ملخص
سيطرت فكرة الدولة على أفكار ميكافيللى وهيجل، وطغت هذه الفكرة على كل القيم الأخلاقية وجُل القواعد القانونية لديهما - إلى درجة لم تعد الأخلاق والقانون في الحسبان، عندما يكون هناك خطر يهدد كيان الدولة، خاصة وأن الطرفين استبعدا الحاكم من كل تقييم أخلاقي وقانوني، ذلك أن الدولة ووجودها وحياتها فوق كل الاعتبارات عند ميكافيللى، ولذلك جعل القوة أهم بكثير من القيم الأخلاقية والقواعد القانونية من حيث تحقيق الهدف الذي يسمو إليه. في المقابل مجد هيجل الدولة أيضا وجعلها تسمو مرتبه ومقاما وقوة على الأفراد المكونين لها، وهي طبقا للجدل الهيجلي غاية ونهاية لتطوره التاريخي ومن ثم فهي مصدر كل القيم الأخلاقية والاجتماعية والروحية. لقد حاولتُ - من خلال هذه الدراسة حسب ظني - أن أطرق بابا لم يطرقه احد من قبل – حيث أنني بحثتُ في العلاقة بين مفكرين مختلفين في الظاهر باعتبار أحدهما واقعيا، والأخر مثاليا، وذلك من أجل الوصول إلى تحديد العلاقة بين الأخلاق والقانون. من خلال هذه الدراسة وصلت إلى نتيجة وهي أني أرى أن الاثنين كانا يهدفان إلي نفس النتيجة - وهي بناء الدولة، وإن كانت الوسائل مختلفة وكذلك الفرد لا وجود له أمام مصلحة هذه الدولة . أرى ضرورة الرجوع إلى دراسة التاريخ من أجل أخد العبر والموعظة، ولا نأخذ بها كما هي عند ميكافيللى - باعتبار أن التاريخ يعيد نفسه أو كما أخد بها هيجل - بأننا لا نتعلم من التاريخ شئ - انطلاقا من إن كل الأشياء في تطور وتقدم . الابتعاد عن وسائل ميكافيللى أللأخلاقية، وعن مبدأ الغاية تبرر الوسيلة - حيث أنهُ يجب أن تكون غايات الإنسان في حياته مقيدة بما أذن الله به في شريعته لعباده، فليس كل غاية تبدو للإنسان - يجوز له أن يجعلها إحدى غاياته مالم تكن غاية ماذوناً بها شرعاً كذلك إن يكون سعي الإنسان إلى غاياته الماذون بها شرعا، وذلك ضمن الوسائل التي ليس فيها أهدار للحق أو للعدل أو للفضيلة وللواجب، وليس فيها ارتكاب المحرم من المحرمات الشرعية، وليس فيها إسراف ولا تدبير - بدل ذي قيمة .