النظـــام الصــرفي في اللـغة العـــربية من خلال اللسانيات الحديثة

تاريخ النشر

2009

نوع المقالة

رسالة ماجستير

عنوان الرسالة

كلية الآداب - جامغة طرابلس

المؤلفـ(ون)

عبد الحميد غـيث مروان

ملخص

بحمد الله أختتم هذا البحث، وإياه أدعو أن يجعله في خدمة اللسان العربي الذي شرفه بأن جعله لسان خاتم أنبيائه وأديانه وكتبه ؛ فكان لسانا لا كسائر الألسن لفظا وبيانا، وامتاز العرب به عن غيرهم من الأمم قرونا وأزمانا. . وبعد ؛ فإن كل عمل بشري يحتاج إلى إكمال وإن ادعى صاحبه الكمال. وكل جهد علمي هو حلقة من حلقات البحث والمعرفة، ودرجة من درجات الحضارة الإنسانية مهما تفاوت محتوى هذه الدرجات. وهذا الجهد الذي يتناول جانبا أساسيا من جوانب اللغة – وهو الجانب الصرفي؛ حاولت أن أصل فيه إلى أن اللغة العربية قد نالت حظا موفورا من البحث والتحليل منذ أن تشرفت بكتاب الله العزيز ؛ فلم يكن جانب أو فرع من فروعها إلا درسه علماؤها خدمة لها وللرسالة التي كانت وعاء لها. فلم يعد من شك في كونها صارت ذات خصوصية وامتياز لا ينبغي من منطلقها إخضاع مستويات درسها كافة لطرائق البحث اللساني الحديث. وليس من باب التعصب الزعم بهذه الخصوصية والتميز ما دام القرآن الذي هو كلام رب العالمين قد نزل بها، محفوظا أبدا كما شاء له منزله. إذ كيف تكون كسائر اللغات وهي التي لا تزال كما كانت عليه منذ خمسة عشر قرنا ؛ في حين أن الملاحظ على اللغات تتغير من قرن إلى قرن، ولا تكاد تثبت لغة على مفرداتها واستعمالاتها لأربعة أو خمسة قرون متوالية. لذا ؛ فإنه لا ينبغي الانسياق وراء كل ما يفد إلينا من الغرب من آراء ونظريات ؛ بل لا بد من تمحيص وتدقيق كل وارد وجديد، ولا ندخل كل جحر أووا إليه بحجة عالمية العلم والمعرفة، مثلما انسقنا وراءهم في نظرية التطور والارتقاء وأدخلناها مناهجنا التعليمية مع تعارضها الفاضح مع أبسط مبادئنا الإسلامية، كون آدم عليه السلام أبا البشر وأول الأنبياء ومن ثم فالباحث يرى أنه ليس من باب التعصب الدفاع عن الدرس الصرفي العربي؛ فهو يؤيد تنويع آليات البحث والدراسة للغة العربية ولا يرى غضاضة في الإفادة مما وصلت إليه اللسانيات الحديثة ؛ لكن عملية البحث اللغوي وتطويره ليست بالأمر السهل الذي يمكن أن تقوم به جهود فردية في معزل عما حولها من جهود وأبحاث ونظريات. وإنما ينبغي أن تكون ضمن سلسلة من الأعمال والجهود التي تؤتي مجتمعة ثمرتها للغة محل البحث والدراسة. وهذه أهم النقاط التي يرى الباحث أن تعطى الأولوية في مجال التحديث والتطوير: أولا: الاستفادة من النظريات اللسانية المعاصرة في البحث، بحيث لا يتم تجاهل أي منها أو التهوين من شأنها، إذ من الملاحظ أن كثيرا من اللغويين لا يأبهون بهذه النظريات الحديثة في البحث اللساني. وقد يكون السبب وراء ذلك هو عدم توفر العُدة المعرفية والنظرية من رياضيات متقدمة ومنطق حديث بالإضافة إلى الإغفال شبه التام للغويات الحاسوبية وإنجازاتها