مبادئ علم السياسة المعاصر

تاريخ النشر

2021-1

نوع المقالة

عمل غير منشور

عنوان المقال

المؤلفـ(ون)

د. مصطفى عبد الله أبو القاسم خشيم

الصفحات

1 - 400

ملخص

بالرغم من انخراطي في عملية التأليف منذ بداية العقد الأخير من القرن العشرين، إلا أنني كنت مترددا في تأليف كتاب عن مبادئ علم السياسة لاعتبارات موضوعية وغير موضوعية في تلك الفترة التي لم تكن فيها حرية الفكر متاحة. إلا أن فكرة تأليف كتاب عن مبادئ علم السياسة قد راودتني من جديد في الألفية الجديدة، لاسيما وأن خبرتي في هذا المجال قد زادت بشكل ملحوظ. فمؤلفاتي في مجال علم السياسة قد وفرت لي قاعدة بيانات ومعلومات، الأمر الذي يسر عملية تأليف هذا الكتاب في الوقت المتاح والحمد لله. ولقد توخيت التجديد في إطار هذا المؤلف، نظرا للنمط التقليدي في كتب مبادئ علم السياسة التي تركز في العادة على مواضيع ومجالات مختارة قد لا تعطي فكرة عن طبيعة علم السياسة المعاصر. فالطالب المبتدئ لا يميز بين السياسة كعلم والسياسة كنشاط وفن وفلسفة، وعليه فقد تم توضيح ودلالات ذلك في إطار هذا الكتاب. كما أنه من الصعب الحديث عن كل فروع ومواضيع علم السياسة في مؤلف واحد قد يرهق الطالب المبتدئ خاصة والقارئ عامة. ولا يعني ذلك بالطبع الانتقاص من مؤلفات مبادئ علم السياسة العربية والأجنبية بقدر ما يعني تناول نفس المواضيع ولكن بمنهجية جديدة. فطالما تطبيق مبدأ أن العنوان يجب أن يعكس نفس المعنون، عليه فقد تم الالتزام بمبادئ وأسس السياسة كعلم. فالسياسة كعلم تعني وجود تراكم معرفي يعرف في الأدبيات بالأطر النظرية التي تبسط لنا الواقع السياسي من خلال نظريات تصف وتحلل وتتنبأ بالسلوك السياسي من ناحية، وتزودنا بمناج ومداخل وأساليب بحث يمكن من خلالها دراسة الظواهر والعمليات السياسية المختلفة من ناحية أخرى. صحيح أن كتب مبادئ علم السياسة تتوخى تبسيط الموضوع بقدر الإمكان، وهذا ما سعينا اليه في هذا المؤلف، لكن تمشيا مع قاعدة أن العنوان يجب أن يعكس نفس المعنون وجب على الطالب المبتدئ والقارئ الالمام بفروع ومواضيع في إطار نظري يأخذ في الحسبان التراكم المعرفي عبر الزمان والمكان. ويحتاج الطالب المبتدئ خاصة والقارئ عامة إلى التمييز بين السياسة كعلم والسياسة كنشاط وفن وفلسفة، حتى يمكن بالتالي التمييز بين التحليل العلمي والتحليل الفلسفي، وبين الموضوعية وعدم الموضوعية، وبين الابتكار والتطوير وممارسة السياسة كنشاط أو مهنة. فبالرغم من أن الجميع يفهم ويمارس السياسة بطريقته، إلا أن وصف وتفسير والتنبؤ بالسياسة بشكل علمي لا يمكن أن يتم بمعزل عن أدبيات علم السياسة التي تزخر بأطر نظرية تجسد المعرفة التراكمية منذ أن تأسس هذا الفرع من فروع المعرفة في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. عليه فبدل اختيار مواضيع محددة تعرف الطالب المبتدئ والقارئ بمبادئ علم السياسة، فقد تم ترتيب المواضيع بشكل يعكس تطور هذا الفرع من فروع المعرفة. فعلم السياسة التقليدي أو الكلاسيكي، الذي تأسس نتيجة تضافر جهود علماء: الفلسفة السياسية، والاقتصاد السياسي، والاجتماع السياسي، والجغرافيا السياسية، والإدارة العامة، والقانون الدولي وغيرها من فروع العلوم الاجتماعية والإنسانية الأخرى، عكس قيام ثورة فكرية تم من خلالها تطوير أطر نظرية تحلل وتصف وتتنبأ بالظواهر السياسية بعيدا عن التأملات الفلسفية المثالية التي سادت في الماضي. ونظرا لطبيعة الظواهر والعمليات