ملخص
تجمع الدراسات المصطلحيّة على أنَّ المصطلحات تمثِّل مفاتيح العلوم، وهي نواة وجودها، ولا يمكن أن تُؤسّس مفاهيمها ومعارفها دون ضبط هذا الجهاز المصطلحي، فبهذه المصطلحات يُرمَز ويُعبَّر عن المفاهيم، ولمّا كانت المصطلحات بمنزلة الدّوال والعلامات، والمفاهيم بمنزلة المدلولات، كانت ثمة علاقة وطيدة بين المفهوم والمصطلح، وكلّما تعدّدت المفاهيم تعدّدت المصطلحات الّتي تعبّر عنها، وكلّما زادت أهميّة هذه المفاهيم قابلتها الحاجة إلى علم يتكفّل بحفظها وتدوينها؛ لغرض تهيئتها للاسترجاع عند الطلب، يتبادر في ذهن الكثيرين بأنّ المفهوم والمصطلح من المترادفات اللفظيّة، فالبعض يظنّ بأنّهما مترادفان، والبعض الآخر يظنّ أنّهما واحد، والبعض يظنّ بأن بينهما علاقة العموم والخصوص المطلق، واعتقادات كثيرة بعيدة عن حقيقتها، سببها اللبس في أصل الوضع؛ ويرجع ذلك بالأساس إلى التوسع في إطلاق المفهوم؛ ممّا أفضى إلى اختلاطه بغيره، وعدم استقلاله بحدود معرفيّة فاصلة، ولأهمية الموضوع أردنا من خلال هذا البحث أن نقف على العلاقة الّتي تربط المفهوم بالمصطلح، إلى جانب علاقة الثاني بعلم التوثيق؛ باعتباره العلم الّذي ساهم في تطور علم المصطلح، واتساع مجالاته، فهو الّذي يؤمّن للمصطلحات استرجاع نصوص التراث، والاستفادة منها في البحث عن بنية المصطلحات كما كانت في تلك النصوص، ممّا يضيف معلومات دقيقة في صناعة مصطلحات حديثة.