المسؤولية الجنائية عن جرائم الذكاء الاصطناعي

تاريخ النشر

2021-5

نوع المقالة

مقال في مجلة علمية

عنوان المجلة

مجلة البحوث القانونية و الاقتصادية _ جامعة المنصورة - كلية الحقوق

الاصدار

Vol. 2021 No. 0

المؤلفـ(ون)

رحاب علي محمد عميش

الصفحات

762 - 820

ملخص

حدث في منتصف القرن الماضي ما سمي بالثورة المعلوماتية التي نقلت العالم من عصر الصناعة إلى عصر المعلومات فظهر مجال افتراضي للمعاملات ومسرح إليكتروني للجرائم تجاوز مادية السلوك وعبر حدود الزمان والمكان، شكلت هذه الثورة تحديا كبيرا لقوانين صدرت في عصر الصناعة واستلزمت صدور حزمة جديدة لمواجهة ما استجد من تطورات، لكن ظل الإنسان رغم هذا التحول الحضاري الجديد هو اللاعب الرئيسي للسلوك، وظلت إرادته هي أساس المسؤولية الجنائية، كما استمرت الدولة بأجهزتها الرسمية هي المتحكم من الناحية التقنية في البيانات المخزنة مركزيا على أجهزتها الخادمة من جهة، وهي المسيطر من خلال النظام القانوني لها من جهة أخرى، في هذه الأثناء أخذت التقنية المعلوماتية تتطور في اتجاهين خطيرين شكلا ملامح عصر جديد ذو تحديات مختلفة عن تلك التحديات التي أفرزتها الثورة المعلوماتية الأولى، تمثل الاتجاه الأول في تقنية سلسلة الكتل أو البلوك تشين Block chain، وتمثل الثاني في تقنية الذكاء الاصطناعي (AI) Artificial Intelligence بالنسبة للبلوك تشين أو نظام سلسلة الكتل الأمنة فهو عبارة عن نظام للتخزين الحوسبي الموزع بشكل لا مركزي لتسجيل الأحداث والمعاملات والعناوين مما يستحيل معه تزوير أو تغيير أي بيانات مخزنة أو التلاعب فيها، أو السيطرة عليها لأنها تسمح بتسجيل كل معاملة تحدث وأرسالها لكل مستخدم أو مشترك في ذلك النظام المعلوماتي مما مهد لما سمي بالعملة الرقمية اللامركزية خارج سيطرة المؤسسات المالية الرسمية لأول مرة في التاريخ وذلك عندما بدأت هذه العملة في الانتشار والتداول بين الأفراد عبر هذه الشبكة بعيدا عن الأجهزة الرقابية للدول لتشكل بذلك تحديا كبيرا للنظم القانونية للنقد والحماية الجنائية للأموال عامة وقوانين مكافحة غسل الأموال بصفة خاصة، أما بالنسبة للتقنية الأخرى فهي تقنية الذكاء الاصطناعي AI وهى تتمثل في خصائص معينة تتسم بها بعض البرامج الحاسوبية تجعلها تحاكي القدرات الذهنية البشرية وأنماط عملها مثل القدرة على الاستنتاج ورد الفعل واتخاذ بعض القرارات مثل السيارات والطائرات ذاتية القيادة وبعض الأجهزة الطبية من جهة، وبعض البرامج والتطبيقات المتعلقة بتداول الأسهم المالية من جهة أخرى، لتصبح الألة هي المتخذ للقرار وصاحبة السلوك حيث يثور الجدل حول القواعد التقليدية للمسؤولية الجنائية التي تعتمد على إرادة الإنسان وقصده الجنائي. فهل يشكل انتشار هاتين التقنيتين ثورة معلوماتية ثانية؟ وهل أصبحنا في حاجة لإعادة النظر في النظم القانونية الصادرة في حقبة الثورة المعلوماتية الأولى؟ هذا ما سنحاول الإجابة عليه في هذه الورقة حيث يخصص المبحث الأول منها للتحدي المعلوماتي لسلسة الكتل والعملة الرقمية، ويخصص المبحث الثاني للتحدي المعلوماتي للذكاء الاصطناعي.