السلوك التصويتي للدول دائمة العضوية .في مجلس الأمن الدولي

تاريخ النشر

2015

نوع المقالة

رسالة ماجستير

عنوان الرسالة

كلية الاقتصاد و العلوم السياسية - جامغة طرابلس

المؤلفـ(ون)

يحيى الضاوي محمد سلحب

ملخص

تناولت هذه الدراسة بالشرح والتحليل ظاهرة السلوك التصويت للدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، هذا المجلس الذي جاء تجسيد لفكرة الأمن الجماعي، وقد تتبعت هذه الدراسة ظهور وتشكل فكرة الأمن الجماعي من مراحلها البدائية إلى أن تحولت إلى حقيقة واقعة في مجلس الأمن الدولي، الذي اصبح المرجعية العالمية لحفظ الأمن والسلم الدوليين ونشر الوئام والاستقرار بين شعوب الأرض، بيد أن تطبيق فكرة الأمن الجماعي بالرغم من مثالية الطرح الذي تقدمه - لن تحظى بالنجاح ما لم تكن آليات تنفيذها بمستوى الإطار النظري الذي أوجد تلك الفكرة . لذلك استهدفت هذه الدراسة بالبحث والتحليل لعملية صنع القرار في مجلس الأمن الدولي عن طريق اخضاع السلوك التصويتي للدول دائمة العضوية للدراسة والتمحيص، حيث تناولت هذه الدراسة بالبحث والتحليل لذلك السلوك الذي يظهر في عملية التصويت إما بالرفض عن طريق استخدام حق النقض الفيتو أو بالامتناع عن التصويت أو بالموافقة، وما يترتب عن ذلك السلوك من مخرجات والتي تبين أن لها بالغ الأثر على مسألة حفظ السلم والأمن الدوليين؛ وقد توصلت هذه الدراسة إلى نتائج وتوصيات محددة وهي كما يلي:أولاً: نتائج الدراسة من خلال هذه الدراسة تبين لنا أن السلوك التصويتي للدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي من الأهمية بمكان، لا سيما في مسائل حفظ السلم والأمن الدوليين وذلك لارتباط عملية التصويت بتدابير الأمن الجماعي على الأرض، حيث لن تظهر تلك التدابير على أرض الواقع إلا عبر قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي، والقرار لا يمكن أن يصدر إلا من خلال آليات صنع القرار والتي يعتبر التصويت أحد ابرز واهم ألياتها، ومع تمتع الدول دائمة العضوية بحق النقض ( الفيتو ) جعل من سلوكها التصويتي له قيمة قانونية وسياسية اكبر بكثير من قيمة باقي الاصوات في المجلس، بل حتى امتناعها عن التصويت يعتبر له قيمة سياسية كبيرة ، فلو امتنعت أو رفضت أي دولة من الدول التي لا تملك حق النقض قراراً معين لايشكل ذلك قيمة قانونية أو سياسية؛ ولن يلتفت إلى سلوكها التصويتي إلا إذا ساندتها دول اخرى اعضاء في المجلس وفاق عددهم الست اصوات ، أما الصوت الواحد المنفرد أو الصوتين إلى الست أصوات لا يلتفت إليها ولا قيمة قانونية أو سياسية لها.في المقابل نجد من خلال هذه الدراسة أن اعتراض صوت واحد من الدول دائمة العضوية على قرار لحظة صدوره يلغيه ، أما في حال امتناع أحد أعضاء الدول الدائمة عن التصويت يجعل من القرار الخاضع للتصويت يتحصل على فرصة أن يرى النور فيما لو تحصل على النصاب القانوني، لذلك نجد أن السلوك التصويتي للدول دائمة العضوية له قيمة قانونية وسياسية بالغتين. وقد تبين من خلال هذه الدراسة أن السلوك التصويتي للدول دائمة العضوية يخضع لاعتبارات المصلحة القومية لهذه الدول وقد أمكن التحقق من وجود هذه الاعتبارات المصلحية في عدة مواضع نذكرها فيما يلي :الصراع في مجلس الأمن : أن استخدام حق النقض ( الفيتو ) عند التصويت على القرارات لم يكن إلا تعبير عن حالة صراعية على المصالح القومية بين الدول الدائمة في المجلس ودل على أن العضو المستخدم لحق النقض ( الفيتو ) لم يجد وسيلة أخرى للحفاظ على مصالحه القومية إلا باستخدامه . ثم إن تمتع الدول الدائمة العضوية بحق النقض (الفيتو) وهو السلوك التصويتي الأبرز-الدافع من وراءه المصلحة القومية الصرفة لهذه الدول فهي ارادت من خلاله منع صدور