ملخص
إن دراسة الاطفال من الدراسات المعقدة , لانها تواجه مشكلات منهجية وأخرى موضوعية , حيث لاتزال ادوات البحث في هذا المجال لاتمتلك الكفاءة في القياس الذي يمكن ان يصل بالنتائج الى الدقة والتعميم والموضوعية نظرا لصعوبة إخضاع الاطفال لشروط منهج التجريب ولعدم قدرة الاطفال على التعبير عن انفسهم عندما نحاول الحصول على إجابات , أو عدم قدرتنا على فهم مضمون تعبيراتهم بالدقة المطلوبة , وعدم إمكانية أنماط الظواهر المراد التقصي عنها عن تأثيرات خارجية أخرى كثيرا ما تلعب دورا في تضليل المشتغلين بالعلم أنفسهم. ومن المشكلات الاخرى ان الاطفال يختلفون فيما بينهم وراثيا وبيئيا وثقافيا . فليس هناك طفلان يتشابهان تشابها تاما , لان لكل طفل صفاته الخاصة وخبراته , لذا فإن بعض العلوم , وخاصة علم الاجتماع , أبعد نفسه عن هذه المشكلة , وركز على التشابهات وحدها . أما الدراسات الخاصة بالطفولة في الوطن العربي , فلا تزال للأسف شديدة الضيق , ومع ان منها ما تصل به المنهجية الى مستوى المعرفة العلمية , إلا ان هناك دراسات كثيرة ضالة , ومضللة . حيث أن البعض منها إعتمد أدوات بحث لاتلائم طبيعة دراسة الطفولة. ويلاحظ أن أكثر الدراسات العربية عن الاطفال هي رسائل جامعية اراد بها واضعوها نيل الدرجة العلمية ثم إلقائها بعد ذلك على الرفوف . ومع أن هناك هبة نلمسها جميعا للعناية بالطفولة إلا أن كل منا يعمل بمعزل عن الاخر وحين نلتقي في ندوة علمية نجد انفسنا شئنا ام ابينا في خضم العلم , ثم نبداء بعدها السباحة في عالم الاجتهاد الفردي المضلل فينزوي العلم جانبا , وفي هذه اللحظات تنزلق أكثر النفوس لان هناك موهبة للذين جعلو من الكلام سلعة لهم , أما الذين يحملون العلم فلا يمتلكون مواهب , إلا انهم يعلمون كيف يفكرون بشكل منهجي هادف ومنظم وموضوعي . ومما يثير الاسى هو ان طرح المسائل الجادة والحيوية والملحة غالبا ما يقابل بالتثائب من قبل الكثيرين , وهكذا ظلت جوانب عديدة خافية حول طفولتنا . وإزاء النقص الشديد في دراسة الطفل العربي, لم يجد بعض كتاب الاطفال إلا الاستعانة بالدراسات الاجنبية , أو الركون الى المحاولة والخطأ , أو الاستناد الى ما هو شائع بصرف النظر عن صحته أو خطئه. وبوجه عام يمكن القول إن دراسة الطفولة في مجتمعنا , لم تتناول الا موضوعات محددة , وكانت مجالاتها الزمانية والمكانية ضيقة , كما ان الادوات والطرق التي إستعان بها الباحثون إفتقدت الى التنوع وجاء بعضا منها مكررا للاخر ومع اننا نميل الى وجوب التعاون مع كل ظاهرة جديدة . ويبقى السؤال ... ما هو سبيل النجاح لبناء طفولة هادئة مستقرة تقوم على المعرفة التربوية المنظمة وتدفع الطفل الى إكتساب الخبرات التي تمكنه من مواجهة ظروف الحياة المتقلبة بجميع انواعها؟