السياسية المتسمة بالحركية، عليه فقد قامت ثورة فكرية تعرف بالثورة السلوكية في منتصف القرن العشرين تحولت بموجبها السياسة إلي فرع معرفي مستقل وإن كان متدخلا مع العديد من المجالات المعرفية الأخرى. ولقد تم في المرحلة السلوكية عموما تطوير أطر نظرية امبيريقية تأخذ في الحسبان التطور العلمي الذي حققته العلوم الطبيعية والكثير من فروع العلوم الاجتماعية التي احرزت تقدما منهجيا ملحوظا كعلم الاقتصاد وعلم النفس. ولم ولن يتوقف التقدم العلمي المعرفي عند المدرسة السلوكية وما بعدها، حيث أن الظواهر والعمليات السياسية تزداد تدخلا وتعقيدا وتحتاج على وصف وتفسير واستشراف مستمرة، الأمر الذي يعني الحاجة على مزيد من الأطر النظرية التي ترقى بالسياسة إلي مصاف العلوم المتقدمة. لقد تطور حقل السياسة كفرع من فروع العلوم الاجتماعية بشكل ملحوظ خلال القرنين التاسع عشر والعشرين. وبينما نحت الاسهامات الأولى المنحى الفلسفي، يلاحظ أن اسهامات الباحثون خلال النصف الثاني من القرن العشرين قد عكست توجها جديد واكب ما يعرف في الأدبيات بالثورة السلوكية. ولسنا هنا بصدد السرد التاريخي لتطور السياسة كحقل من حقول المعرفة الاجتماعية، وبالتالي يلاحظ عموما وجود تصنيفات عديدة لعلم السياسة، لعل أبرزها:  علم السياسة التقليدي وعلم السياسة الحديث والمعاصر،  علم السياسة الكلاسيكي وعلم السياسة السلوكي والمابعدي،  علم السياسة الكمي وعلم السياسة الكيفي،  علم السياسة الجزئي وعلم السياسة الكلي،  علم السياسة الامبيريقي وغير الامبيريقي. وبالرغم من أن التصنيفات السابقة تعكس الواقع التاريخي لهذا الحقل من حقول المعرفة الاجتماعية، إلا أنها تعكس في واقع الأمر أبعاد منهجية تجسد تطور السياسة كنشاط وفلسفة وفن وعلم. وسيتم التركيز عموما على تصنيف علم السياسة إلى امبيريقي وغير امبيريقي للاعتبارات التالية: 1. إن هذا التصنيف يركز على التطور المنهجي لتشكل علم السياسة، على اساس أن العلوم المعاصرة تتبنى منهجية علمية لا تنبع من فراغ، 2. إن تقسيم علم السياسة إلي امبيريقي وغير امبيريقي يساعد الباحث المبتدئ إلي الالمام بأدوات البحث العلمي، وذلك على غرار الباحثين في بقية فروع المعرفة المختلفة، 3. إن الأخذ بالبعد الامبيريقي لعلم السياسة لا يعني بالضرورة تجاهل البعد غير الامبيريقي، على اعتبار وجود تدخل بين مواضيع علم السياسة المختلفة. 4. إن الأخذ بالبعد الامبيريقي لعلم السياسة يأخذ في الحسبان الأبعاد: الجزئية والكلية، الكمية والكيفية، والكلاسيكية والسلوكية السالفة الذكر. عليه، سيتم التعرض لأبرز فروع ومواضيع علم السياسة الامبيريقي، مع التركيز على بقية التقسيمات المختلفة في إطار الفصول المختلفة لهذا الكتاب. ففى الفصل التمهيدى سيتم التعرض مثلا للبعدين الفلسفي والكمي، ولكن بشيء من الايجاز، على اعتبار أن المتخصص سيدرس هذه التصنيفات المختلفة في مواد اقسام علم السياسة. وتمشيا مع ما سبق، فإن هذا الكتاب يأخذ في الحسبان التراكم المعرفي لعلم السياسة، حيث تم استعراض الأطر النظرية للمدارس الفكرية التي عرفها علم السياسة منذ تأسسه. كما ان تصنيف المواضيع قد تم وفق فروع علم السياسة، حيث خصص فصل لمفهوم السياسة (الفصل الأول)، وفصلين للنظرية السياسية (الفصلين الثاني والثالث)، وفصلين للحكومات والسياسات المقارنة (الفصلين الرابع والخامس)، وفصل للإدارة العامة (الفصل السادس)، وفصل عن العلاقات الدولية (الفصل السابع). arabic 47 English 0