تحقيق جزء من مخطوط البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي من الآية 219 من سورة البقرة إلى الآية 41 من سورة آل عمران مع دراسة قراءة أبي السمال قعنب العدوي الواردة في كامل التفسير

تاريخ النشر

2010

نوع المقالة

رسالة ماجستير

عنوان الرسالة

كلية الآداب - جامغة طرابلس

المؤلفـ(ون)

صالح علي جقلول السوكني

ملخص

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعود بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وأصلي وأسلم على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد النبي الأمين، وعلى آله وأزواجه أمهات المؤمنين، وعلى أصحابه الغر الميامين، ومن والاهم وسار على نهجهم وتبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد: فإن خير العلوم التي يشغل بها المرء نفسه، وأفضلها هي علوم القرآن الكريم لا سيما إذا كان هذا العلم علما يُستخرج به فرائد الدر من الكتاب العزيز، وجواهر الياقوت والزمرد من ثنايا الآيات القرآنية الكريمة، وبيان معانيها، واستنباط أحكامها وحكمها. ولا يكون ذلك إلا بعلم التفسير الذي به وُثّقت أقوال الصحابة والتابعين لهم من السلف الصالح في تفسير الآيات، ونقل فهمهم لها بما تلقوه عن النبي وقد اهتم علماء الإسلام بهذا العلم اهتماما كبيرا فصنفوا فيه تصانيف جليلة تحمل في ثناياها تراثا عظيما، وكنزا علميّا قيما. ومن أجل ما صُنِّف في هذا العلم تفسير البحر المحيط لأبي محمد بن يوسف الأندلسي الغرناطي الذي ألمَّ فيه بأقوال من سبقه في هذا الباب محللا ومناقشا ومستعرضا آراءهم في غاية من التراكيب البليغة، والأساليب الفريدة التي تدل دلالة قاطعة على مكانته في هذا العلم، ومكانة تفسيره الجليل بين التفاسير. وإن كان تفسير البحر المحيط قد تم إخراجه في عدة طبعات محققة وغير محققة إلا أنها ـ ومع الجهد المبذول فيها ـ أخل فيها أصحابها بنص الكتاب فتعددت فيها الأخطاء المطبعية فضلا عن السقطات التي جاءت في المتن فخرج غير سليم في كثير من مواضع التفسير،وسأبين ذلك من خلال الحديث عن الدراسات السابقة ـ إن شاء الله تعالى ـوتقوم الرسالة على جانبين : الأول: تحقيق جزء من مخطوط التفسير يبدأ من: الآية 219 من سورة البقرة إلى الآية 41 من سورة آل عمران. الآخر: دراسة وتوجيه قراءة أبي السمال قعنب العدوي الواردة في كامل التفسير. وقد كان التمهيد عن أبي حيان من نصيب طالب قبلي فأعرضت عنه. وقد قدمت جانب التحقيق على جانب الدراسة؛لأني استخرجت وجمعتُ قراءة أبي السمال من تفسير البحر المحيط، فهي جزء منه؛فقدمتُ الكل على الجزء، سائلا الله ـ العلي العظيم ـ أن أكون قد وُفِّقتُ فيما قمت به من عمل. أسباب اختيار الموضوع: يرجع سبب اختيار تحقيق تفسير البحر المحيط إلى أسباب عدة منها: حب كتاب الله، والطمع في رضوانه، ومغفرته، وثوابه بخدمة كتابه العزيز. ارتباط هذه الدراسة بالقرآن الكريم، هذا الكتاب الذي يقف الإنسان عاجزا عن إدراك أسراره اللغوية، والبلاغية، والإحاطة بها مهما اعتقد أنه قد وصل