ملخص
تعتبر الأسرة أول جماعة منظمة اجتماعيا وجدت عبر تاريخ التطور البشرى وتطورت نتيجة للتغيرات السريعة المتلاحقة التي مرت بها المجتمعات الإنسـانية إلى أن وصلت في صورتها الحالية وهو ما يعرف بالأسرة النووية، ورغم التغير الذي طرأ عليها فهي مازالت تعد من أهم المؤسسات الاجتماعية التي تتبوأ مـكـانـة مهمة وجوهرية في حياة أفرادهـا التي من خلالها توفـر الرعـاية الأولية وكل متطلبات التنشئة الاجتماعية، وبالتالي فإن ممارسة الوالدين لتنشئة الأسـرة ليس بالأمر السهل خاصة عندما نتحدث عن وجود طفل لديه تخلف عقلي داخل الأسرة فإنه يشكل عبئا ومسؤولية كبيرة بالنسبة لوالديه في تنشئته التنشئة الصـحيحة التي تهيئ له النمو السليم في قدراته العقلية والجسمية، ويرجع لقلة المعلومات والخبرة لدى أولياء الأمور في استخدام الأساليب السليمة لتنشئة الطفل المتخلف عقـليا . ولكي تنجح الأسرة في أداء عملية التنشئة الاجتماعية فهي بحاجة كبيرة إلي دعم ومساندة الاختصاصي الاجتماعي باعتباره الأقدر على توجيه أولياء الأمـور في اتباع الأساليب الصحيحة لتنشئة الطفل المتخلف عقليا، وتقديم الخدمات الاجتماعية والبرامج الإرشادية التي تمدهم بالمعلومات القيمة، مما يؤكد الهدف الرئيسـي من الممارسة العامة للخدمة الاجتماعية في المجال الأسرى، وهو إعــادة تـوازن للأسرة عن طريق مساعدتها على أداء وظائفها المختلفة بصورة إيجابية مدركة بأن نجاح عملية التنشئة الاجتماعية يكمن في التوافق بين الزوجيـن، وانسـجام في العلاقات الأسرية وفي أداء الأدوار. وتبعا لذلك فإن البحث الحالي اهتم بموضوع الممارسة الـعامـة للـخدمـة الاجتماعية مع أسرة الطفل الذي لديه تخلف عقلي وعلاقتها بأداء وظـيفة التنشئة الاجتماعية، حيث يكتسب الموضوع أهمية لتأصيل مفـهوم التنشئة الاجتماعـية وعملياتها و آلياتها من ناحية، وتوفير تطبيقات مهنية عند العمل مع أسـر هؤلاء الأطفال لمساعدة ممارسة الأسرة لأساليب التنشئة الاجتماعية ضمن أداء الأسـرة لوظائفها، وسوف تشمل الدراسة أمهات الأطفال الذين لديهم تخلف عقلي لفـئتي التخلفين البسيط والمتوسط. مشكلة البحث هنالك بعض من الأسر في مجتمعنا الليبي مَن لديها طفل يـعانى من تخلف عقـلي وقد تُمارس نحوه أساليب خاطئة في التنشئة الاجتماعية، وهذا بدوره يؤدى إلي خلق إشكالية في نمو شخصيته مما ينعكس على سلوكياته غير المرغوبة، فيصبح غير قادر على التفاعل التواصل مع العالم الخارجي. وقد نبه العديد من الباحثين والمختصين الأسـر إلى تجنّب هذه الأسـاليب غـير السليمة في تنشئة الطفل المتخلف عقلياً، والتي لا تسهم في نموه وصـقل شخصيته، بل تجعله عرضة للانحراف مما يؤثر على حياة الأسرة ويجعلها في حالـة عـدم توازن، تؤدى بها إلي ممارسات غير متوقعة تحتاج إلي تنظـيم شـامـل لحيـاة الأسرة كما قد لا يلام الآباء والأمهات لعدم معرفتهم الكافية بأسـاليب التنشئة السليمة لطفلهم، نظرا لعدم تفهمهم بطبيعة التخلف العقلي وخصائصه فالمعـرفـة التي يمتلكونها عن التنشئة الاجتماعية للطفل العادي فقط، الذي يتمتع بصحة جيدة عند ميلاده مما جعل الأسرة تواجه مشكلة كبيرة في أداء وظيفة التنشئة الاجتماعية اتجاه هؤلاء الأطفال الذين لديهم تخلفاً عقلياً. وبما أن الأسرة هي القدوة في مسار تنشئة الطفل المتخلف عـقلياً وتحويـله من كائن بيولوجى إلى كائن اجتماعي، فهي بحاجة ماسة إلي الدعم وتقديم الخدمـات الاجتماعية لها والبرامج الإرشادية التي تحمل في صميمها العديـد من الـخبرات والمعلومات والمهارات الاجتماعية التي تساعدهم في تطـبيق أساليب التنشئـة الاجتماعية نحو الأطفال المتخلفين عقـلياً، والممارسة العـامة للخدمـة الاجتماعية هي الأقدر علي قيادة الأسرة نحو تحقيق الاسـتقرار الأسـرى و العمل علي تدعيم العلاقات الصحيحة بين الطفل وأسرته، من هذا المنطلق فإن الدراسة الحالية تطرقت إلي طرح هذا الموضوع للدراسة والبحث في جـوانبه من خلال الممارسة العامة للخدمة الاجتماعية مع أسرة الطفل الذي لديه تخلف عقلي وعلاقتها بأداء وظيفة التنشئة الاجتمـاعية عن طريق