ابن النحاس الحلبي نحوياً (ت 698هـ)

تاريخ النشر

2014

نوع المقالة

رسالة ماجستير

عنوان الرسالة

كلية الآداب - جامغة طرابلس

المؤلفـ(ون)

زينب رمضان عبد الله أحمد

ملخص

بعد دراستنا لكتاب التعليقة، وإمعان النظر في أغلب موضوعاته، و تتبعنا لآراء ابن النحاس، وأحكامه في القضايا النحوية والمسائل يمكننا استنباط بعض النتائج منها : أن الأحداث السياسية في المائة السابعة لم تمنع استمرار النهضة العلمية التي نمت وازدهرت، بل ساهمت في دفعها إلى الأمام بكثرة الحواضر والمهتمين بالعلم والعلماء. كثرة المؤلفات وكتب الشروح في القرن السابع، ومن يتتبع النشاط العلمي في هذا القرن يجد نفسه أمام ثروة علمية ضخمة، وكان لعلم النحو حظ ونصيب وافر منها، فقد ألفت العديد من الكتب، ومن تلك الكتب (التعليقة على المقرب) لابن النحاس. من خلال دراستنا للتعليقة اتضح لنا أن مؤلفها يدعى ابن النحاس الحلبي من علماء القرن السابع، و ليس أبا جعفر النحاس الذي عاش في القرن الرابع، وما يؤكد قولنا هذا، هو ورود آراء علماء من القرنين السادس والسابع في كتاب التعليقة، إذ كيف لمؤلف من القرن الرابع أن يأتي بآراء للزمخشري و العكبري وغيرهما ! فضلاً عن شرحه مُصَنَّفَاً أُلِّف في القرن السابع !كان ابن النحاس عالماً من علماء النحو واللغة، وقد امتلك علماً واسعاً وفكراً ناضجاً، فجادت قريحته بالتعليقة، لأن له ملكات متعددة الجوانب، في الشعر وعلوم القرآن والأدب وغيرها. لعل من أهداف تأليف التعليقة هو توضيح المستغلق وشرح المبهم وتيسيرالنحو ونرى أن ابن النحاس قد سعى لتحقيق هذه الغاية. اهتم ابن النحاس في التعليقة بذكر المسائل التي لم تستوف حقها في المقرب، كما أنه أضاف الكثير من الاستدراكات على ابن عصفور، فاستدرك عليه في الأخبار الواجبة الحذف، واستدرك عليه في مسوغات الابتداء بالنكرة كما استدرك عليه في أفعال المقاربة وغيرها من الاستدراكات. أولع ابن النحاس كثيراً بذكر خلافات النحويين، خصوصاً تلك الخلافات التي احتدمت وتأججت نيرانها بين علماء البصرة والكوفة. اعتمد ابن النحاس على الأدلة النحوية اعتمادا واضحا فقد كان يأخذ بالسماع والقياس والإجماع واستصحاب الحال، وقد أتى ابن النحاس بالتعليل لإقناع سامعيه وقارئيه، وابتكر بعض العلل. شواهد ابن النحاس في التعليقة تتنوع بين قرآن، وحديث وشعر ونثر، إلا أن الشواهد الشعرية كانت أكثرها، ويليها القرآن وقراءاته، وكان ابن النحاس يأخذ بالقراءات المتواترة ويرد الشاذة. ابن النحاس استشهد بشعر الجاهليين والإسلاميين، وأما المحدثون فقد أورد بعض أشعارهم بقلة، فاستشهد بأشعار أبي تمام والمتنبي وأبي نواس. كان ابن النحاس لا يستشهد بالحديث إلا قليلاً، وقد يرجع السبب في ذلك إلى أنه كان من المقلين الذين لم يتوسعوا في الاستشهاد بالحديث، وما يلاحظ على ابن النحاس أيضاً أنه لم يكثر من الأمثال. ابن النحاس يميل في الغالب إلى المذهب البصري، وهذا الأمر يتضح من خلال مسائله وقضاياه، حيث كان يأخذ بآراء البصريين ويرد ما دونها. اعتمد ابن النحاس في كتابه على المقرب اعتماداً واضحاً، فبوبه على أبوابه وموضوعاته، كما أنه قد غير شيئاً بسيطاً، فقد فصل القسم عن باب الخفض وأفرد له باباً خاصا، وفعل الأمر ذاته مع (حبذا). لم يقتصر ابن النحاس في كتابه على مسائل النحو وقضاياه، بل ألم بالصرف واللغة والأدب والجانب الصوتي. لابن النحاس آراء خاصة مثل القول بأن للحرف معنى في نفسه، ومثل القول بأن لام كي ولام الجحود لامٌ واحدة، كما أن له مصطلحات أخرى منها : رائحة الفعل، والصفة العرية، والمفعولية المتمحضة، ومشبه الجملة وغيرها. اعتمد ابن النحاس في التأليف على رأي كبار علماء النحو واللغة، فهو بذلك كان جمّاعاً لآراء غيره، و مبتكراً ما صنعه في نفس الوقت. من يتصفح كتب النحاة المتأخرين كأبي حيان و السيوطي وغيرهما يجد أن لابن النحاس الكثير من الآراء المبثوثة في كتبهم. نقل ابن النحاس كثيراً من أقوال العلماء من بصريين وكوفيين و غيرهم، وكان يعزو الكثير من الآراء لأصحابها، وكان يذكر مؤلفاتهم أيضاً. يعد كتاب التعليقة الأنموذج في النحو الذي يمثل كتب الشروح التي ظهرت في القرن السابع الهجري. عليه مآخذ بيناها في مواطنها، وهي تتعلق بإسرافه في ذكر الخلافات وتحامله الشديد على الكوفيين، و عدم استقلال التعليقة عن المقرب و غيرها. تأثر ابن النحاس كثيراً بكتاب سيبويه، إلا أن التعليقة تمتاز بكونها مرحلة متطورة ومتقدمة عن الكتاب منهجياً.