إلى أعلى درجات العلم. إن تفسير البحر المحيط يمثل مرحلة من مراحل التطور الفكري في استخدام النحو لتفسير معاني القرآن؛إذ حشد فيه أبو حيان آراءَ جمعٍ غفيرٍ من النحاة الذين سبقوه، فلا تكاد تخلو صفحةٌ من صفحاته من رأي سابق في النحو، والإعراب،. ولم يكن عمله مجرد حشد، وتجميع، وإنما قابل تلك الآراء بالشرح، والتقويم، والنقد، وربما أضاف رأيا لم يسبقه إليه أحد من قبله. يُعدُّ تفسير البحر المحيط المرجع الأول، والأهم لمن أراد أن يقف على وجوه الإعراب لألفاظ القرآن الكريم، وبذلك فهو يعد موسوعة إسلامية كبيرة، ومصدرا مهما في كثير من الدراسات. يعد تفسير البحر المحيط من أكثر التفاسير المهتمة بالإعراب، والقراءات تداولا بين العلماء، والدارسين؛لغزارة مادته، وسهولة فهمه واستعابه. غموض موضوع القراءات في أذهان الكثير من القارئين لكتاب الله ـ سبحانه وتعالى. التعريف بالقراء. معرفة موقف أبي حيان من القراءات المتواترة منها، والشاذة. إن تفسير البحر المحيط بحاجة ماسة إلى إعادة تحقيق؛لما في الدراسات السابقة من قصور في منهج التحقيق. إبراز شخصية علمية مرموقة، لها إسهامات في الدراسات القرآنية، والنحوية، والبلاغية، والأدبية. الإسهام في إحياء تراث هذه الأمة العظيمة، وإخراجه للناس للاستفادة منه في الصورة التي أرادها لها المؤلف ما استطعت إلى ذلك سبيلا. رجاء رضى الله والتقرب إليه، ومصاحبة رسولهe في جنات الخلود. أهمية الموضوع العلمية: مهما تكلمت عن تفسير البحر المحيط فإنني لن أوفيه حقه، ولن أستطيع أن أُلمَّ في هذا العرض بكل ما يتعلق بأهميته العلمية للقارئ، والدارس، والباحث؛ففيه وضع أبو حيان خلاصة علمه الذي استخلصه منذ أن أكبَّ على العلم حتى أواخر حياته، ومن أهم ما يقال: يُعدُّ هذا التفسير من أجل كتب التفسير التي اعتنت بالنحو، والإعراب، وتوسعت فيه ـ ولا عجب في ذلك ـ فمؤلفه قد بلغ مكانة مرموقة قي العربية، ولا أدلَّ على ذلك من كتابه ( ارتشاف الضرب ) الذي يُعَدُّ أجمع موسوعة جمعت ما قاله المتقدمون، والمتأخرون. اهتم فيه مؤلفه بحشد رواية القراءات، وتوجيهها، والاحتجاج لها، والدفاع عنها، وتخريجها على أحسن الوجوه، ولا يخفى أنه كان عالما في القراءات، وقد أجازه الكثيرون، وروى عن الجم الكثير، حتى إن شيوخه بلغوا نحو أربعمائة وخمسين، وزد على ذلك أنه عَمَّرَ طويلا حتى بلغ التسعين قضى جُلها في التعلم، والتعليم، والتأليف. هذا المؤلف هو أضخم مؤلفاته، وقد ألفه في السابعة والخمسين من عمره، وكان أستاذا للتفسير حينها؛فأودع فيه الغرائب، والأفكار، وهو بحق منهج للتطبيق النحوي على الأساليب القرآنية الكريمة. يمثل هذا التفسير مرحلة مستقلة من مراحل النحو، والتفسير، وهي كما اسماها د. إبراهيم رفيدة ـ رحمه الله ـ : "مرحلة الشرح، والتقويم، والنقد" يعد مصدرا، ومرجعا لا غنى عنه لأي باحث، وطالب في مجال الإعراب، والتطبيق النحوي، وللباحث في الروايات صحيحها، وشاذها، ووجوهها اللغوية. يعد مراجعة عامة، وتقويما لأقوال المفسرين، والمعربين النحويين الأوائل.