ملخص
المقدمــــة من المعلوم أن للنيابة العامة دورا هاما في الدعوى العمومية باعتبارها الجهاز الأول والأساسي الذي أنيطت به مهمة تحريك الدعوى الجنائية إلي جانب جهات أخرى لضمان تطبيق القانون والسير الصحيح له، ولا شك أن الدور الخطير الذي تضطلع به النيابة العامة كممثلة للحق العام في إرساء دعائم دولة الحق والقانون ونشر أسس الاستقرار الاجتماعي، يتطلب أن تتمتع بعناصر الاستقلالية والموضوعية والنزاهة كمعايير تتأسس عليها العدالة بمفهومها الشامل، وإذا كان هدف كل نظام إجرائي هو الوصول للحقيقة من خلال إجراءات مبسطة وسريعة تقل فيها الشكليات والعقبات، فإن هذه الأهداف ترتبط على نحو وثيق بدور سلطات التحقيق والاتهام والحكم، ومدى التوازن بين هذه السلطات المختلفة في الدعوى الجنائية، بحيث لا تنفرد إحداها باختصاصات على حساب الأخرى، لأن الوصول إلي الحقيقة يقتضي توافر الحيادية والموضوعية، وهو ما لا يتسنى إلا إذا توفر لعضو النيابة العامة الاستقلال الكافي عند مباشرته لمهامه، هذا الاستقلال لا يعني التحكم والاستبداد بالرأي أوالحكم، وإنما يعني أن يقوم بأداء رسالته بحرية واستقلالية ووفق اقتناعه الحر والسليم،ودون التأثر بأي جهة أخرى يتصل عملها بالدعوى الجنائية، ونظرا للدور الذي تزخر به النيابة العامة داخل الهيئة القضائية كان لابد من تمتعها بالاستقلالية.