ملخص
احتلت علوم الدلالة اللغوية منزلة من أرفع المنازل عند أبي حيان الأندلسي ( ت 745 هـ ) ، فوظف اللغة لخدمة القرآن الكريم وتبيان معانيه ، واعتنى بالمفردة القرآنية من جميع زواياها الدلالية ، وما يحدثه وجودها وترابطها من تأثير في المعنى ، واهم اهتماما كبيرا بالتركيب النحوي وإضاءاته ، ولم يغفل عن دلالة السياق القرآني في توجيه المعنى واستنباط الأحكام ، فجاء تفسيره معبرا عن روح المفسر النحوي واللغوي الواعي ، الذي أدرك أنه لا سبيل إلى الاجتهاد في التفسير إلا بفهم اللغة العربية فهما واعيا ودقيقا ، ومن هنا وقع الاختيار على دراسة الدلالات اللغوية في تفسير البحر المحيط ، في محاولة لوضع لبنة في هذا الصرح العظيم ، الذي تعاقب عليه العلماء ، ووهبوا أنفسهم لإبراز هذا الجانب من جوانب علوم القرآن الكريم . ويقوم البحث علة محاولة الكشف عن الدلالات اللغوية وعلاقاتها وأثرها بتفسير الحر المحيط لأبي حيان ، وحين نطلق مصطلح ( الدلالة ) فإن المراد دلالات اللغة بمفهومها الواسع التي تشمل الدلالة الصوتية ( المعجمية ) ، والدلالة الصرفية ( الصيغة ) ، والدلالة النحوية ( التركيب النحوي ) ، التي تؤثر جميعها في المعنى ، دلك أن الدلالين لم يحصروا الدلالة اللغوية في مجرد دلالة اللفظ وإنما جلوه علما على كل ما يتعلق بإشعاعات المعنى وإيحاءاته والذي سموه معنى المعنى ، وطبقت هذه الدراسة على السور السبع الأولى من القرآن الكريم بدءا من سورة البقرة إلى سورة الأنفال . فاستقر عنوان البحث على ( الدلالة في تفسير البحر المحيط ) ، دراسة المعنى واختلافه والاختلاف فيه في التفسير وربطه بأنظمة اللغ ( الصوت والصرف والنحو ) . وتكمن أهمية هذه الدراسة في إبراز جهود أبي حيان وما تفرد به من آراء ؛ للوقوف على إسهاماته وإضافاته في المجال الدلالي ، وذلك بهدف الكشف عن إسهامات المفسرين من خلال تفاسيرهم ، ولتوضيح اهتمامهم بعلوم اللغة ، وللتعرف أيضا على ما أسهمت به كتب التفسير في الجانب التطبيقي للغة العربية ، ومدى تأثير أنظمة اللغة في التفسير ، ومعرفة ما تضيفه من معان وتحليلات وتوجيهات للنصوص القرآنية ، ووإبراز الفرق بين القراءات القرآنية ، وتوجيه اختلافاتها من ىخلال ما يترتب على تغيير بنيتها من تغيير دلالي . ومن ناحية أخرى فإن هذه الدراسة تحاول أيضا الوقوف على الجانب التطبيقي لقواعد اللغة العربية ، وتطبيقها على النص القرآني بقراءاته المختلفة ، ومعرفة مقدار ما تسهم به من جانب إيجابي في تفسير النص القرآني ، كما أن هذه الدراسة تعد اختبارا عمليا للعديد من قواعد اللغة ، وتبحث من الجانب العملي مدى صحة هذه القواعد ، ومدى استفادة المفسرين منها في بيان أوجه الخلاف بين القراءات وأثرها في تنوع الدلالة . وقد كان المنهج المتبع في هذه الدراسة هو المنهج الوصفي الذي يكمن في عرض الدلالات المختلفة وتصنيفها وتبويبها وتوثيقها ، والمنهج التحليلي ويتمثل التحليل للأقوال والآراء في الموازنة والتأييد والمعارضة . واشتملت الدراسة على : مقدمة ، وتمهيد : وتم الحديث فيه عن مفهومي علم الدلالة والمعنى عند علماء اللغة القدماء والمحدثين ، وعن العلاقة بين المعنى وأنظمة اللغة ، على أربعة فصول على النحو الآتي : الفصل الأول : الدلالة الصوتية ، واشتمل على : دلالات العلامة الإعرابية ، ودلالات التنوين ، ودلالات الوقف ، ودلالات تخفيف الهمزة ، ودلالات الإعلال ، ودلالات الإبدال ، ودلالات القلب المكاني، الفصل الثاني : الدلالة الصرفية ،واشتمل على : الدلالة الزمنية في الأفعال ، ودلالات أبنية الأفعـال ( المجرد والمزيد فيه ) ، ودلالات المشتقات ، ودلالات الجمع والتثنية . الفصل الثالث : الدلالة النحوية ، واشتمل على : دلالات التقديم والتأخير ، ودلالات الحذف ، ودلالات حروف المعاني ، ودلالات الأساليب . الفصل الرابع : العلاقات الدلالية ) ، واشتمل على : دلالات الترادف ، ودلالات المشترك اللفظي ، ودلالات المجمل . وعلى خاتمة : اشتملت على أهم نتائج البحث .