أي قرار يلحق الضرر بمصالحها حتى ولو قوض سلوكها تدابير الأمن الجماعي وعرض السلم والأمن الدوليين للخطر المساومة في مجلس الأمن: أن الامتناع عن التصويت يعبر عن سلوك سلبي يتخذه العضو الدائم نتيجة لعدم حصوله بشكل متساوي مع الاعضاء الاخرين على العوائد المصلحية الناتجة عن صدور القرار إلا أنه قبِل عدم عرقلة صدور القرار، مكتفي بالقدر المتحصل عليه من المكاسب المصلحية التي وجد ربما أنها تتحقق نتيجة اتخاذه ذلك السلوك، والتي يكون اقلها هو ضمان عدم تضرر مصالحه القومية نتيجة صدوره. العضوية الدائمة : من المعلوم ارتباط العضوية الدائمة بالسلوك التصويتي ارتباط وثيق بمعنى العضو الدائم له صوت دائم، فوجود دول دائمة العضوية في المجلس لم يكن لأسباب تنظيمية أو أملتها دواعي قانونية، بل أن الاعتبارات المصلحية هي التي أوجدت هذا التقسيم في مجلس الأمن الدولي ، فالدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية أردت أن يكون لها اليد الطولي في نظام الأمن الجماعي الجديد المزمع انشاؤه حينذاك واستطاعت هذه الدول من خلال هذا التقسيم أن تحل المعضلة المتمثلة في المزاوجة بين المساواة بين الدول الاعضاء صغيرها وكبيرها والوزن الفعلي للدول على الساحة العالمية وامكن أن يكون لسلوكها التصويتي دور حاسم في اتخاذ القرارات. ثم إن احتكار العضوية الدائمة لعدد محدد من الدول للعضوية الدائمة والنص على هذه الدول في الميثاق دون وضع معايير محددة لنيل العضوية الدائمة دل بوضوح عن النزعة المصلحية لهذه الدول والتي ضمنت ديمومة وجود صوتها في المجلس.كذلك تبين من خلال هذه الدراسة أن اختلاف السلوك التصويتي بين الدول دائمة العضوية يؤدي إلى عرقلة أو اضعاف تدابير الأمن الجماعي على الأرض وذلك على النحو التالي:احباط تدابير الأمن الجماعي : ففي حال كان الاختلاف شديد بين الدول دائمة العضوية مما يضطر بعض من هذه الدول إلى استخدام حق النقض ( الفيتو ) الأمر الذي يؤدي إلى فشل المجلس في اصدار قرار يفضي إلى تدابير تحقق عملية حفظ السلم والأمن الدوليين مما ينعكس على تدابير الأمن الجماعي بالإحباط نتيجة عجز المجتمع الدولي القيام بعمل ما يعيد السلم إلى نصابه ويوقف العدوان .هشاشة تدابير الأمن الجماعي: وفي حال كان الاختلاف اقل شدة بين الدول دائمة العضوية ، نجد بعض هذه الدول تتخذ موقف سلبي وتمتنع عن التصويت الأمر الذي يؤدي إلى ضعف التدابير على الارض وذلك من جانبين : تأتي صياغة القرار في الغالب فضفاضة وضعيفة بغية تمريرها وعدم استخدام حق النقض ( الفيتو ) لعرقلة صدوره من قبل الاعضاء اصحاب المصلحة الأقل في صدور القرار وبالتالي يكون سلوكهم اقل حدة ويكون على شكل امتناع عن التصويت. يغيب التحرك المشترك ما يجعل عملية تنفيذ القرار تتسم بالقصور والضعف بسبب تغليب المصالح القومية للدول المنفذة للقرار على المصلحة المشتركة التي تهم المجموعة الدولية. كذلك تبين من خلال الدراسة أن القرار 1973 لسنة 2011 قد صدر وفق التفاعل التنافسي للمصالح القومية للدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي لذلك، نجده لم يحظ بالأجماع لغياب المصلحة المشتركة لدى الدول دائمة العضوية في القرار وهو ما ترتب عليه النتائج التالية:موافقة ثلاثة اصوات دائمة على صدور القرار وامتناع صوتين .ضعف صياغة القرار وضبابية التدابير المنصوص عليها في القرار وعدم النص على آليات محددة للتنفيذ.هشاشة تدابير الأمن الجماعي، حيث غابت عن القرار الخطوات الواجب اتخاذها لإعادة السلم إلى نصابه.عدم تنفيذ القرار وفق ألية مشتركة كما نص الميثاق بل اقتصر التنفيذ على الدول المؤيدة لصدوره.أوجد القرار نتيجة صياغته الفضفاضة نوعاً من الصراع الخفي على النفوذ بين الدول المنفذة للقرار.