ملخص
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. ألا وإن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. أما بعد: فهذه أحكام وقواعد في فقه المواريث، كنت قد أعددتها لدورة تدريبية لطلبة العلم بمدينة هون، جمعتها في فصول– رغبة من بعضهم - للاستفادة والاستزادة، فأضفت على الأحكام فيها أدلتها الشرعية، وعززتها بالضوابط والأمثلة والجداول؛ وأصغتها بأسلوب مناسب لتكون في هيئة كتاب لطلاب العلم في الكليات والثانويات والمعاهد، سميته «الرشيد في المواريث»؛ وذلك أنَّ علم الفرائض الذي هو علم المواريث، من العلوم الشرعية التي ينبغي لطالب العلم أن يعتني بها؛ لأهميته شرعاً ولقلة المشتغلين به من العلماء فضلاً عن طلاب العلم. وهو علمٌ سهلٌ ميسرٌ لمن رامه وابتغاه، أصوله مفروضة، وقواعده محصورة، وفوائده معلومة، وقد تكفّل المولى عز وجل من فوق سبع سماوات وضع قواعده وأحكامه، إلا النزر اليسير منه جاءت به سنة النبي ، أو جاء اجتهاداً من صحابته رضوان الله عليهم. وهذا العلم فنٌ يقوم على أساسين هما: (الفقه والحساب). والمراد بالفقه: معرفة المقدمات لهذا العلم من شروطه، وأركانه، وأسبابه، وموانعه، ومَن هم الوارثون من الرجال، ومن هُنَّ الوارثات من النساء، ومن يرث فرضاً ومن يرث تعصيباً، وما شروط كل واحد منهم، ومن يُحجب ومن لا يُحجب. والمراد بالحساب: معرفة كيفية تقسيم التركة على أصحابها باستخراج أصل المسألة وتصحيحها إن احتاجت لتصحيح، وما يتبع ذلك من رَدٍّ، وعولٍ، ومناسخاتٍ، إلى آخره. ولا شك أن المصنفات في هذا العلم وافرة، وقد ألَّفَ جماعةٌ من أهل العلم كتباً كثيرة في هذا العلم ما بين منثور ومنظوم، وألّفوا رسائل في أبواب خاصة منه، إلا أني أشعر – وخاصة بعد تجربة تدريسه لطلبة العلم- بأنّ في هذا الكتاب تبسيط ووضوح في إيصال المعلومة، وسهولة العبارة، وشمول الضوابط والأمثلة، مما يجعله أسرع فهماً، وأسهل حفظاً، ويعين على الاستيعاب من أول مرة. وقد أدرجت بعد كل فصل من فصول هذا الكتاب الأبيات المعنية من منظومة «الرحبية» لأبي عبد الله محمد بن علي الرحبي رحمه الله، وهذه المنظومة عليها شروح وحواشي كثيرة يمكن الرجوع إليها. كما راعيت في هذه الأحكام والقواعد والضوابط الاختصار قدر الإمكان، وأوجزت الشرح في مسائل الخلاف، واقتصرت فيه على ما ذهب إليه الإمام مالك رحمه الله؛ لأنه المذهب السائد في البلاد، وهو المعمول به عرفاً، وفي القوانين، والمحاكم، وحذفت واختصرت كثيراً مما لا يحتاج إليه الطالب، وله أن يعود للمراجع والمصادر مسترشداً بهذا الرشيد؛ لتتسع مداركه، ويستزيد من هذا العلم المبارك خيراً كثيراً، وقد أضفت على الطبعة الثانية توضيحات وتصحيحات، ومزيد أمثلة وشروح في بعض الفصول؛ من ذلك إضافة مسألة المعادة في فصل ميراث الجد مع الإخوة، ومسائل في التنزيلات، وتمارين بعد كل فصل يستعين بها الطالب. راجياً من الله عز وجل أن يكون ما جمعته وأعددته فيه خالصاً لوجهه الكريم، وأن ينتفع به طالب العلم؛ فيسترشد به المبتدئ، ويتذكر به المنتهي. ونسأل الله أن يبارك في هذا الإصدار، ويعمّ به القبول في الأرض والسماء. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم إلى يوم الدين.