ملخص
شوقي شاعر موهوب ثقّف نفسه من خلال اطّلاعه على دواوين الشعراء القدماء , والإفادة منها كثيرا في شعره من خلال تأثيره في عصره . عُدّ شوقي من الشعراء الكبار الذين لهم تأريخ مجيد , وحاول أنْ يصل إلى مرحلة الأدباء الكبار الذين اكتسبوا سمة المجد والخلود في وقت كانت اللغة محصورة في زوايا ضيّقة بعيدة عن الاستعمال الصحيح والشعراء موغلون في الصنعة . تميّز أحمد شوقي بحبه للعروبة واللغة العربية والإشادة بها على الرغم من ثقافته الفرنسية . وكان من العوامل التي دفعت بشوقي إلى المجد هو استيعابه التراث العربي , تراث الأمة بعد أنْ استوعب عصره , ومن خلال نظرة فاحصة إلى جيل الشعراء الذين عاصروه أو سبقوه في أنحاء الوطن العربي نجد أنّه خير من خدم العربية في لغتها , ونهضتها الفكرية ؛ لذا قامت حوله دراسات كثيرة في مصر , وفي غير مصر في أنحاء الوطن العربي كافّةً . حاول أحمد شوقي بثّ الشعور العربي ,وإيجاده شعوراً عامّاً بوحدة المصير العربي , وبالرغم من ثقافته الفرنسية فإنّه كان يرى في العربية استيعاب الحياة بسبب ما كانت تتميّز به العربية من مرونة في الاستعمال , وسمات أخرى تجعلها في مصافّ اللغات الحية . لقد حاول شوقي إحياء المفردات والألفاظ المهجورة التي تركها الشعراء من خلال إكسائها ثوباً جديداً ليقدّمها للناس في إطار لا ينفر منه الطبع السليم , وهذا ما نراه في مجموعته الشعرية الكبيرة (الشوقيات) . عارض شوقي الشعراء العرب القدماء الكبار كالبحتري وابن زيدون وغبرهم من المبدعين , ومن خلال معارضاته كان يريد عرض الشعر العربي القديم بثوب جديد يتلاءم وروح عصره . لقد تجلّت العروبة في شعره من خلال حبّه العروبة واللغة العربية والتراث العربي , ومن الأدلّة على ذلك هو تعليمه أولاده العربية بنفسه واهتمامه بها حين نفيه إلى بلاد الأندلس . وكان يردّ على الأعاجم الذين شوّهوا حقيقة العرب وإنسانيتهم , لقد استغلّ شوقي المناسبات للإشادة بالأخلاق العربية . وقد وجد شوقي في بلاد الأندلس فرصة مواتية لما يمكن أنْ يكون قد فاتته في الوطن الأمّ من خلال استيعابه الحضارة العربية وتقديمها بصورة مؤثّرة وفعّالة . أفاد شوقي من التأريخ العربي وحاول أنْ يتّخذ منه موضوعاً لمسرحياته التي أظهر من خلالها أخلاق العرب وقيمهم ومجدهم حتّى في مسرحياته العاطفية . وفي مسرحيته النثرية ( أميرة العرب) جعل أبطال روايته يمثّلون الشَمَمَ العربي , والعزّة والرفعة والكرم والإباء , وعدم الخضوع أو الخنوع , وهذه القيم كان شوقي يتحسّسها من خلال إيمانه بالأخلاق العربية . حاول إظهار ها لكي تكون مؤثّرة في المجتمع العربي ,ويعرف العرب هذه الأخلاق ويعودون إليها , ومن مظاهر حبه العروبة بكاؤه بألم شديد حينما رأى المجد الذي هوى في الأندلس , والمدن ذات التأريخ العريق التي تحوّلت إلى خرائب كقرطبة والحمراء وغيرها . ومن علائم عروبته إعجابه بدولة بني أمية وتأريخها ؛ لأنها كانت تمثّل لديه الدولة العربية القوية التي كانت عربية خالصة لم يتدخّل في حكمها الفرس أو الروم أوالأتراك وهكذا تجسّدت الشمائل العربية وحبّ العربية من خلال أعماله التي لم تقتصر على مدح القديم والتغنّي به بل تفاعل حينما رأى الاستعمار الفرنسي يدكّ مدينة دمشق فنظم القصائد الحزينة التي ألهبت عواطف العرب للتخلص من الاستعمار بعد أن وصف وحشية الاستعمار الفرنسي من خلال تعامله مع السوريين . وهكذا كان شوقي يقف أمام كلّ المصائب التي تُمنى بها بلاد العرب ؛ لذا عُدّ شوقي رائداً من روّاد الوحدة العربية .