البــدعـة أحكـامها وقواعـد معرفتها

تاريخ النشر

2008

نوع المقالة

رسالة دكتوراة

عنوان الاطروحة

كلية الآداب - جامغة طرابلس

المؤلفـ(ون)

محمد سالم العقربي

ملخص

أختم هذا البحث بأن أدوّن أهم النتائج التي توصلت إليها، وأهم التوصيات التي أرى ضرورةَ الأخْذِ بها، وهي كما يلي: نتائج البحث: أهم النتائج التي توصلت إليها من خلال البحث، هي على النحو التالي: - إن الإسلام دين شامل كامل، لا يحتاج إلى زيادة، ولا يجوز فيه النقص، وما بقي شيء يقرب إلى الجنة ويباعد عن النار إلا بينه الرسول العبادة ما دل الدليل الشرعي على إيجابه أو استحبابه، والشارع وحده هو صاحب الحق في إنشاء العبادات التي يتقرب بها إليه، ولا يقبل منها إلا ما كان خالصاً أريد به وجهه، وصواباً موافقاً لشرعه. الاعتصام بالسنة نجاة، والبعد عنها هلاك وضلال، وأهلها هم الطائفة الناجية المنصورة. السنة التركية قاعدة شرعية متينة، العمل بها مقدم على كل ما يعارضها من عموم أو قياس أو مصالح يتوهمها المبتدع. متابعة الرسول تشرع في سنن العبادات لا سنن العادات. اتفاق أهل السنة على وجوب اتّباع الكتاب والسنة، وطريق السلف الأول المشهود لهم بالخير والفضل فيما كانوا عليه من العلم والعمل. كلما اقترب نور السنة من زمن الرسول، ازداد قوة ووضوحاً، وكلما ابتعد عن زمنه، ضعف وتلاشى، وطغت ظلمات البدع والأهواء. أول بدعة أحُدِثَت في الإسلام ظهرت في زمنه وأول فرقة شقت عصا المسلمين ظهرت في زمن خلافة علي بن أبي طالب. أصول فرق المبتدعة أربعة: الروافض والخوارج والقدرية والمرجئة، وكل فرقة لها قواعدها وأصولها البدعية الي تميزها عن غيرها. للبدع شخصيات تميزت بالظهور والدعوة إليها، والتفاني في ترسيخها. من ابتدع شريعة في دين الله، فإن بدعته تعد طعناً في دين الله، وتكذيباً له. البدع ليس لها ما يدل عليها من كتاب أو سنة أو إجماع أو قول صحابي لم يعارض نصاً ولا قولاً لصحابي آخر. كل ما يتعلق به الخطاب الشرعي يتعلق به الابتداع إذا قُصِد به التعبد. البدعة هي التي تفعل في الدين عارية عن الدليل قربة ومضاهاة. البدعة من القوادح في العقائد والأعمال والعبادات، والعادات والمعاملات البدعة اللغوية أعم من البدعة الدينية، ولا يتعلق بها المنع الشرعي، بخلاف الدينية فهي ملازمة لوصف الضلال، وهي عمل مردود محرم من جملة المعاصي. تنقسم البدعة باعتبارات متعددة إلى بدعة حقيقة أو إضافية، وبدعة كلية أو جزئية، وبدعة بسيطة أومركبة، وبدعة عادية أوتعبدية، وبدعة فعلية أو تركية، وبدعة اعتقادية أو عملية، وتكون مكفرة أو مفسقة، وكبيرة أو صغيرة، وكلٌّ له خصائصه ومميزاته وأحكامه التي ينفرد بها عن غيره. جانب الابتداع في البدعة الحقيقية هو الغالب والطاغي على المشروع، بينما هو في الإضافية وصف من الأوصاف وجزء من الأجزاء، غير غالب ولا طاغ. التفريق باختصاص البدعة المكفرة بالعقائد والأصول، واختصاص البدعة المفسقة بالأحكام والفروع تفريق عار عن الدليل، فهو وجه من وجوه البدع. ليس في البدع ما هو حسن أبداً، بل كل بدعة في دين الله فهي ضلالة، ولا يستثنى شيء من هذا العموم. الحسن ما حسنه الشارع الحكيم، والقبيح ما قبحه الشارع الحكيم. من قال بالبدعة الحسنة من العلماء قصد بها المصالحَ المرسلةَ، لا ما يُحسَّن بالعقول والأهواء. تسمية بعض العلماء المصالح المرسلة بالبدع الحسنة كان ولا يزال من أعظم الذرائع لترويج أهل البدع بدعهم ونشرها، تحت ستار اسم البدعة الحسنة. لا يطلق اسم البدعة على مسألة من المسائل الاجتهادية التي يسوغ فيها الاجتهاد؛ لكون دليلها محتملاً. إن البدع من أخطر أسباب الفرقة والاختلاف في المجتمع الإسلامي، والبعد عن الصراط المستقيم. إن للابتداع آثارا سيئة على المبتدعة، ويتمثل ذلك في حرمانهم من الهدى، وقضاء أعمارهم في التيه والضلال، ثم ما ينتظرهم من أليم العقاب، إذا لم يتوبوا ويرجعوا إلى حظيرة السنة