أحكام التنافس في الأسواق دراسة شرعية تأصيلية مقاصدية

تاريخ النشر

2012

نوع المقالة

رسالة دكتوراة

عنوان الاطروحة

كلية الآداب - جامغة طرابلس

المؤلفـ(ون)

أحمد عمران الكميتي

ملخص

إن غريزة حب المال والتنافس في طلبه أمر فطري، تجدرت أصوله في النفس البشرية، وقد راعت الشريعة هذه الغريزة، وهذبتها بما يتلاءم وأحكامها ومبادئها؛ وقيدتها بقيود من شأنها أن تكون دافعة للخير مانعة عن الشر، فندبت إلى التنافس في أمور الخير والطاعات، وأباحت التنافس في جلب المال شريطة ألا يؤدي إلى محظور كالغرر أو الإضرار بالغير أو أكل أموال الناس بالباطل. من مقاصد الشريعة تيسير المعاملات ورواجها، فأبيح الغرر إذا لم يكن مقصودا وإنما كان تابعا، وحرصا على رواج المعاملات أبيح البيع على الصفة بضوابطه الشرعية، وأبيح البيع على البرنامج وبيع الثمار بعد بدو الصلاح مع بقائها على أصولها، وبيع الثمار التي من شأنها أن تخرج متتابعة ببدو صلاح أول طور منها . ومن مقاصد الشريعة انتشار الأخوة بين المسلمين، فحرصت على كل ما من شأنه أن يقوي هذه الأخوة ويشد من أزرها، فحرمت كل تنافس يؤدي إلى تعكير هذه الأخوة والإضرار بغيره، كالبيع على بيع الأخ والنجش . من القواعد الفقهية ترجيح المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، فحرم على الشخص الواحد تلقي السلع خارج السوق، ومنع الاحتكار ؛ لما فيهما من ظلم الناس وحرمانهم مما يحتاجون إليه . التنافس منه ما يكون محموداً، ومنه ما يكون مذموماً، فما يكون في أعمال البر والطاعات فهو المحمود، وما أدى إلى ممنوع، كإضرار، أو أكل أموال بالباطل، فهو المذموم . السوق مكان يضاعف فيه الذكر، ومُلتقى يلتقي فيه العلماء لتبادل المعلومات، وذلك من سنة العلماء السابقين التفقه في أحكام البيع والشراء أمر لابد منه لمن يريد مزاولة مهنة التجارة، وإلا وقع في المحظور من حيث لا يدرى . المداومة على أعمال البر والطاعات، وسيلة من وسائل جلب الرزق والبركة فيه . حسن المعاملة من أفضل ما يتحلى به التاجر الناجح، وذلك يشمل: الصدق والإتقان، ولين الجانب، والتجاوز عن المعسر، والإقالة، والاقتناع بالربح القليل استغلال مواسم العبادات والطاعات للتجارة، لا يتنافى والإخلاص المقصود من العبادات والقربات . الغرر هو ما شُك في حصول أحد عوضيه من ثمن أو مثمن . الغرر المنهي عنه هو ما كان مقصودا لا تابعاً . الهدايا إذا كان الغرض منها التواد والتواصل فهي مندوبة، فإذا كان الغرض منها الوصول إلى باطل، فهي محرمة . بيع ما ليس عند بائعه منهي عنه ؛ وذلك لما فيه من الغرر والإضرار بالغير . بيع العينة يزيد على بيع ما ليس عند بائعه، بأن صورتها بيع وحقيقتها رباً . الوعد الملزم الذي أخذت به المصارف الإسلامية محله عند المالكية عقود التبرعات لا عقود المعاوضات . يمنع بيع الطعام قبل قبضه اتفاقاً، وكلمة الطعام تشمل جميع المأكولات والمشروبات . إجازة البيع على الصفة يتنافى والغرر الممنوع، وهو الذي يقصد غالباً، ويحقق مقصود الشارع من رواج للمعاملات، ورفع للحرج والمشقة . البيع والشراء بواسطة الوسائل الحديثة، يأخذ حكم الكتابة في السابق، وهي محل اتفاق في جواز التعاقد بواسطتها . أولت الشريعة جانب المال اهتماماً كبير، فهو أحد الكليات الخمس، وهو أيضاً قوام الحياة الإنسانية وزينتها . كل من أخذ مال غيره بغير حجة وإذن شرعي، فهو آكل للمال بالباطل . دفع العربون من قبل من له رغبة في الشراء، وسيلة تساعد على امتلاك سلعة يشتد التنافس عليها. الأخذ بالرأي القائل إن مدة الخيار تختلف باختلاف السلع، موافق لمقصد الشارع من الخيار، ويتمشى أيضاً مع ما تجدد من سلع وآلات حديثة، إذ يحدد لها أهل الاختصاص ما تحتاجه من زمن لاختبارها، والإطلاع على خباياها . اشتراط عدم الشراء من الغير مقابل الالتزام بعوض جائزٌ إذا لم يترتب عليه إضرار ببقية التجار. اشتراط البائع على المشتري شراء سلعة لا يريدها ممنوع، لما فيه من اشتراط منفعة تعتبر جزءاً من الثمن، فهي غير معلومة القدر، فلو تنازل المشترط على شرطه صح البيع. التزام البائع باستبدال السلعة أوردها إذا لم ترج عند المشتري لا يجوز للجهالة المصاحبة للعقد، إذ لا يدرى البائع ما الذي باع، ولا المشتري ما الذي اشتراه . دفع مال لأجل الوصول إلى باطل ممنوع باتفاق . دفع مال لأجل دفع ضرر أو الوصول إلى حق الراجح من الخلاف الجواز بعد استنفاد كل السبل الممكنة، مع مراعاة أن الضرورة تقدر بقدرها . كل ما وجب على الإنسان فعله، فلا يجوز أن يأخذ عليه عوضاً . منع من ليس مخاطباً بالسعي إلى الجمعة من البيع وقت النداء يتفق مع مقصود الشارع من سد للذرائع، ودفع للضرر، وقضاء للمصلحة العامة على المصلحة الخاصة . كل ما أضر احتكاره بعامة المسلمين فهو حرام، دون النظر إلى نوع السلعة المحتكرة. البيع بأقل من سعر السوق ممنوع إلا في الحالات الآتية: إذا قصد به الرفق، أو رداءة في السلعة، أو كان جالباً . يحرم البيع على بيع المسلم وكذلك الشراء على شرائه لما في ذلك من الضرر الذي يتنافى مع أخوة الإيمان. حُرمة تلقِّي السلع دون التقييد بمسافة أو غيرها من التقييدات، وذلك للضرر الواقع بالمُتَلَقَّى، أو لأهل السوق معاً وبعد: فإني أرجو من الله العلي القدير أن يكون عملي هذا خالصا لوجهه الكريم، وصلى الله وسلم على النبي الأمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .