((الرذيلة وأثرها على الفرد والمجتمع)) الزنا أنموذجاً (دراسة تحليلية من منظور إسلامي)

تاريخ النشر

2008

نوع المقالة

رسالة دكتوراة

عنوان الاطروحة

كلية الآداب - جامغة طرابلس

المؤلفـ(ون)

سليمان حندي صالح سليمان

ملخص

العلم مع الإيمان سبب في طهارة النفس من الدناءات، ونجاة المرء من المهالك الدنيوية والمحن الأخروية. تتفق أحكام الشريعة الإسلامية في حد الزنا مع الأحكام الوضعية في القصد الجنائي أو أصل الفاحشة أو جنس الفكرة، دون نوعها، فتتفقان على كون الشخص يعلم بأنه واقع شخصاً محرماً عليه، وجوهر الاختلاف بينهما، أن الشريعة الإسلامية لا تفرق بين الشخص المحصن وغير المحصن كونهما ارتكبا الفعل، على اعتبار أن الفروج لها حرمة عامة وهي ليست ملكاً لأصحابها لهم حرية التصرف فيها مع من يشتهون، وجعلت حد الحرية ألا يضر الإنسان نفسه أو غيره على حدٍ سواء؛ إلا أن أحكام الشريعة الإسلامية تفرق بين حد الشخص المحصن وغير المحصن. لقوانين الوضعية لا تفرق بين المحصن وغير المحصن، ولا تعتبر المواقعة خارج إطار الزوجية زناً إلا إذا مست حرمة الزوجية فقط، وتري ألا يضر الفرد غيره فقط، واعتمدت في أحكامها على أسانيد عقلية أكثر من اعتمادها على أحكام الشرائع السماوية. إن ما جاءت به أحكام الشريعة الإسلامية لا تبطله أو تنسخه الأحكام الوضعية، لأن أحكام القوانين الوضعية، جعلت أحكام حد الزنا حقاً خاصاً للمجتمع في أغلب أحكامها، وبذا أبطلت كثيراً من أحكام الشريعة؛ وهذا الأمر يؤدي إلى انتشار الفساد في الأرض، وعدم صيانة الأنفس والحرمات في المجتمع. يجب إعادة النظر في بعض القوانين الوضعية الخاصة بأحكام حدود الزنا بما لا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية بما يحقق استقرار المجتمع وتوازنه. إن أصاب الإنسان ابتلاء نظير معصية اقترفها فلا يلوم إلا نفسه، ولا مخرج له من ذلك إلا الرجوع إلى الله والصبر على البلاء، حيث لا ينفعه الجزع. ترتبط الأخلاق الإسلامية ارتباطاً وثيقاً بالإيمان، لأن الإيمان مصدر الإلزام الديني ـ العقدي ـ الذي يتوافق معه الإلزام الخلقي، ويدفع الإنسان إلى طاعة أمر الله تعالى، وينهاه عن إتيان المعاصي؛ إذ لا يجتمع الإيمان والمعصية في قلب المؤمن في آن واحد، وعلى هذا الأساس ربط الله سبحانه وتعالى ارتكاب فاحشة الزنا بانتزاع الإيمان من قلب المؤمن عند اقترافها؛ لكونه مفسدة تؤدي إلى مفاسد كثيرة. ثانيا: نتائج وملاحظات خاصة نسترشد من الدراسة الميدانية بالملاحظات والتوصيات التالية: القيم الأسرية داخل المجتمع لها انعكاس على سلوك الأبناء سلباً وإيجاباً، وذلك من خلال علاقة الآباء بأبنائهم، فأغلب القيم الأولى يتعلمها الأبناء من الآباء، وممن لهم اتصال بهم بشكل مباشر بالمجتمع المحيط، لهذا لابد من الاعتدال في التعامل مع الأبناء، مع الرقابة الأبوية وبالأخص في مرحلتي الطفولة والمراهقة. وضع استراتيجية عامة في المجتمع بهدف الاهتمام بالنشء، من خلال مناهج تربوية، وبرامج ثقافية واجتماعية، على المستويين الفردي والجماعي والمجتمعي، بدءاً من الأسرة وانتهاءً بالمحيط الخارجي لها، ومنها المدرسة والمؤسسات التعليمية بشكل عام، والنادي والرفاق. . . إلخ. إضافة مادة للمقررات الدراسية، تحت مسمى" مبادئ الأخلاق" لطلاب الشق الثاني من مرحلة التعليم الأساسي، تدرس فيها أحكام وأسس العلاقات الأسرية وفق أحكام الشريعة الإسلامية، والقيم المثلي والفضائل الأخلاقية، وما يضادها من رذائل، كي يجتنب النشء السلوك الشاذ، لما يترتب عليه من أضرار نفسية وجسمية، واقتصادية واجتماعية. الإعداد الفني والمهني للمتعاملين مع مرضى الإيدز، والأمراض المعدية الأخرى في مجال العلاج والوقاية أو التعامل المهني، مثل الأطباء والعناصر الطبية المساعدة، والعاملين بالمختبرات الطبية العامة والخاصة، والمرشدين الصحيين والنفسيين والاجتماعيين، وأجهزة الأمن التي لها صلة بالتعامل معهم، ومؤسسات الإصلاح، والمؤسسات الاجتماعية والأجهزة القضائية، والمواطنين ممن لهم اتصال بالمرافق الخدمية العامة والخاصة، وحث الجميع على الأمانة والصدق والدقة في بيان المعلومات وانسيابها إلى الجهات ذات الاختصاص، مع تحميلهم المسئولية التامة في حالة الإهمال أو إفشاء المعلومات في غير وجهها، كاستخدامها لأغراض شخصية أو دعائية لا تتناسب مع طبيعة المهنة. وما لم يكن هناك فهم وقناعة بخطورة مرض الإيدز والأمراض المعدية المصاحبة له، فإن احتمالات انتقال العدوى من المصابين إلى الأصحاء أمر قائم. إبراز الأضرار الناجمة عن سوء التعامل مع بعض وسائل الإعلام، ومنها على وجه الخصوص؛ الكتب والمجلات الماجنة، وكذلك سوء استخدام، الأجهزة والوسائط التقنية الحديثة، ومنها الإذاعتين المسموعة والمرئية، والسينما، وشبكة المعلومات (الإنترنيت)، والهواتف المحمولة. . . ألخ؛ وذلك ببيان آثارها السلبية النفسية والعقلية، على أفراد المجتمع، ناهيك عن أضرارها الاجتماعية والإقتصادية. يجب أن يكون هناك تنسيق بين الهيئات العامة والخاصة بالمجتمع، وذلك بغية إيجاد ترابط وتكامل وتوحيد الجهود المبذولة من أجل القضاء على السلوك السلبي المنحرف عن قيم وأخلاقيات المجتمع؛ ومنها على سبيل المثال: أن يخضع المصابون بالمرض للاختبار الطبي المعملي، لمعرفة المدمنين للمخدرات أو المسكرات والمؤثرات العقلية، وتتبع من يشاركونهم في تعاطي هذه المؤثرات. الكشف على مثل هذه الحالات يحدد نسبة تفشي هذه الأوبئة في المجتمع للوقوف عليها ووضع برامج وقائية وعلاجية لها على المدى القريب والمستقبلي البعيد. بذل الجهود الشعبية والأهلية بإنشاء هيئات متخصصة، بتعاون ومساهمة الأقسام المتخصصة بالجامعات ومراكز البحوث العلمية والنقابات والروابط المهنية المتخصصة لدراسة وتشخيص العلل الاجتماعية التي يعاني منها المجتمع، ومن ثم اقتراح الحلول والتصورات العملية لمواجهتها، وتقديم التوصيات والمقترحات العامة لأخذ التدابير الوقائية بشأنها مستقلاً. إرشاد المصابين بفيروس العوز المناعي البشري: HIV بطرق التعامل مع غيرهم، ليبتعدوا عن السلوك المحفوف بالمخاطر، والذي يجنب الآخرين انتقال العدوى إليهم، وينبغي توجيه الناس على مختلف المستويات، إلى فهم السلوك العام الذي يجب ألا يمارسوه حتى لا يقعوا في مصيدة الإصابة بالمرض دون تعمد، ومحاولة إيقاف انتشار العدوى أو الحد منها على أقل تقدير، ببرامج الوقاية والتثقيف والإرشاد الصحي، لبيان كل ما يتصل بطرق العدوى، على مستوى الأفراد والجماعات، سواء منها الأسرية والأحياء السكانية، وجماعات النشاط أو جماعات العمل. . . الخ. يشعر المرضى بأنهم يحملون أسرهم ودويهم أعباء مادية كثيرة، بما ينفقونه عليهم من مبالغ مالية لا طاقة لهم بها، مقابل مصاريف العلاج بوجه خاص، ورعايتهم بوجه عام، وبالأخص عندما يشعر أفراد الأسرة بأن المريض ميئوس من شفائه، ويشعر المريض بأن المحيطين به يتحملون ضغوطاً نفسية سيئة، بما يتخذونه من احتياطيات وتدابير وقائية، خوفاً من انتقال العدوى إليهم، ومن الشواهد على ذلك ما قاله أحد المصابين بالمرض بعد أن طرد من العمل: (( إنك لا تعيش آلام الإيدز فقط، ولكنك تعيش منبوذاً من المجتمع. وحتى إذا متَّ فإنهم يرفضون تجهيز جك. ولا شيء يجعلك تشعر بالتعاسة أكثر من هذا )). تخصيص قسم إيوائي للمرضي، يتم فيه عزل المصابين بالمرض، يقدم لهم فيه العلاج الطبي والإرشاد والنصح، مع توفير الأدوية اللازمة للمرضى ورفع مستوى الرعاية الطبية والوقائية والإرشاد الصحي لأفراد المجتمع المحيطين بهم. إلزام من تكن له إقامة بالمجتمع من الأجانب أكثر من ثلاثة أشهر، إجراء كشف طبي على الأمراض الوبائية، في مراكز متخصصة تحت إشراف المجتمع. والمحصلة النهائية مما سبق، أنه عندما يدرك الإنسان قبح رذيلة الزنا والسلوك المشين الناتج عنها، بقلب مطمئن مغمور بالإيمان، يتيسر له السبيل لفعل النقيض منها، وهو الفعل الفاضل الحسن دون مشقة، بغض النظر عما تقتضيه الضرورة الأخلاقية أن يفعله، ودون أن يفكر فيما يترتب على الفعل من جلب المنفعة إليه أو دفع الضرر عنه، إن المؤمن بالله تعالى إذا طلب منه أمر دعت إليه أحكام الشريعة الإسلامية أو نهت عنه، امتثل إليه دون أن يسأل عن العلة أو السبب في ذلك. إن نفوسنا وأجيالنا الناشئة الفتية لأحوج ما تكون إلى التحصين بالإيمان القوي المتين الراسخ في النفوس، وإلى تعلم المزيد من الأدب والعمل بالآداب والأخلاق السامية من منهج الدين الإسلامي الحنيف. وفي الختام أقول: ها أنا ذا قد حاولت إصابة الهدف، فإن قاربت فقد استشرفت معالي الأمر بما وجهت إليه مما أردت، وإن لاح القصور مما ابتغيت، فالكمال لله وحده وعلى الله قصد السبيل، ونصلي ونسلم على سيدنا محمد بن عبد الله المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه ومن اهتدي بهديهم إلى يوم الدين.