إمكانية توظيف الفيسبوك في دعم قيم التسامح والمصالحة

تاريخ النشر

2018-10

نوع المقالة

مقال في مؤتمر علمي

عنوان المؤتمر

المؤتمر العلمي الأول لمركز تطوير الإعلام الجديد بلدية سرت

المؤلفـ(ون)

نجاة إبراهيم عياد صوان

ملخص

إمكانية توظيف الفيس بوك في نشر قيم المصالحة والتسامح, دراسة ميدانية على عينة من مستخدمي بعض صفحات التواصل الاجتماعي (الفيس بوك). مقدم البحث : د. نجاة ابراهيم صوان محاضر بكلية الآداب جامعة طرابلس , فرع السواني المقدمة غالبا ًما يعمد مديرو أجهزة الإعلام إلى طرح أفكار وتوجهات لا تتطابق مع حقائق الوجود الاجتماعي فإنهم يتحولون إلى سائسي عقول, ذلك أن الأفكار التي تنحو عن عمد إلى استحداث معنى زائف وإلى إنتاج وعي لا يستطيع أن يستوعب بإرادته الشروط الفعلية للحياة القائمة أو أن يرفضها سواء على المستوى الشخصي أو الاجتماعي ليست في الواقع سوى أفكار مشوّهة أو مضللة. وبالتالي يتم تضليل عقول البشر هو يشكل أداة للقهر على حد قول( باولو فرير) . فهو يمثل إحدى الأدوات التي تسعى بعض جماعات المصلحة من خلالها إلى تطويع الجماهير لأهدافها الخاصة , فباستخدام الأساطير التي تفسر وتبرر الشروط السائدة للوجود بل وتضفي عليها أحيانا طابعاً خلاباً يضمن المضللون التأييد الشعبي لنظام اجتماعي لا يخدم في المدى البعيد مصلحة الأغلبية , وعندما يؤدي التضليل الإعلامي للجماهير دوره بنجاح تنتفي الحاجة إلى اتخاذ تدابير اجتماعية بديلة. ( ) وبذلك تعد الانترنت وما تحويه من شبكات اجتماعية ومواقع التواصل الاجتماعي مجالاً خصباً للتضليل وتزييف الوعي أو نشر الأفكار , وتعد وسيلة بالغة التأثير في المستخدمين الذين يقبلون عليها باعتبارها تمثل منابر حرة لإبداء الرأي ومناقشة القضايا بحرية بالغة بعيداً عن الإكراهات والحدود التي يرسمها المجتمع ووسائل إعلامه التقليدية , وبذلك يمكن اعتبارها فضاءًا هامّاً لدراسة السلوكيات الشبابية وأنماط تفكيرهم، وقياس مدى ممارستهم لبعض السلوكيات التي قد لا تلائم قيم مجتمعاتهم ، بكافة تجلياتها, من خلال مجموعة من الافتراضات القيمية التي تدرس العلاقة بين الإنترنت كوسيط ديناميكي والشباب كمستخدم فاعل ومتفاعل مع المحتوى على الشبكة. المبحث الأول : الإطار التصوري للدراسة : أولاً : مشكلة الدراسة : تتحدد مشكلة الدراسة في الكشف عن ما تبثه بعض صفحات التواصل الاجتماعي الفيس بوك من أفكار وأخبار وقصص لأحداث سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو غيرها من الأحداث التي قد تكون موجهة وتهدف لخدمة ايديولوجيات بعينها, والتي قد تساهم في تزكية العنف والتعصب الفكري لجهة أو أيديولوجية ما ,مما قد يساهم في زيادة الأحقاد بين العديد من الفرقاء على الصعيد المجتمعي بشكل عام ,والكشف عما إذا كان هناك بعض منها يعمل على بث قيم التسامح والمصالحة والمساهمة في رأب الصدع الذي أصاب النسيج الاجتماعي الليبي. والكشف عن امكانية استخدام الفيس بوك.. باعتباره أحد وسائل التواصل الاجتماعي .. في بث أو دعم قيم المصالحة والتسامح بين مستخدمي هذه الصفحات . ثانياً : مبررات الدراسة : تأخذ شبكات التواصل الاجتماعي النصيب الأكبر من اهتمامات الشباب واستخداماته , لما توفره من خدمات متعددة , فبالإضافة إلى مساهمتها في تقوية العلاقات الاجتماعية وسهولة التواصل , تعتبر شبكات التواصل فضاء لبث الأفكار والمعتقدات والمعلومات التي قد تكون غير صحيحة في بعض الأحيان , وبالتالي تعد من أهم المنابر التكنولوجية التي يمكن مخاطبة المتلقي منها , كما تعد من أهم الوسائل التي يمكن من خلالها فهم بعض الممارسات والسلوكيات , وخاصة أنها تتمتع بالحرية المطلقة في التعبير , بالإضافة إلى امكانية إخفاء شخصية المستخدم باستخدام أسماء مستعارة. ولما كانت بعض الصفحات محملة ببعض الأفكار القبلية أو الطائفية ولو كانت مبطنة , ولها من المتابعين بالآلاف وربما أكثر من ذلك, وخاصة من شريحة الشباب ممن يعول عليهم في إخراج البلاد مما هي فيه من عنف وتعصب وقبلية ...