ملخص
يتناول الكتاب المسألة الدينية باعتبارها من أهم المسائل التي تطرح بقوة عند مناقشة وضع دستور للبلاد وذلك سواء تم تصميم الدستور كوثيقة قانونية لا مجال فيها إلا للأحكام الموضوعية التي تسمو على غيرها من الأحكام، ووظيفتها تعريف مؤسسات الدولة وتحديد وظائفها، أو على أساس أنه بيان رسمي ووثيقة سياسة وقانونية يجب أن تتضمن إضافة لما سبق عناصر رمزية، ومثلا، وقيما، وطموحات، وتطلعات.. ومن الممكن أن تكون هذه المسألة - في بعض المسارات الدستورية من أعقد المسائل التي قد تحول الاختلاف إلى شقاق، وتدفع العملية برمتها إلى طريق مسدود، أو تفضي إلى صياغات تمنع من الاتساق اللازم في البناء القانوني، وتجعل من الأحكام الدستورية أحكاما صعبة الفهم والتفسير من الشعب والسياسيين والمحاكم، ومنتجة لقراءات مختلفة، خاصة في الدول التي تتنوع فيها الهويات الدينية، أو تتنازع فيها التوجهات المتنافسة المسألة الدينية، أو عند احتدام الصراع بين الثقافات واستغلال الفاعلين السياسيين لها، وتدخل أطراف خارجية في الشأن الدستوري؛ لمحاولة التوجيه والوصول إلى نتائج محددة، إما لحماية ما يرونه مناسبا للديمقراطية، وإما لحماية المعايير الدولية، أو دعما لأقليات دينية معينة، أو لغير ذلك من الدوافع .. ذلك لأن هذه المسألة تعد من المسائل الحاسمة لنجاح العملية الدستورية، والوصول إلى دستور ينال الرضا المجتمعي، ويتمتع بالثبات النسبي، ويحقق الاستقرار، ويمكن للسلطات إنفاذ أحكامه بعد إقراره.