ممارسة الخدمة الاجتماعية في المجال الطبي مع مرضى القلب وعلاقتها بتوافقهم الصحي والاجتماعي

تاريخ النشر

2011

نوع المقالة

رسالة ماجستير

عنوان الرسالة

كلية الآداب - جامغة طرابلس

المؤلفـ(ون)

نورية الطاهر محمد بن حسن

ملخص

انطلاقاً من الاهتمام المحلي، والدولي، والعالمي، في المجال الصحي والاجتماعي، وتوجيه العناية الخاصة في كلا المجالين وخاصة للأفراد المصابين بأمراض جسمية مزمنة بصفة عامة، والمصابين بأمراض القلب بصفة خاصة واللذين غالباً ما يصنفهم العلماء ضمن ذوي الاحتياجات الخاصة، على المجتمع أن يبادر بتوفير الخدمات الطبية، أو الرعاية الطبية، والنفسية والاجتماعية التي يتطلبونها، أو تتماشى مع احتياجات حالتهم المرضية. بالرغم من أن مرض القلب معروف منذ القدم وهو يصيب أعداد كبيرة من البشر، إلا أن الإصابة به في عصرنا هذا، أصبحت في تزايد مستمر على الصعيد العالمي، ففي العصر الحديث، تصنف أمراض القلب ضمن أمراض العصر، لتزايدها في العقود الأخيرة بشكل غير مألوف، من ناحية، ولارتباطها في بعض الدراسات بضغوط ومطالب الحياة المعاصرة من ناحية أخرى، ويطلق على هذه الأمراض، مصطلح الأمراض "السيكوسوماتية"، "النفسجسدية" وهى أمراض ذات أعراض جسمية عضوية، وذات أصل نفسي اجتماعي، أي نتيجة اضطرابات انفعالية، وضغوط وتوترات اجتماعية واقتصادية، فالقلب عضو رئيس وحساس للكائن البشرى بخاصة، تؤثر فيه الانفعالات تأثيراً شديداً، كالحب، والسرور، والحزن . . . . الخ، ومن المعروف الارتباط الوثيق بين كيمياء الجسم والحالات الانفعالية، وتأثير الإفرازات الهرمونية للغدد الصماء، مما قد يشكل عبأ على جهاز أو أكثر من أجهزة الجسم، مما قد يصيبها بعجز أو قصور في أدائها الوظيفي، والقلب هو أحد الأجهزة الذي يتأثر بهذه الظروف البيئية، والنفسية التي تسمى(الحياة المعاصرة) حيث الازدحام السكاني، ومشاكل النقل، وسوء التغذية، والتلوث البيئي، خاصة عند اللذين يعيشون في المدن مما ساعد في انتشار الأمراض السيكوسوماتية، أو ما يسمى بأمراض العصر. تعد الأمراض السيكوسوماتية من الاضطرابات التي توجهت إليها اهتمامات كل من علماء النفس، وعلماء الاجتماع، والأطباء، لما تشكله هذه الأمراض من منطقة ترابط بين البعد النفسي، والجسمي، والاجتماعي للإنسان، وقد زاد هذا الاهتمام في العقود الأخيرة من القرن العشرين، لما تمثله من خطورة، نتيجة لانتشارها السريع، وخاصة في المدن، والدول المتحضرة، وهذا لا يعنى أن فكرة تأثير الجسد بالانفعال فكرة حديثة، فمن القدم والعلاقة بين النفس والجسد، موضوع اهتمام العلماء والفلاسفة، باعتبار أن الإنسان وحدة لا يمكن النظر إليها من خلال جزيئات هذه الوحدة. وإذا كنا نقوم بالنظر إلى الإنسان من مستويات مختلفة، فإن هذه النظرة إنما هي نظرة تعسفية نقوم بها من أجل فهم الإنسان، ولكن على أبعاد جزئية رغم أن الموقف الواقعي يوضح أن الإنسان وحدة كلية، تتفاعل فيما بينها كل الأبعاد البيولوجية والنفسية، والاجتماعية، لذلك يجب عند التعامل المهني الصحي، والنفسي، والاجتماعي، مع هذه الأمراض ضرورة تناول شخصية الفرد بكل جوانبها، وفى مجالها البيئي وآليات التوافق والتفاعل مع مجالات الحياة، بمعنى أن لا يتم الاهتمام بجانب واحد من جوانب الشخصية، مثلاً الحالة الجسمية فقط، إنما أيضاً بالحالة النفسية والاجتماعية، التي قد تنعكس في بعض المشكلات التوافقية، النفسية والاجتماعية، وبما أن أمراض الأوعية القلبية ليست حديثة تماماً، إلاَّ أنها الآن تنتشر بشكل أسرع وأخطر من تاريخها السابق هذا ما تؤكده الإحصائيات التي أجريت خلال السنوات الأخيرة حول المصابين بأمراض القلب عن ارتفاع نسبة المصابين بهذا المرض خلال الفترة بين 2007 – 2009. ولما كان مريض القلب من المرضى الذين تترك مشكلاتهم الاجتماعية، والنفسية، والانفعالية تأثيرها الواضح على حالتهم الصحية، ما يتطلب التدخل المهني للاختصاصي الاجتماعي، إلى جانب الطبيب المعالج، والقيام بدوره الرئيسي في مساعدة هؤلاء المرضى في التخلص من مظاهر الاضطراب الذي يبدد طاقتهم، ويؤدي إلى تأخير الشفاء، كما يعمل الاختصاصي الاجتماعي على تبصير المريض بمشكلته، وشرح