الخ , رأت الباحثة ضرورة الكشف عن هذه الاشكالية , والبحث عما إذا كان من الممكن استخدام هذه الصفحات في خدمة قيم المصالحة والتسامح. بالإضافة إلى الاهتمام الشخصي للباحثة بموضوع تأثير التكنولوجيا على القيم , والرغبة في الاطلاع ومعرفة تأثيرها على المستخدمين . ثالثاً: أهمية الدراسة : • الأهمية العلمية : 1. محاولة إثراء المعلومات الخاصة بالموضوع, والالمام بجميع مميزاته , باعتبار أن التكنولوجيا أصبحت دعامة أساسية في تسيير المجتمعات . 2. محاولة إبراز الدور الفعال للتكنولوجيا في بث الأفكار وتأثيرها على القيم الثقافية والاجتماعية . 3. قلة الدراسات الامبريقية التي تتناول هذا الموضوع على المستوى المحلي. • الأهمية المجتمعية : تكمن أهمية أي دراسة في أهميتها العلمية والمجتمعية , وما يمكن أن تقدمه من نتائج يمكن الاستفادة بها , وما قد تتمخض عنها من حقائق قد تساهم في رسم السياسات المناسبة . حيث أن الفيس بوك يعد من أهم الوسائل التي ارتكزت عليها المخططات الاستراتيجية لنشر العنف والفوضى ,والفرقة ، ونشر الشائعات والأخبار المغلوطة، وزعزعة القناعات الفكرية، والثوابت العقائدية، والقيم الأخلاقية والاجتماعية , التي من شأنها إحداث بلبلة داخل المجتمع؛ الأمر الذي أصبح يمثل تهديدًا للأمن القومي للبلاد، ويشكل خطورة على سيادتها واستقرارها وسلامة أمنها السياسي والاقتصادي، والعسكري، والأيديولوجي، والاجتماعي، وسياستها العليا، وتعزيز استقلالها السياسي والانسجام الاجتماعي , نظرا للحرية المطلقة التي تكفلها تلك المواقع . رابعاً أهداف الدراسة : تهدف هذه الدراسة إلى البحث في إمكانية توظيف الفيس بوك في نشر قيم المصالحة والتسامح, ونبذ العنف في المجتمع الليبي, والتعرف على دورها في تشكيل وعي يخدم قضايا المجتمع , من خلال الكشف عن ما تبثه وسائل التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) وعلاقته بدعم قيم التسامح والمصالحة في المجتمع الليبي . خامساً تساؤلات الدراسة : يتمثل التساؤل الرئيسي للدراسة فيما يأتي : ما مدى امكانية استخدام الفيس بوك في دعم قيم المصالحة والتسامح ؟ وتنطلق منه التساؤلات الآتية: 1. هل تساهم بعض صفحات الفيس بوك في دعم قيم التسامح والمصالحة ؟ 2. هل تساهم بعض صفحات الفيس بوك في نشر وعي يخدم قضايا المجتمع الراهنة ,كنبذ العنف والصراع بكافة أشكاله ؟ 3. هل يمكن استخدام الفيس بوك في دعم أو نشر قيم التسامح والمصالحة ؟ سادساً : مفاهيم الدراسة : 1. شبكات التواصل: هي عبارة عن مواقع تتيح تبادل المعلومات والأفكار والثقافات, والتعارف بين أناس يتشاركون في الثقافة التوجه والميول.( ) وقد أشار(فؤاد السعيد ) الباحث بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية بالقاهرة : أن شبكات التواصل الاجتماعي تعتمد على الثقافة العامة ونشرها دون وجود رقابة عليها، مما أثّر سلباً على الثقافة والفكر والقيم الذين جاءوا في آخر اهتمامات تلك المواقع بل وربما يحظون بقدر من الإهمال والتهكم، في ضوء تجاهل تام لثقافة النخبة التي من المفترض أن تكون الموجه والضابط للعامة وخطورة هذا كون أن غياب دور النخب وانتشار الثقافة الركيكة يقود إلى الفوضى الفكرية ومن ثم الانهيار الثقافي