إعـداد برنـامج إرشادى تربوى لأمهات الأبناء دوى التخلف العقلي لفئتي البسـيط والمـتوسط الذي سوف ينفذ في مركز طرابلس لتأهيل الأطفال دوى الاحتياجات الخـاصة ذهنيا، ويتضمن البرنامج جلسات إرشادية تتضمنها معلومات علمية تسهـم في تعديل أفكار الأمهات وأساليب معاملة أبنائهن غير العـاديين من ناحـية، ومن جانب آخر استخدام استراتجيات التدخل المهني لإكسابـهن المهـارات الفنيـة اللازمة لأداء هذه الوظيفة الاجتماعية، ويمكن تحديد إشكالية البحث في التساؤل التالي: ما علاقة الممارسة العامة للخدمة الاجتماعية بأداء الأسـرة التي لـديها طفل متخلف عقلياً لوظيفة التنشئة الاجتماعية ؟ أهمية البحث: تكمن أهمية البحث الحالي في إبراز الممارسة العامة للخدمة الاجتماعية في مساعدة أمهات الأطفال المتخـلفين عقلياً في تربية أبنائـهن من خلال إعـداد برنامج إرشادي لتبصيرهن بالأساليب الصحيـحة لأداء وظيفـة التنشئة التي تسهم في دعم قـدرات وإمكانيات هـؤلاء الأبناء، وطـبع سلوكـهم بالطـابع الاجتماعي، وتحسين مستوى التفاعلات الاجتماعية لديهم، والحد من سلوكياتهم غير المقبولـة اجتماعياً، والتخفيف من حدة الضغوطات الواقـعة على كـاهل الأسرة لأداء هذه الوظيفة. أهداف البحث: معرفة طبيعة أساليب التنشئة الاجتماعية المتبعة لتنشئة الطفل المتخلف عقلياً. إعداد برنامج إرشادي لأمهات الأطفال ذوى التخلف العقلي في تـعديل سلوكهن. توفير قاعدة من المعلومات العامة والبيانات؛ لإثراء الباحثين و الاختصـاصيين لمعرفة أساليب التنشئة الأسرية اللازمة لتنشئة الطفل المتخلف عقليا . تقديم برنامج مقترح يسهم في توجيه أولياء الأمور نحو الأداء السليم للتنشئة الاجتماعية عامة والطفل الذي لديه تخلف عقلي خاصة . تساؤلات البحث: من خلال أهداف الدراسة يمكن الإجابة عن التساؤلات التالية: ما هي طبيعة أساليب التنشئة الاجتماعية المتبعة لتنشئة الطـفل المتخلف عقلياَ في الاختبارين القبلي والبعدي ؟ هل يساهم إعداد برنامج إرشادي لأمهات الأطفال ذوى التخلف العقلي في تعديل سلوك الأبناء حسب درجات الاختبار البعدي ؟ هل توجد علاقة ذو دلالة إحصـائية بين متغيري حـضور الأمـهات لجلسات البرنامج وتأثيره على تغيير أساليب التنشئة التي يعتمدنها ؟ منهجية البحث: اقتضت طبيعة البحث الحالي توظيف المنهـج التجريبي لملاءمته لمـوضوع البحث. مجالات البحث: المجال الموضوعي: يقتصر المجال الموضوعي لهذا البحث في (الممارسـة العـامـة للخدمـة الاجتماعية مع أسرة الطفل الذي لديه تخـلف عقلي وعلاقتها بأداء وظـيـفة التنشئة الاجتماعية). المجال المكاني: طبق البحث على أمهات الأطفال ذوى التخلف العقلي لفئتي البسيط والمتوسط والملتحقات بمركز طرابلس لرعاية ذوى الاحتياجات الخاصة ذهنياَ. المجال البشرى لقد تم تحديد مجموعـة من الشروط التي يجـب أن تتـوفر في المجموعـة التجريبية والتي تمثلت في (أن يكن لديهن طـفل ينتمي إلى فئـتي البسـيط والمتوسط، وأن تكون الحـالة الاجتماعية بأن يعشن مع أزواجهن وقـت تنفيذ البرنامج، وأن يكون عمر الطفل من 5 إلى 10 فأكثر وأن يكون أطفالهن ملتحقين بمركز طرابلس لرعـاية ذوى الاحتياجات الخـاصة ذهنياً)، ولقد انطـبقت الشروط على 30 أماً من خلال استخدام عينة تطوعية من اللاتي حضرن منهن في الجلسة الافتتاحية 16 أم، وعرض عليهن طبيعة البرنامج ومحتويـاته والـمدة الزمنية فأبدت المـوافقة 15 أماَ على المشاركة في البرنامـج إلا أمّاً واحـدة اعتذرت عن المشاركة لظروفها الخاصة، وكانت نوع العينة تطوعية، وفي نهايـة الاجـتماع تم تـوزيع استمارة استبيان على أفراد العينة وهو يعد الاختبار القبلي للتعرف على الأساليب المتبعة لتنشئة الطفل الذي لديه تخلف عقلي، وفي الجلسة الختامية من البرنامج ثم إجراء الاختبار البعدي للتحقق من أثر البرنامج على المجموعـة التجريبية في تعديل سلوكهن نحو أطفالهن غير العاديين. المجال الزمني: ثم جمع البيانات الميدانية خلال الفترة الواقعة 18 / 2 / 2010 إلى 30/3/2010 من بداية تطبيق البرنامج وصولا إلى المرحـلة النـهائية من تنفيذ البرنامج