ملخص
انطلاقا من موقع القيم كنسق معياري ناظم للحياة الاجتماعية، لا يمكن تخطيه أو الاستغناء عنه، فالمنظومة الاخلاقية في أي مجتمع هي هذا النسق في كليته، فمن خلال ما يكتسبه كل فرد منا سواء من خلال مراحل التنشئة المختلفة التي يمر بها، أو حياته المجتمعية، عبر قنوات الاتصال بكل أشكالها، ماهي إلا قيم معيارية تحدد السلوك في الإطار المجتمعي، ونحن في علم الاجتماع لا تخرج موضوعاتنا عن المجال القيمي، فالسلوك الاجتماعي هو سلوك لا يتحرر من القيمة، وقد أشار العديد من علماء الاجتماع في كتاباتهم حول أهمية القيم كقوة داعمة للبناء الاجتماعي تضمن له البقاء والاستمرار، وتنئ به عن الانحراف أو كما يعبر عن ذلك عالم الاجتماع الفرنسي أميل دوركايم باللامعيارية أو الأنومي anomie)) وهي أزمة اخلاقية يتعرض لها المجتمع عندما تنهار منظومة القيم مخلفة فوضة اخلاقية "ويشير انتوني غدنز في معنى القيم بقوله" ما هو محبذ ومرغوب فيه، وهي تضفي معنى محددا وتعطي مؤشرات إرشادية لتوجيه تفاعل البشر مع العالم الاجتماعي. في حين أن تجسيد هذه القيم في ثقافة ما يأخذ شكل قواعد معيارية للسلوك، وتعمل القيم والمعايير سويا على تشكيل الاسلوب الذي يتصرف به أفراد ثقافة ما إزاء ما يحيط بهم وحيث أن القيم هي محددات للسلوك فهي ذات تكوين مزدوج . ولتفسير ذلك نقول أن القيم هي في الأصل غايات أو مثل يحاول كل منا التطابق معها ، وهي من جهة أخرى متجسدة في سلوكنا الفعلي من خلال ما نسبغه على تصرفاتنا من معايير أو ضوابط تتفق وهده القيم فهي إي القيمة "تندرج في الواقع بطريقة مزدوجة: إنها تبدو كمثال يستدعي انتماء أو يدعو إلى الاحترام، كما أنها تظهر في الأشياء والتصرفات التي تعبر عنها بطريقة محسوسة أو أكثر تحديدا بطريقة رمزية"