التوصيات التي يرى الطبيب ضرورة تنفيذها للتخفيف من تداعيات وأبعاد هذا المرض على مختلف المستويات. بالتالي نجد أن صميم هذه المشكلة تضعنا أمام تساؤلات ذات جذور عميقة وهي ما مدى مساهمة الخدمة الاجتماعية داخل المؤسسات الطبية في التخفيف من الآثار المترتبة على الإصابة بمرض القلب، سواء من الناحية الصحية، أو الاجتماعية، مما يجعلنا نسير باتجاه الدور الذي يجب أن تقوم به مهنة الخدمة الاجتماعية لتحقيق نوع من التوافق الصحي والاجتماعي للمرضى، ومن تم يطرح هذا البحث تساؤل رئيس مفاده ما علاقة ممارسة الخدمة الاجتماعية في المجال الطبي مع مرضى القلب بتوافقهم الصحي والاجتماعي. يندرج منه مجموعة من التساؤلات الفرعية وهي: إلى أي مدى يؤثر وجود المرض على علاقات وتفاعلات، وتعاملات المريض مع الآخرين. ؟إلى أي مدى يؤثر المرض على المكانة الاجتماعية للمريض في بيئته. ؟إلى أي مدى يؤثر الوعي الصحي للمرضى على توافقهم من الناحية الصحية. ؟إلى أى مدى يساهم التدخل المهني للاختصاصي الاجتماعي في مساعدة مرضى القلب لتحقيق التوافق الصحي والاجتماعي، والوقاية من بعض المخاطر الممكن حدوثها جراء هذا المرض. أهمية البحث: ترجع أهمية البحث واختيار الموضوع للاعتبارات التالية: إن ما تمثله مشكلة الإعاقة بأنواعها البدنية والجسمية، والذهنية، نسبة من السكان تصل حسب تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى حوالي "10%" من إجمالي السكان وهي نسبة تلقي بضلالها على الكثير من الأسر، و تدعوا مخططي برنامج الخدمات أن يأخذوا في اعتبارهم حاجات هؤلاء الأشخاص في إطار مقوماتهم الإنسانية. إن معظم الدراسات التي تناولت فئات المعاقين ركزت على الإعاقة الجسمية الظاهرة مثل "شلل الأطفال، الصم، كف البصرة، التخلف العقلي" ولم تعطي الأهمية الكافية لفئات المعوقين بأمراض غير ظاهرة كالمصابين بمرض القلب، والسكر والكلى، وبهذا قد يمثل هذا البحث أهمية علمية، من خلال توثيق المعارف العلمية والعملية لفئة الأمراض المزمنة والتي تعد ضمن فئات الأشخاص ذوي الإعاقة حسب التشريعات الليبية . ندرة البحوث والدراسات التي أجريت في المجال الطبي الاجتماعي بصفة عامة أو مع المصابين بأمراض القلب بصفة خاصة في مجتمعنا العربي الليبي، بالرغم من حاجة هذه الفئة إلى المزيد من الدراسات والبحوث التي تقوم على التدخل المهني معهم. تشير بعض التقارير والإحصائيات الطبية أن نسبة المصابين بأمراض القلب في تزايد مستمر، الأمر الذي يستوجب البحث في المسار بهذا المرض من الناحية الاجتماعية والنفسية، أي دراسة الفرد في البيئة الاجتماعية باتجاه توفير قاعدة للممارسة المهنية للخدمة الاجتماعية في المجال الطبي، وبخاصة مع مرضى القلب الذي أصبحت أعدادهم في تزايد مستمر في ظل ظروف الحياة المعاصرة . أهداف البحث : يقدم البحث هدف رئيس يتمثل في التعرف على "علاقة ممارسة الخدمة الاجتماعية في المجال الطبي مع مرض القلب وتوافقهم الصحي والاجتماعي". يندرج من هذا الهدف مجموعة من الأهداف الفرعية والمتمثلة في: معرفة أثر المرض على علاقات وتفاعلات وتعاملات المريض مع الآخرين. معرفة أثر المرض على المكانة الاجتماعية للمريض . التعرف على دور الاختصاصي الاجتماعي مع مرضى القلب، باتجاه مساعدتهم على التوافق الصحي والاجتماعي مع ظروف وملابسات حالتهم، والوقاية من بعض المخاطر الممكن حدوثها جراء هذا المرض. التعرف على أثر الوعي الصحي على التوافق الصحي للمريض نوع البحث: يعتبر البحث الحالي من البحوث الوصفية باعتباره يهدف للكشف أو التحقق من معطيات أو متغيرات ذات علاقة بتوافق مريض القلب صحياً واجتماعياً. منهج البحث: تم استخدام المنهج الوصفي لأنه يناسب متطلبات هذا البحث "حيث أن البحث الوصفي يهدف إلى كشف الحقائق الراهنة التي تتعلق بظاهرة أو موقف أو مجموعة من الأفراد، وبالتالي تصف هذه الظاهرة وصفاً دقيقاً شاملاً من جميع جوانبها، كما لا تقف عند مجرد جمع البيانات والحقائق، بل تتجه إلى تصنيف هذه الحقائق وتلك البيانات وتحليلها وتفسيرها لاستخلاص دلالاتها، وتحديدها بالصورة التي هي عليها، كمياً، وكيفياً، بهدف الوصول إلى نتائج نهائية يمكن تعميمها.