ملخص
يتمثل محور تركيز هذا الكتاب على الإطار النظري لدراسة المشكلات والأزمات العالمية المعاصرة من منظور مقارن يأخذ في الحسبان التطورات التي مر بها علم السياسة بشكل عام وعلم العلاقات الدولية بشكل خاص. فالسياسة ليست مجرد مهنة تمارس، ولكنها تعتبر علماً عريقاً له أطره النظرية ومفاهيمه المحددة، وبالتالي فإن أهمية هذا الكتاب تتجسد في تقديم الإطار النظري اللازم لوصف وتحليل المشكلات والأزمات الدولية المعاصرة. وبالرغم من أن حجم هذا الكتاب لا يسمح بتناول كل القضايا والأزمات العالمية المعاصرة، إلا أنه يجب التنويه في هذا السياق إلى إن الخطوة الهامة الأولى بالنسبة للمحلل السياسي تتجسد في الإطلاع والإلمام على الأطر النظرية والمفاهيم الأساسية ذات العلاقة بالموضوع. فمتى كان الباحث ملماً وقادراً على استخدام الإطار النظري الملائم لدراسة إشكالية عالمية معينة، فإنه يمكن التغلب على كافة العقبات ذات العلاقة، لاسيما ما يتعلق منها بعدم توفر البيانات والمعلومات، أو الانخراط في برامج مرئية أو مسموعة دون سابق إنذار. ويلاحظ منذ البداية، إن الأطر النظرية والمشاكل والأزمات العالمية تتسم بالدينامكية، عليه فإن تطور المشكلات والأزمات العالمية من حيث الكم والكيف واكبها تطورٌ ملحوظٌ في الأطر النظرية التي يزخر بها اليوم علم العلاقات الدولية. وتشير أدبيات علم العلاقات الدولية إلى إن القضايا الدولية لم تعد مقتصرة من حيث الكم على الدول، ولكنها أصبحت تضم أطرافاً فاعلة أخرى، مثل المنظمات الدولية والإقليمية، والشركات عبر القومية. كما إن المشكلات العالمية المعاصرة لم تعد مقتصرة من حيث الكم على قضايا كلاسيكية، مثل السلم والأمن الدوليين والتسلح، ولكنها امتدت اليوم لتشمل قضايا معاصرة سيتم ترتيبها وفق الحروف الهجائية، مثل: 1- ارتفاع أسعار النفط. 2- الإرهـاب. 3- انتشار أسلحة الدمار الشامل. 4- الانفجار السكاني. 5- الإيـدز. 6- البطالة. 7- تلوث البيئة. 8- التنمية البشرية. 9- التنمية المستدامة. 10- الجريمة المنظمة. 11- حقوق الإنسان. 12- الديون الخارجية. 13- الرقابة على التسلح. 14- سو توزيع الموارد بين الشمال والجنوب. 15- الغـذاء والمجاعة. 16- الفساد. 17- المــرأة. 18- نزع السلاح. 19- هجرة العقول. 20- الهجرة غير الشرعية. إذن، إن التطور في المشكلات العالمية المعاصرة من حيث الكم والكيف قد واكبه تطورٌ ملحوظٌ في الأطر النظرية، التي أصبحت تجسد وجود مداخل ومناهج كلاسيكية وسلوكية وما بعدية. وبغض النظر عن المشكلة أو الأزمة محل الاهتمام والدراسة، فإن الباحث يمكنه أن يختار الإطار النظري الملائم من حيث تحديد المفاهيم والمداخل والمناهج، على اعتبار إن بعض المشاكل تلائمها الأطر النظرية الكلاسيكية، وأن البعض الأخر يمكن وصفها وتحليلها عن طريق الأطر النظرية السلوكية أو المابعدية “post-behavioralism”. ولتغطية الأطر النظرية لدراسة المشكلات والأزمات العالمية المعاصرة، سيقسم هذا الكتاب إلى: مقدمة، وخمسة عشرة فصلا. وإذا كان محور اهتمام الفصل الأول سينصب على تحديد المفاهيم المتعلقة بالمشكلات والأزمات الدولية وأوجه الشبه والاختلاف بينهما، فإن الفصل الثاني سيركز على الأطراف أو الفواعل، وأن الفصل الثالث سيهتم بدوره بالمداخل والمناهج المتاحة لوصف وتحليل القضايا والأزمات العالمية. لكن محور تركيز الفصول، 4 إلي 14 سينصب على وصف وتحليل أبرز المشكلات والأزمات العالمية المعاصرة على أرض الواقع، وذلك على النحو التالي : • مشكلة السلم والأمن الدوليين . • دور منظمة التجارة العالمية في تقليص السيادة الوطنية. • الموقف الغربي من الإسلام السياسي. • المجتمع المدني. • الهجرة. • الفساد. • المرأة. • التنمية البشرية. • التنمية المستدامة واتساع هوة التلوث البيئي. • الأزمة المالية العالمية لعام 2008. • مشكلات عالمية أخرى، وسيتم التعرض في هذا الفصل الأخير من الكتاب أيضا إلي عدد من القضايا الأخرى التي لم نتمكن من التعرض لها بالتفصيل في ثنايا الفصول السابقة. لكن نظرا لعدم إمكانية التعرض لمثل هذه القضايا بالتفصيل، عليه فإنه سيتم التعرض باختصار لعشرة قضايا في إطار هذا الفصل، وهذه المشكلات العالمية المعاصرة هي: o أولا، حقوق الإنسان. o ثانيا، الإصلاحات السياسية والاقتصادية. o ثالثا، صراع الشمال والجنوب. o رابعا، تذبذب أسعار النفط. o خامسا، الاستثمار الأجنبي المباشر. o سادسا، نقل التقنية. o سابعا، الهجرة غير الشرعية. o ثامنا، هجرة العقول. o تاسعا، الديون الخارجية. o عاشرا، تلوث البيئة. أما فيما يتعلق بالفصل الختامي، أو الفصل الخامس عشر، فإنه سيركز على مستقبل الدور الذي يمكن أن تقوم به الدول النامية في إصلاح النظام الاقتصادي والمالي والسياسي العالمي. فبيئة المشكلات والأزمات العالمية المعاصرة مازالت تعكس البيئة القديمة التي ما زالت الدول المتقدمة تهيمن عليها، وبالتالي فإن اندلاع الأزمة المالية العالمية لعام 2008، إلي جانب اعتراف عالم الشمال بأهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه بعض دول الجنوب الصاعدة، مثل الصين والهند واندونيسيا والسعودية، قد أدى إلي توسيع مجموعة الثمانية "G8" إلي مجموعة العشرين "G20" وبروز فرص إصلاح النظام العالمي القائم. ولا ندعي إن القضايا العالمية المعاصرة التي تم التعرض لها في إطار هذا الكتاب هي كل القضايا المطروحة على المستويين النظري والواقعي، حيث يمكن التأكيد في هذا السياق إلى صعوبة إن لم يكن استحالة تضمين كل المشكلات العالمية المعاصرة بالتفصيل في إطار كتاب واحد. عليه، فقد جاء هذا الكتاب لكي يلبي المطالب الأكاديمية على وجه الخصوص، والاحتياجات الثقافية والمعلوماتية على وجه العموم. ونأمل أن يلبي هذا الكتاب بشكله الحالي متطلبات مادة مشكلات عالمية معاصرة في الجامعات الليبية والعربية، والله الموفق arabic 69 English 0