جبــر المنطق دراســــــة تحليلية

تاريخ النشر

2010

نوع المقالة

رسالة ماجستير

عنوان الرسالة

كلية الآداب - جامغة طرابلس

المؤلفـ(ون)

خليفة سعيد الحراري

ملخص

يتضح لنا ومن خلال هذا البحث أن اغلب الدراسات التي قدمتها كتب تاريخ العلم في مجال الفكر الرياضي، تبدو مبتورة ويعتريها العديد من النقص والتقصير، بل وأيضا تقدم دراسات تبدو في نظر الكثيرين أنها حقائق علمية، إلا أن ما أثبتته هذه الدراسة والدراسات الجادة التي اعتمدنا عليها في هذا البحث، يبدو الأمر مختلف، وذلك حين تغيب ما قدمته الحضارة الإسلامية من انجازات علمية خاصة في مجال الفكر الرياضي . بناء على ما سبق فان ما أثبتته هذه الدراسة يبدو على درجة عالية من الأهمية، ذلك إن علاقة العلم الإسلامي بالعلم الأوربي الحديث، لم تكن مرحلة قدمت فيها الحضارة الإسلامية تراث اليونان العلمي إلى أوربا، وإنما العلاقة بين العلم الإسلامي والعلم الأوربي الحديث تكمن في أنها نضج واكتمال وان لم نقل قطف الثمار ومحاولة الزرع من جديد. إن نسبة علم الجبر إلى الحضارات التي سبقت الحضارة الإسلامية كاليونانية مثلا كان نتيجة زيف وتضليل لا أكثر، ذلك إن علم الجبر هو منهج رياضي إسلامي نشاء داخل البيئة الإسلامية ، فهو يقع داخل الإطار الفكري العام للحضارة الإسلامية حيث يتشكل المنهج العلمي الإسلامي، لقد كانت حاجة الناس إليه هي الدافع إما لأغراض دينية أو لمصلحة مادية، كما عبر عن ذلك سارطون في كتابه تاريخ العلم حين قال عن البداية العملية للعلم ، إنه بدأ حينما عمد الناس إلى حل عديد من معضلات الحياة. . . ولكن هذه البداية كانت كافية لبدء العلم، فعلم الجبر منهج رياضي تحليلي يمتلك العديد من الصيغ التحليلية التجريدية التي لها من القدرة على فك المركبات العددية التي يصعب حلها، كما إن لهذه الصيغ التحليلية التي يمتلكها القدرة على وضع الحلول للعديد من المسائل والقضايا الرياضية الصعبة والمعقدة، والتي لم تستطع المناهج الرياضية السابقة إيجاد الحلول لها. إن التغيرات العلمية التي أحدثها علم الجبر في مجال الفكر الرياضي خاصة فيما يتعلق بالحساب الجبري والهندسة التحليلية بالإضافة إلى الرموز الجبرية، تكمن في تحرير هذه العلوم من ملازمة قوانين ومبادئ المنطق الأرسطي، والتي غالبا ما تنسبها كتب الرياضيات الحديثة إلى مفكري عصر النهضة الأوربية هي من انجازات الحضارة الإسلامية، التي قدمتها أسماء علماء يجب أن نصرح بها في كتابة تاريخ العلم، كالكرجي، والسمؤال، والكاشي، وعمر الخيام، والقلصادي، وابن الهائم ، قبل كتابة العديد من أسماء العلماء الذين تابعوا هذه الانجازات في أوربا، كبسكال، ونيوتن، وديكارت، وفيتا، وان لم نقل إن هؤلاء العلماء استفادوا مما قدمه أساتذتهم العلماء المسلمين في هذا المجال، فاستثمروا تلك الإمكانيات العلمية وعلى أجيال متعاقبة. بتعبير أكثر دقة فإن هذه الدراسة قد كشفت لنا على مجموعة من القضايا التي تبدو لنا ومن خلال هذا البحث أنها قضايا مهمة بالنسبة لتاريخ العلم وهذه القضايا تكمن في: أن علم الجبر هو منجـزات الحضارة الإسلامية، وان الخـوارزمي هو أول من أسس هذا العلم كعلم يهتـم بدراسة الصيغ التحليلية التجـريدية، المعادلات الجبـرية. أن الأسس التي قامت عليها نظرية ذات الحدين أو حساب الاحتمالات كما تسميها كتب الرياضيات الحديثة التي تنسب في العديد من الأبحاث العلمية إلى بسكال، ورفيني هوفر، ونيوتن، ما هي إلا نتاج الأبحاث العلمية بين علم الحساب وعلم الجبر التي قام بها كل من، الكرجي ، و السمؤال، والكاشي، ومن ثم فهي من منجزات الرياضيات الإسلامية. إن الهندسة التحليلية والتي تنسب إلى علماء عصر النهضة الأوربية وبالتحديد إلى ديكارت، ما هي إلا نتاج الأبحاث العلمية التي قام بها عمر الخيام من اجل تطوير الموضوع الجبري بالهندسة، كما إن - عمر الخيام - هو أول من قدم الحل الهندسي للمعادلات الجبرية من الدرجة الثالثة وصنفها وفق مجموعة من القواعد والصيغ التحليلية. إن الرموز الجبرية هي أيضا من منجزات الحضارة الإسلامية، وما تنسبه كتب الرياضيات الحديثة إلى عالم الرياضيات - فيتا - قد سبقه إلى ذلك كل من - ابن الهائم - والقلصادي. إن تأثير المنهج الإسلامي علم الجبر في تطوير موضوع المنطق الاستدلال، يبدو واضح وصريح ، حيث الانتقال من الصورية إلى التجريد الأكثر صورية. إن نظرية جبر المنطق والتي ساهمت وبشكل كبير في تحسين الدراسات المنطقية والرياضية، بما قدمته من أفكار وعالجته من قضايا منطقية ورياضية حيث إنها من الأساسات الأولى التي قام عليها المنطق الرياضي، ما هي إلا نتاج استثمار إمكانيات وتقنيات المنهج الرياضي الإسلامي علم الجبر في أوربا، خاصة فيما يتعلق بمفهوم العلاقة المنطقية. بناء على ذلك فقد كشفت لنا هذه الدراسة على إن استثمار إمكانيات المنهج الرياضي الإسلامي علم الجبر لم يقتصر على الرياضيات فقط، بل تعدى ذلك ليشمل المنطق نفسه، ذلك إن المنطق من العلوم التي لم يكن من المستطاع إضافة الشئ الكثير إلى مكوناته، إلا انه وبفعل التقنيات التي يمتلكها علم الجبر خاصة فيما يتعلق ببناء الصيغ التحليلية التجريدية، التي لا تهتم بتفسير العيان التجريبي المجسم بقدر ما تهتم بتفسير العلاقات القائمة بين العيان، رأينا ومن خلال هذه الدراسة كيف تم دمج الوحدة المنهجية بين علم الجبر والمنطق لتنفك حدود المنطق القديم حين ترتقي إلى أعلى مستوى من التجريد، ففي جبر المنطق أو حساب الفئات، تتعدد الصيغ التحليلية المنطقية، التي لم تعد تهتم بالصور والإشكال أي الحدود المجسمة، كالأنواع والأجناس مثلا، وإنما تهتم بالعلاقات القائمة بين حدود مجردة، أي أن الحدود نفسها لم تعد كما كانت بل هي رموز مجردة ( فئات ) مما دفع بموضوع المنطق الاستدلال إلى البحث عن العديد من الأنساق المنطقية، والصيغ التحليلية المجردة الخالية من التناقض، الأمر الذي ادخل المنطق والرياضيات في أفاق علمية جديدة.