ملخص
إن الهدف من هذا الفصل يتجسد في وصف وتحليل القوة في إطار العلاقات الدولية، حيث يلاحظ الغنى الملحوظ في الأدبيات في هذا السياق. كما يلاحظ المتتبع لأدبيات الموضوع عدم وجود تعريف عام وشامل للقوة في العلاقات الدولية. إن عدم الاتفاق على وجود تعريف عام شامل يعكس ديناميكية مفهوم القوة من ناحية، واختلاف المدارس الفكرية في إطار علم العلاقات الدولية من ناحية أخرى. فتعريفات الفلاسفة لمفهوم القوة ارتبط بتصوراتهم للجماعة السياسية في بيئتهم المحيطة، وبالتالي يفضل افلاطون مثلا الدولة المثالية وينحاز ماركس للدولة الشيوعية. لكن مفهوم القوة بعد عقد مؤتمر وستفاليا عام 1648 أخذ بعدا جديدا في إطار مفهوم الدولة الحديثة التي أصبحت الطرف الرئيسي في العلاقات الدولية. كما أن مفهوم القوة المعاصر أمتد ليشمل متغيرات عديدة لا تتعلق فقط بالسكان والإقليم والناتج المحلي الاجمالي، ولكنها تعدت ذلك إلي مجالات الانفاق على تطوير التقنية وتحقيق التنمية البشرية. ولا يقتصر الخلاف الفكري على مفهوم القوة، بل إنه يمتد لوسائل قياسها من قبل مدارس فكرية مختلفة. فالفضل يعود لأنصار المدرسة الكلاسيكية في التنبيه لأهمية مفهوم القوة في العلاقات الدولية، حيث طور وودرو ولسون مفهوم قوة القانون في إطار العلاقات الدولية. كما طور هانس مورجنثاو ما يعرف بقانون القوة في العلاقات الدولية. إن تركيز كلا من ولسون ومورجنثاو على متغيرات كيفية لقياس القوة في العلاقات الدولية أدى إلي قيام الثورة السلوكية في خمسينيات القرن العشرين الأمر الذي أدى إلي وجود محاولات جادة للقياس القوة. ومن أبرز المحاولات السلوكية ما قام به روبرت دال في التركيز على سجلات التصويت المحلية والدولية، ونظرية كارل دويتش من خلال تركيزه على متغيرات كمية مثل الناتج المحلي الاجمالي وعدد السكان والتحالفات الخارجية. أما تركيز أصحاب المدرسة المابعدية منذ نهاية ستينيات القرن الماضي فقد انصب على متغيرات كمية معاصرة كالإنفاق على تطوير التقنية وأخرى كيفية يصعب قياسها. كلمات دالة: القوة في العلاقات الدولية، القياس، البحث والتطوير، التقنية، الانفاق العسكري، الناتج المحلي الاجمالي، السكان، قوة القانون، وقانون القوة.