ملخص
وفي ختام هذا البحث أحب أن أسجل أهم النتائج التي توصَّلَتْ إليها هذه الدراسة، والتي استغرقت من الباحث وقتا طويلا، وجهدا كبيرا في دراسة وتحقيق هذا الجزء من مخطوط (إفهام الأفهام شرح بلوغ المرام)، للعلامة يوسف بن محمد البطاح الأهدل الزبيدي المكي، المتوفي عام اثنتين وأربعين ومائتين وألف. هذا الشرح الذي يعتبر بحق موسوعة حديثيةً وفقهيةً، مما تَطَلَّبَ العمل في تحقيقهِ البحث المستمر في كل تلك المصادر والمراجع: الفقهية منها، والحديثية، والتاريخية، واللغوية، وغيرها مما له صلة بموضوع الدراسة والبحث، والتي ذُكِرَتْ في ثبت المصادر والمراجع، ومن أهم النتائج التي توصل إليها الباحث ما يلي: أن العلامةَ يوسفَ بْنَ محمدٍ البطاحَ الأهدلَ كان شخصيةً فَذَّةً، ومن العلماء الَّذين كانوا بحق موسوعات علمية تمشي على الأرض؛ فهو المحدث الفقيه الأصولي اللغوي، الَّذي حفظ الحديثَ ومتونَه، وخَبِرَ رِجالَه ورواتَه، وفهمَ الفقهَ ودقائقَه، والأصولَ وغوامضَها، واللغةَ وأسرارَها، بل فوق ذلك كلِّه فهو عالم مشارك في كثير من العلوم. أن العلامةَ يوسفَ بْنَ محمدٍ البطاحَ الأهدلَ نشأ وترعرع في بيئة علمية ازدهرت بالعلوم، والعلماء الأعلام، والمدارس، والمكتبات، بالإضافة إلى مواهبه الفذة وثقابة ذهنه، ومتانة دينه، وقوة شخصيته، مع أخذه العلوم من مظانها، والفقه من أعظم فقهاء دهره، والأصول عن أرباب فنه، واللغة عن أهل لسانها وبيانها في زمانه، والحديث عن أئمته وحفاظه، والعلوم عن أساتذتها، فكان بحق عالما في الحديث والفقه والأصول، وغيرها. أن العلامةَ يوسفَ بْنَ محمدٍ البطاحَ الأهدلَ شافعيُّ المذهب، وإن لم يَذْكُرْه في شرحه هذا، ولكنه يظهر واضحا جليا في هذا الشرح؛ لكثرة نقله عن الشافعية، وترجيح قولهم على قول غيرهم غالبا، والاقتصار على نقل أقوالهم فقط في شرح كثير من الأحاديث. أن العلامةَ يوسفَ بْنَ محمدٍ البطاحَ الأهدلَ كان عالما مجتهدا، وهو وإن كان شافعيَّ المذهبِ، إلا أنه لم يكن شافعيا متعصبا، فهو يدعو إلى العمل بالدليل ونبذ التقليد الأعمى غير المستند إلى دليل أو المخالف للدليل؛ لأجل ذلك نجده لا يكاد يأتي بمسألة إلا بين أصل حكمها، وحجج المختلفين فيها من الأئمة والفقهاء، ثم يرجح ما تبين له أنه الصواب، وهذا عين الإنصاف الذي دعا إليه الأئمة المحققون، وإن كان غالبا يرجح مذهب الشافعية على غيرهم، ولكن لا تعصبا وإنما ترجيحا. أن هذا الكتاب المسمى (إفهام الأفهام شرح بلوغ المرام) هو كتاب قيم مفيد؛ لما اشتمل عليه من كثرة أحاديث النبي ـ * ـ ولأن صاحبه جمع فيه كتبا قيمة، تعتبر مراجعَ وأُمَّاتٍ في بابها، فأودع كتابه خلاصة هذه الكتب، والتي منها: كتاب (إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام)، للإمام ابن دقيق العيد، وكتاب (فتح الباري شرح صحيح البخاري)، للحافظ ابن حجر العسقلاني، وكتاب (تحفة المحتاج بشرح المنهاج)، للحافظ ابن حجر الهيتمي المكي، وكتاب (سبل السلام شرح بلوغ المرام)، للأمير الصنعاني، وغيرها من الكتب؛ ولأنه شرح لكتاب من أفضل كتب أحاديث الأحكام، وهو كتاب (بلوغ المرام من جمع أدلة الأحكام). أن كتاب (إفهام الأفهام شرح بلوغ المرام) يعتبر موسوعة مختصرة في الفقه المقارن بعامة، وفي الفقه الشافعي على الخصوص، فقد جمع فيه الأهدل أقوالَ الفقهاءِ في المذاهبِ المختلفة، وقارن بينها، وبيّن أدلتهم، وناقشها نقاشا علميا، ورجح ما تبين له أنه الصواب والراجح فيها، مع ما جمعه الكتاب من علوم مختلفة وفنون متنوعة في الحديث وفي الفقه، وقواعده، وأصوله، وفي اللغة وفي تراجم الصحابة والأئمةالأعلام، ورواة الأحاديث. أن كتاب (إفهام الأفهام شرح بلوغ المرام) من الكتب المهمة التي يستفيد منها طالب العلم والعالم على السواء، كما قيل: تبصرة للمبتدي وتذكرة للمنتهي؛ وذلك لما يتمتع به من الاختصار ونقل أقوال الفقهاء.