ملخص
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، هذا البحث محاولة لرصد مواقف البيضاوي من خلال تفسيره أنوار التنزيل وأسرار التأويل، من بعض القراءات التي اعترض عليها النحاة، إمّا بالرفض أو التلحين أو التضعيف أو رمي قارئها بالوهم، وقد وُجد ذلك في بعض كتب تفسير القرآن الكريم وإعرابه ومعانيه، فضلا عن كتب النحاة. وهذا أمر بعيد عن الصواب؛ فالقراءة متى ثبتتْ بالسند الصحيح، وتوفّرت فيها شروط القراءة الصحيحة، كما قرّرها علماء القراءات، وجب الأخذ بها وعدم ردّها، وإنْ خالفتْها أقيسة النحاة وقواعدهم، فالقراءة موجودة قبل وضع النحاة لتلك القواعد. والبيضاوي مفسّر مشهور له مكانته العلمية الرفيعة، وكذا تفسيره الذي أثنى عليه أصحاب كتب التراجم، وقد كانت مواقف البيضاوي الغالبة في تفسيره من تلك القراءات التي اعترض عليها النحاة، هي أن يُوجّه القراءة توجيهاً مناسباً دون الطعن فيها، وأحيانا يذكر تلك القراءة دون توجيه أو طعن، ما يدل على رضاه عنها، ووُجدتْ مواقف أخرى قليلة تضمّنتْ طعنا مباشرا في بعض القراءات المخالفة لقواعد النحاة، ومن خلال هذه المواقف كلّها يتّضح جليّاً أنّ البيضاوي كان مُجلاّ للقراءات بصفة عامة، سواء كانت سبعية أم عشرية أم شاذّة، وإنْ خالفت أقيسة النحاة، فهو يعتني ببيان القراءات واستقصائها وبيان مَن قرأ بها وتوجيهها والاحتجاج بها, ولا تكاد تمرّ آية فيها قراءات إلاّ بيّنها.