النشاط الاستيطاني الزراعي الروماني في ولايات شمال أفريقيا للفترة (133 ق. م - 337م)

تاريخ النشر

2009

نوع المقالة

رسالة ماجستير

عنوان الرسالة

كلية الآداب - جامغة طرابلس

المؤلفـ(ون)

نادية جمعة ذغمان

ملخص

بعد أن ناقشت الدراسة فصولها ومباحثها ما طرحته من فرضيات، وحاولت الإجابة عن ما صاغته من تساؤلات بغية إيجاد حل للإشكالية المراد سبر غورها وفهم جوهر تركيبها وتفكيكه إلى جزئيات يُعاد تجمعيها وإعادة قراءتها حتى يمكن استيعابها، خلصت إلى: إن فكرة الاستيطان الزراعي الروماني بولايات الشمال الأفريقي لم تكن بداية لممارسة الزراعة في المنطقة، بل أن ذلك يعود إلى فترة العصور الحجرية وممارسة القبائل المحلية للنشاط الزراعي ودور الفينيقيين القرطاجيين في تطوير هذا النشاط حتى مجيء الرومان واستغلال هذا النشاط وتطويره والمحافظة عليه إلى نهاية حكم الأسرة السفيرية. إن هدف الرومان من المجيء إلى شمال أفريقيا كان القضاء على قرطاج، وذلك للسيطرة على كافة المقدرات الاقتصادية المتمثلة في الطرق التجارية البحرية والممرات في البحر الأبيض المتوسط، والتحكم في أراضيها الزراعية لتوفير احتياجات روما من المواد الغذائية، والعمل على احتلال أراضي جديدة لزيادة الإنتاج. أن الأهمية الاقتصادية للولاية الأفريقية بالنسبة للرومان تتضح في استيلائهم على الأراضي وتوسعهم فيها، إلا أن ذلك لم يظهر واضحاً على السطح في بداية احتلالهم للمنطقة، على الرغم من أنه لم يجـذب اهتمام الرومان للمنطقة إلا باعتبارها منتجة للقمح الـذي كانت زراعته حتى نهاية القرن الأول الميلادي هي الزراعة الوحيدة التي لاقت تشجيعاً من قبل السلطـات الرومانية نظـراً لاعتمـاد روما الأساس في غذائها على القمح الأفريقي. كما تتضح أهمية العامل الاقتصادي، خاصة الأرض الأفريقية من سعي الأباطرة والأسر الارستقراطية الكبيرة على امتلاك مساحات شاسعة من الأرض المنتجة واستغلال خيراتها وسكانها، فجميع الحروب والحملات التي شنت، والثورات المحلية التي أخمدت كانت أسبابها مصادرة مساحات واسعة من أراضي القبائل المحلية، والتي نتج عنها تحول أغلب مالكيها الأصليين إلى الإقامة فيها باعتبارها من الأملاك العامة، وبالتالي إجبارهم على العمل بها أو دفع أتاوات وضرائب أو النزوح إلى المناطق الصحراوية. كما يتبين الدور الذي أدته التحصينات الدفاعية التي أنشأها الأباطرة الرومان في إخماد وإنهاء هجمات القبائل ونشر الاستقرار، بالإضافة إلى دورها الاقتصادي المتمثل في المحافظة على المساحات الشاسعة من الأراضي الزراعية المنتجة، فظهرت هذه التحصينات بشكلها الكامل في فترة حكم الأسرة السفيرية التي تمكنت من الوصول إلى أقصى نقطة في الصحراء زمن الاحتلال الروماني، حيث عمل أباطرتها على بناء الكثير من التحصينات وأقاموا المزارع المحصنة كخطوط دفاعية. إن الرومان رغم الوجه القبيح لاستعمارهم ومحاولات اضطهاد السكان المحليين، واستخدامهم العنف والقمع المفرط ضدهم، إلا أنهم طوروا جوانب حيوية في المنطقة خاصة في مجال الزراعة والري وإقامة السدود، والمدخلات المتعلقة بالإنتاج الزراعي من أدوات وبذور وصناعات تحويلية. وذلك على الرغم من كون أن كل ذلك كـان يتم لمصلحتهم إذ اعتبروا شمال أفريقيا منطقة استيطانية دائمة ضمن إمبراطوريتهم، وأن إقامتهم فيها دائمة. اتضح للدراسة أن عدم التوافق الثقافي بين الوافد والمقيم، خاصة في المعتقد، كان له دور في إذكاء الروح الوطنية في المقاومة، فانظم الرافضون للسيطرة الاستعمارية الرومانية إلى الحركة الدوناثية في رفضها ومقاومتها للرومان. إن مقاومة الأهالي وثوراتهم قد أثر سلباً على الطموح الروماني في تحويل المنطقة إلى مزرعة خاصة بروما ترفدها بما تحتاجه من محاصيل ومنتجات زراعية أخرى، خاصة بعد انهيار الأسرة السيفيرية، وذلك رغماً عما بذله الأباطرة الرومان وحكام الولايات الأفريقية من جهود في المجال الزراعي وعمليات الري والطرق والعمليات العسكرية المختلفة، فإن المنطقة لم ترضخ لأحلامهم في الإقامة الدائمة.