طاهر بن الحسين، ثم جاءت القوة السامانية التي تمكنت من التغلب على الصفاريين وضمت خراسان إلى أملاكها، وحلَّت محلَّ الطاهريين والصفاريين على حدٍ سواء.