في معالجة النحو آليا، وما أدت إليه من كشف كثير من الأسرار النحوية. فجامعاتنا ومجامعنا ومعاهدنا قد أغفلت اللغوياتِ الرياضية واللغوياتِ الحاسوبية والإحصاء اللغوي وبناء النماذج اللغوية، التي تمثل الهياكل الأساسية للتنظير النحوي الحديث. ثانيا: ضرورة التفريق بين التنظير للغة وعملية تعلمها ؛ إذ يجب أن نميز بين النحو التعليمي الذي نُدرّسه، وبين مجالات البحث العلمي التي تمكن من المشاركة في التطور العام للتصورات اللغوية، مما يتيح الاستفادة منها في إصلاح البحوث اللغوية. ثالثا: ضرورة تنويع مظاهر التنظير النحوي للغة العربية، وعدم الانحياز المسبق لبعض المدارس النحوية الحديثة، حيث إن تعريض نحو العربية لتيارات تنظيرية متعددة بل ومتعارضة أيضا هو الكفيل بكشف جوانبه المتعددة، والإسراع من حركة الإصلاح النحوي وترشيدها دون تحيز أو تعصب لأي مذهب أو اتجاه. كما يؤكد الباحث على عدة أمور بدت جلية من خلال البحث والدراسة فيما يتعلق بالدرس الصرفي في اللغة العربية ويرى: أن الدرس الصرفي العربي كان قائما على منهج معين اقتضى أن يكون بالصورة التي ظهر عليها، ولا يزال ينظر إليه بعين الإكبار والإعجاب. أن الدرس الصرفي الغربي يختلف إلى حد بعيد عن الدرس العربي من خلال المنهج الوصفي الحديث الذي قام على أساسه الدرس الغربي ؛ على الرغم من أن "فندريس" يؤكد أن القياس يعد أساسا لكل صرف. أن اللغات وإن اشتركت في بعض العموميات تظل لكل لغة خصوصية ما في أحد جوانبها. أن محاولة تطبيق نظريات لسانية غربية حديثة على اللغة العربية قد لا يكون في صالحها مهما كانت الدوافع والأسباب ؛ لأنه لا بد أولا من معرفة مدى احتياج العربية لتطبيق مثل هذه النظريات. أن محاولة تقريب اللغة من مستعمليها ليس بالضرورة أن يكون باتباع النظريات الحديثة. فالمناهج وطرائق التعليم وهيكلياته قد يكون لها الكفل الأكبر في هذا التباعد. أن طبيعة اللغة العربية ليست بحاجة إلى التقسيم السباعي للكلم الذي اقترحه د. تمام حسان لأنه تقليد غربي وليس نابعا من اللغة العربية نفسها، بدليل عدم اطراد العلامات التي وضعها لتحديد كل قسم. أن ثمة محاولات عمدت إلى تحديث الدرس الصرفي أغلبها كان محدودا ويتسم بالقصور وعدم النضج كمحاولتي د. إبراهيم أنيس ود. مهدي المخزومي، بخلاف محاولة د. تمام حسان التي – على الرغم من المآخذ التي تم تتبعها عليها بدت أكثر نضجا واكتمالا وترقى إلى مستوى النظرية. أن اللواصق في اللغة العربية ذات طبيعة خاصة ؛ فهي ليست مقتصرة على حروف أو مقاطع، وإنما تتداخل الحركات- التي هي من خصائص العربية - مع هذه اللواصق فتؤدي دورا مورفيميا. ومن ثم فليس من السهل تحديد كيفية عمل هذه الحركات صرفيا. ويوصي الباحث في ختام بحثه بأن يستمر البحث في هذا الجانب من اللغة، وأن يتم التركيز على : دراسة اللواصق في العربية في ضوء اللسانيات الحديثة. دور الحركات في الدرس الصرفي التراثي، ومقارنتها بنتائج الدرس الصوتي الحديث.