والجماعة. معرفة البدع واجب شرعي على المسلم بدلالة الكتاب والسنة، ويكون ذلك باستيضاح معالمها، وتَبيُّن أسبابها وقواعد معرفتها وآثارها. للبدعة خصائص تميزها عن غيرها، وتبين معالمها، وتوضح حدودها. لنشأة البدع والوقوع فيها وانتشارها أسباب عديدة منها، الجهل، والغلو، واتّباع الهوى، وتحكيم العقل وتقديمه على نصوص الشريعة، والتقليد والتعصب، وتهاون العلماء في النصح، والتشبه بالكافرين، ومخالطة أهل الأهواء، والدعاية السيئة ضد أهل السنة والجماعة. الجهل مصطلح شامل للجهل بدلائل الشريعة ووسائل فهمها، فهو يشمل الجهل بكتاب الله، بترك تدبره، واستبداله بغيره من الأذكار المبتدعة، والإعراض عن أحكامه، والجهل بالسنة، بالاعتماد على الضعيف والموضوع منها، ورد الصحيح بدعوى إفادته الظن ومخالفته للعقول، والجهل برتبة القياس بين الأدلة الشرعية، وتقديمه على السنة، والجهل بمفردات وأساليب اللغة العربية. الأحاديث الضعيفة من أهم مصادر البدع؛ لعدم قيام الحجة بها، وترتب كثير من الأحكام الخاطئة عليها. المعرض عن الحق والهدى الذي جاءت به الشريعة، متبع هواه، ومن اتبع هواه فقد ضل. الابتداع بالهوى أشد أنواع الابتداع إثماً عند الله، وأعظم جرماً على الحق. من قدم عقله أو عقل غيره على شرع الله أصيب بالتخبط والحيرة والشك والريبة. التقليد الأعمى والتعصب يقودان إلى مسالك الغواية والضلال، ويصدان عن اتّباع النور والهدى. سكوت العلماء عن إنكار البدع والمحدثات سبب لتغلغلها في المجتمع المسلم، وتحولها إلى عادة يصعب الانصراف عنها. التشبه بالكافرين يفضي إلى موافقتهم، وعدم مخالفتهم، ثم الوقوع في بدعهم وضلالاتهم. لا تكاد بدعة في هذه الأمة إلا وهي موافقة، أو مشابهة للبدع في الأمم الضالة السابقة. النص العام جزء دليل على أفراد عمومه، لا يجوز تخصيصه بجزء من أجزائه من مكان أو زمان أو هيئة أو غيرها من غير مخصص شرعي. الحكم على أمر ما بأنه بدعة أَوْ لَا أمر اجتهادي، قد يصيب فيه المجتهد وقد يخطئ. لا يبدع القائل بالمسائل الاجتهادية من العلماء المجتهدين من أهل السنة والجماعة. المعاصي أعم من البدع، فكل بدعة في الدين معصية، وليست كل معصية بدعة. المصالح المرسلة راجعة إلى حفظ أصل الملة، لا تدخل في التعبدات ألبتة، ويمتنع جريان الابتداع من جهتها. للبدعة قواعد جامعة لمعرفتها وإسقاط الأحكام الفرعية علي جزئياتها، والملاحظ عند تطبيقها أن الابتداع غالب في جانب العقائد والعبادات على غيرهما. أن هذه القواعد محيطة بجميع سمات البدعة وخصائصها من المضاهات والمعارضة والمخالفة، وعدم الاعتبار، والخروج عن حدود الشريعة، وغير ذلك. لأهل البدع مصادرهم الخاصة بهم، وإن زعموا أنهم عاضين بالنواجذ على الكتاب والسنة، فذلك من باب التمويه والتضليل. مجالسة أهل البدع تذهب بنور الإيمان، وتمرض القلوب، وتسلب محاسن الوجوه، وتمنع الحكمة، وتورث البغضة لأهل السنة، وتوقع في مضلات الهوى. محاربة البدع من أهم الواجبات المنوطة بولاة الأمر من الحكام والعلماء. البدعة لا ترد ببدعة، ولا يُقَابَل التفريط والانحراف بالغلو، ولَكِنْ يجب الالتزام بمنهج الوحي في الرد. هجر المبتدع أصل عظيم من أصول العقيدة، وهو عبادة من العبادات يشترط فيها الإخلاص لله والمتابعة لشرعه. يختلف الهجر بحسب مرتبة البدعة من الإثم، وبحسب أحوال صاحب البدعة من القوة والضعف والإصرار والاستتار وعدمهما، وغيرها؛ لكي يكون أنجع لتأديبه ورجوعه عن بدعته. هجر المبتدع مشروع في دائرة ضوابطه الشرعية المبنية على رعاية المصالح ودرء المفاسد. موالاة أهل البدع من فساد العقيدة وضعف الإيمان. توبة المبتدع ممكنة وواقعة ومقبولة عند الله سواء كان داعياً أو لا. لازم القول لا يقتضي التبديع إلا إذا الْتزمه القائل. التبديع بالإطلاق والعموم لا يقتضي التبديع بالتعيين والخصوص. الجاهل المعين معذور بجهله، لا يُبَدَّع حتى تقام عليه الحجة، وتبين له المحجة.