ملخص
المقدمة الحمد لله الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم، وأمره أن يزكي نفسه بالخلق الكريم والسلوك القويم، والصلاة والسلام على نبينا محمد صاحب الخلق العظيم سيد الأولين والآخرين، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، وبعد: إن المعيار الدقيق الذي يقاس به المستوى الحضاري لأي أمة، هو مدى تمسكها بتراثها، واعتزازها بما تركه لها أسلافها، من علوم ومعارف في أي مجال من المجالات- لاسيما- ما كان منها متعلق بالجانب الشعري، لأنه ثمة تلازمًا كاملاً، وارتباطًا وثيقًا بين التمسك بالشعر والاهتمام بما يتصل به. وإن نهضتنا الإسلامية حفزت كثيرًا من الهمم لأحياء جانب من تراثنا النفيس، وبخاصة في مجال الشعر، الذي هو ديوان العرب، والناقل لأمجادهم ومفاخرهم، وقيامهم الإسلامية. وشعر القيم الأخلاقية باب قديم في الشعر العربي، لأنه يعبر عن عاطفة صادقة، ويرتبط في الأغلب بالدين والأخلاق، فالعلاقة بينهما قوية ومترابطة،فكل منهما يستند على الأخر في بنائه واكتماله. واستمدالشعر هذه القيمة الجمالية من الإسلام؛ فكان موقفه الإيجابي من الشعر والشعراء، متى ما أكد كل منهما على القيم الجمالية في الطبيعة الإنسانية، وهو ما أكده القرآن الكريم في قوله تعالى:وَالشُّعَرَآءُ يَتْبَعُهُمُ اُ۬لْغَاوُۥنَۖ ٢٢٣ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِے كُلِّ وَادٖيَهِيمُونَ ٢٢٤ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَۖ ٢٢٥ إِلَّا اَ۬لذِينَ ءَامَنُواْوَعَمِلُواْ اُ۬لصَّٰلِحَٰتِ وَذَكَرُواْ اُ۬للَّهَ كَثِيراٗ وَانتَصَرُواْ مِنۢ بَعْدِمَا ظُلِمُواْۖ وَسَيَعْلَمُ اُ۬لذِينَ ظَلَمُواْ أَيَّ مُنقَلَبٖ يَنقَلِبُونَۖ ٢٢٦ ، وكذلك قوله : (( إن من الشعر لحكمة، وإن من البيان سحراً)) . فلقد أثبت الشعر نجاحه ومقدرته على التبشير بمبادئ الإسلام العظيمة، فكان الشعر تضمين لمناقب العرب وأخلاقهم الفاضلة، والتغني بالقيم والمثل الرفيعة، وإذاعتها وغرسها بين الناس، ولهذا كان الشعراء يدعو إلي القيم الأخلاقية، وخاصة في المجتمع الأندلسي، حيث اختلط