الهجرة غير الشرعية عبر شمال غرب الجماهيرية خصائصها وأسبابها ونتائجها في الفترة ما بين 1980 – 2010 م

تاريخ النشر

2011

نوع المقالة

رسالة دكتوراة

عنوان الاطروحة

كلية الآداب - جامغة طرابلس

المؤلفـ(ون)

مراد سالم محمد الزائدي

ملخص

وتعتبر الهجرة خاصية إنسانية سكانية تتمثل في الانتقال من مكان إلى آخر إما بحثا عن حياة أفضل أو هروبا من وضع سيئ، هذه الخاصية الديموغرافية المتمثلة في حق التنقل تم الاعتراف بها عالميا منذ أكثر من ربع قرن ضمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ومن الناحية الاقتصادية يمكن أن يكون للهجرة المنظمة مردودا إيجابيا كبيرا سواء على المجتمعات المرسلة أو المستقبلة لها بما في ذلك نقل المهارات وإثراء الثقافات، ولكن بقدر ما يسهم المهاجرون في بناء المجتمعات المضيفة بقدر ما يمثل ذلك خسارة في الموارد البشرية لدول المهاجر منها أي ما يعرف بهجرة العقول والكفاءات. كما أنّ الهجرة قد تتسبب في خلق توترات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية في البلدان المستقبلة للهجرة، وهو ما جعل موضوع الهجرة الدولية ينتقل إلى صدارة الاهتمامات الوطنية والدولية، وأصبحت الهجرة الوافدة من المسائل المقلقة لعدد متزايد من الدول، الأمر الذي حذا بهذه البلدان لاسيما في السنوات الأخيرة إلى تشديد الإجراءات تجاه المهاجرين إليها وطالبي حق اللجوء. تبين من الميدانية الخاصة بالمهاجرين غير الشرعيين عبر شمال غرب ليبيا إلى أوروبا المدى الذي قد يرغب الأشخاص في الذهاب إليه للهروب من مجموعة متنوعة من المشاكل الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية التي يواجهونها في بلدانهم وأثناء اجتيازهم للصحراء أو ركوبهم القوارب بالبحر المتوسط. وتؤكد الدراسة الميدانية كذلك أن قرارات الهجرة تحركها في الغالب مجموعة من المحاولات لاكتساب السلامة البدنية بالهروب من الاضطهاد والأمن الاقتصادي، ويصف الكثير ممن يرغب في الهجرة لأسباب اقتصادية واجتماعية إحساسهم بالاضطرار إلى مغادرة أوطانهم بسبب درجات الإحباط المرتفعة في الداخل، وبسبب الضغوط الاجتماعية والأسرية التي تدفعهم إلى الهجرة حتى وإن كان معنى ذلك هو المخاطرة بحياتهم. وهناك شبه إجماع دولي على أنّ مشكلة الهجرة غير الشرعية في منطقة البحر المتوسط ليست من ذلك النوع الذي يمكن معالجته بسهولة، كما أن الإجراءات التشريعية والأمنية المشددة بما في ذلك الإعادة القسرية للمهاجرين غير الشرعيين لن تحول دون تدفق المزيد من المهاجرين من جنوب وشرق المتوسط إلى شماله وان إقامة مزيد من الحواجز أمام هذه الهجرة أمرًا غير مستطاع أو مرغوب فيه في ظل سياسة الاعتماد المتبادل وتحرير الأسواق وانفتاحها وحرية انتقال رؤوس الأموال والأفراد. لذا يحتاج علاج موضوع الهجرة غير الشرعية إلى سياسات واستراتيجيات محددة واضحة المعالم لعل أولها التركيز على التنمية الاقتصادية والبشرية والبيئية والسياسية الشاملة والمستديمة للحد من الهجرة وتحفيز السكان على الاستقرار في بلدانهم والحد من هجرة العقول والمهارات البشرية، أي علاج دوافع الهجرة وتحسين نوعية المهاجرين ليكون المردود أفضل بالنسبة لدول الإرسال والاستقبال والمكانة اللائقة في المهجر، كما يجب استمرار المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي ودول جنوب المتوسط في هذا الشأن واستحداث آليات لتحسين أوضاع المهاجرين والحد من الهجرة غير الشرعية وفتح قنوات للهجرة القانونية المنظمة والمساهمة في تنمية الدول المرسلة لتيارات الهجرة ومساعدة دول الجنوب المتوسط في الحد من الهجرة الأفريقية عبر أراضيها. وقد أكدت ليبيا أنّ ربط قضية الهجرة بالتنمية هي البداية الصحيحة لإيجاد الطرق والوسائل للتعامل مع هذه القضية، وقد نبه الأخ قائد الثورة رؤوساء دول الاتحاد الأوروبي في قمتهم بإشبيليا في أسبانيا عام 2002 بأن الحلول الأمنية وحدها لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تشكل حلاّ عمليا للمشكلة أو وقف زحف الطامحين للهجرة إلى أوروبا من أفريقيا وغيرها، وأنّ الحل العملي والواقعي يكمن في إقامة مشاريع تنموية اقتصادية وصناعية واجتماعية في البلدان المصدرة للهجرة لتمكين الراغبين في الهجرة من البقاء في بلدانهم. وخلاصة القول: أن آفاق هذه الظاهرة والحلول المقترحة لها تمر حتما عبر الإرادة الصادقة لبلدان المهجر والبلدان المصدرة للمهاجرين، كما أنها ترتبط كذلك بوضعها في إطار تنموي تشاركي يصبح معه المهاجر حلقة إيجابية بين البلدان المستقبلة وبلدان المغادرة بدلاّ من النظرة الحالية التي ترى أنّ المهاجرين عبئ على الدول المستقبلة وخسارة للبلدان المصدرة. الآثار المترتبة على الهجرة الدولية غير الشرعية: إنّ تعّدد الدوافع للهجرة يعني أيضا تعدد الآثار المترتبة عليها سواء كانت هذه الآثار سلبية أو إيجابية، وسواء على المجتمعات التي تستقبل المهاجرين أو المجتمعات المهاجر منها، أو على المهاجرين أنفسهم، وتختلف تلك الآثار من حيث كونها آثارا ذات نتائج سلبية أو إيجابية تبعاً لظروف كل من تلك المجتمعات ووفقا لأحوال المهاجرين أنفسهم وبالنسبة لليبيا بصفتها دولة عبور للعمالة المهاجرة نجد أن السلبيات تفوق الإيجابيات. إن الانتقال غير المسيطر عليه للمهاجرين غير الشرعيين إلى ليبيا خصوصا من بلدان جنوب الصحراء الأفريقية له آثار محتملة كالنشاطات الإجرامية وتدهور الوضع الصحي العام مع احتمال انتشار فيروس ومرض نقص المناعة المكتسبة والالتهاب الكبدي الوبائي والاضطراب الاقتصادي بسبب فائض العمالة الرخيصة والمصاعب الثقافية الناتجة عن التوترات المحتملة بين السكان الليبيين والأجانب.