الاستشراق الفني و تأثره بالاسلام "الفنان الفرنسي ناصر الدين دينيه أنموذجا"

تاريخ النشر

2024-1

نوع المقالة

مقال في مجلة علمية

عنوان المجلة

المؤلفـ(ون)

سعاد بشير محمد الخراز

ملخص

ربما لا يكون جديداً ان نقول: ان الاستشراق الفرنسي قد بدأ منذ قرون عدة ووصلت ذروته في نهايات القرن الثامن عشر وبدايات القرن التاسع عشر. حيث شهدت هذه الفترة اندفاعيه حماسية في مضمار الاستشراق بسبب إصرار الجيوش على اصطحاب أعداد كبيرة من الرسامين والعلماء والدبلوماسيين في حملاتها المختلفة نحو الشرق. لقد ساهمت الدراسات الشرقية المتنوعة في زيادة حمى الاستشراق، بما تناولته من بحث في الحضارة المصرية القديمة وحضارة بلاد الرافدين وعلوم الآثار الشرقية والتاريخ والحضارات العربية والاسلامية إلى جنب آسيا في الهند والصين واليابان. كما أقيمت المعارض الفنية للتحف الشرقية ورسوم ومنمنمات المخطوطات في مختلف بلاد أوربا وفي فرنسا على وجه المخصوص، وهي المعارض التي شجعت وزادت من حماس الكثيرين لزيارة الشرق والتعرف عليه والكتابة عنه والتأثر به فنياً بأجوائه الساحرة. ولقد كان لمتحف اللوفر، ومتحف الفنون الزخرفية في باريس الاثر الاكبر على تأثر غالبية فناني فرنسا بالشرق وجمالياته. وكذلك كان لظهور (ألبومات) المكتشفين الاوائل والفنانين الذين زاروا مناطق الشرق وترجمة كتب الادب والتاريخ والفلسفة الشرقية، أثر كبير في تطور فهم الشرق وفنونه. لكل هذه العوامل أصبح الاستشراق دافعاً لكثير من فناني فرنسا للقيام برحلاتهم إلي المغرب العربي وخاصة بعد عودة (ديلا كروا) الشخصية الرومانسية الابرز في ميدان الاستشراق الفني، حيث وضع الاستشراق محط أنظار وطموح سلسلة متتابعة من أجيال الفنانين الفرنسيين. وعدا الاستشراق مرادفاً للحركة الرومانسية وتياراً رئيسياً في فن التصوير الفرنسي والذوق السائد والموضة الغالبة لمعارض وصالونات باريس الفنية. ومن بين هؤلاء يبرز أحد الفنانين المغرمين بطبيعة وأجواء الشرق الجميل تعد قصة انتمائه إلى الشرق نموذجاً للعشق الخالص. ويكفي أن نعلم أنه أصر على تغير اسمه ليكون ناصر الدين دينية بعد أن كان (ايتيان دينيه). .. فمما لا شك فيه أنه ليس كل ما صّور به الشرق كان يتوخى الاذى، ثمة عقول أوروبية استطاعت أن تكتشف الروابط الانسانية المشتركة بين الشرق والغرب، من هؤلاء كان (بلانتBlunt) الذي دافع عن حقوق الشرق وبقوة حيال أمته هو ... كما كان هناك العديد من الرسامين مثل (فرومانتان Fromentin) و (رينوارRenoir) وما يتيس (Matisse) الذين ابهجهم لشرق فازدادوا بذلك ثراء فنياً. ورغم أنه كان لدى الغرب تصميم على تسجيل جميع سمات الشرق بهدف تسهيل مشاريع الاستعمارية، كان لدى بعض الافراد في الوقت ذاته اهتمام أصيل ونزيه الحقيقة الشرق كما تبدت لهم. وقد ساهم هؤلاء في توسيع المعرفة الانسانية دون أن تعيقهم الرؤية التي ورثوها... (1)