الأصيل,( ) وخاصةً تلك الصفحات التي تتبع لمجموعات طائفية أو قبلية أو سياسية وتحرض المتلقيين بطريقة مباشرة أو غير مباشرة, أو من خلال بث الاشاعة التي قد يكون لها دورا قاتلا خاصة حينما تنتشر اثناء الازمات وتعمل على تشتت المجتمع وبث الفرقة فيه, عبر نشر أخبار مغلوطة داخل المجتمع لشق صفه ونشر الفتنة داخله وزعزعة ثقته ببلده . وفي ليبيا ومع الأوضاع الراهنة التي نمر بها جميعا وكثرة الوسائل الإعلامية الليبية مما سمح بسهولة نشر الشائعات عبر قنوات إعلامية تحمل أجندة مشبوهة أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتي هيمنت على حياة الناس وعلى عقولهم, مما ساعد على نشر الكره والبغضاء بين أبناء الشعب الواحد والانقسام بين المدن والقبائل الليبية . 2. الفيس بوك : هو أكبر شبكات التواصل في العالم, من حيث عدد المستخدمين , وعدد الساعات التي يقضيها المستخدم, ونسبة الذين يبقون نشطين في اليوم , بالإضافة إلى ارتفاع عدد الأصدقاء للشخص الواحد , كما يمتاز بالتنوع وإلغاء القيود .( ) 3. القيم : تعد القيم المعيار الذي يحكم من خلاله الفرد على أهمية الأشخاص والأفعال أو الأنماط والأهداف ,ويعرفها (ويليامز) بأنها المحك المسئول عن تحديد اختياراتنا وتوجهاتنا وأفعالنا, وبالتالي هي معيار للأحكام والتفضيلات والاختيارات السلوكية, وهي تترتب هرمياً حسب سيطرتها, ويشير أيضاً إلى أن مفهوم القيم يتضمن عناصر متعددة ترتبط بالشعور والعاطفة , فالقيم لها تأثير مباشر على سلوك الأفراد وأفعالهم , بل في الواقع وراء كل سلوك.( ) وبالتالي هي عبارة عن موجهات للسلوك ,ومرتبطة بالشعور فمن السهل استثارتها من قبل وسائل الإعلام المتطورة أو من قبل بعض صفحات التواصل الاجتماعي للتأثير في الملقيين وقد يكون هذا التأثير مقصوداً أو موجه أم غير مقصود. 4. قيم التسامح والمصالحة: التسامح هو التغاضي عن هفوات الآخرين وايجاد الأعذار لهم, وبهذا يؤدي التسامح إلى تماسك المجتمع وعدم انحرافه واضطرابه, ويزيد من رفاهيته , ويدعم أمنه وسلامه, ويبعد الخصومة والمجافاة بين أفراده, كما يساهم في بناء بيئة آمنة خالية من مشاعر الكره والحقد والعدائية ( ). والتسامح كلمة تستخدم للإشارة إلى الممارسات الجماعية أو الفردية تقضي بنبذ التطرف أو ملاحقة كل من يعتقد أو يتصرف بطريقة مخالفة قد لا يوافق عليها المرء . والتسامح هو نقيض التعصب والتشدد. كما إن التسامح كمفهوم يتضمن القدرة على إيقاع العقوبة إلى جانب القرار الواعي بعدم استخدام تلك القدرة . والتسامح نوعان : التسامح الحقيقي والتسامح السطحي ,حيث يختص التسامح الحقيقي بالمكونين المعرفي والوجداني ويحدث تغيراً حقيقياً في أفكار المساء إليه ومشاعره تجاه المسيء ,حيث ينصرف المساء إليه ذهنياً وطوعياً عن حقه في الانتقام من المسيء, ويتخلى عن مشاعر الحقد والغضب و الغضب والاستياء , ويمنحه الرحمة والمودة , كما يسهم في تحسين عمليات التوافق النفسي أو الانسجام ويخفض من تكرار الاجترار المرتبط بالتسامح , وليس كالتسامح السطحي الذي يعمل من خلال الاستجابة للضغوطات الثقافية والسياسية , ومجاراة للأعراف والتقاليد الاجتماعية. ( ) ويشير مفهوم التسامح والمصالحة إلى نبذ الفرقة بين أبناء الشعب الواحد والعيش وفق مفهوم العدالة والمساواة وإطارها العام التي اقرتها الشرائع الانسانية والقوانين, وتعني القبول بالأخر والصفح والمساواة واحترام مبادئ أكبر وأعلى من الحالة الفردية الشخصية أو الحزبية وإنما هي تهم مجتمع متماسك, وقد يتم وفق نظام الاعتراف بالخطاء وطلب السماح والتبريء من الافعال السابقة التي يجرمها القانون . ويمكن تشريع قانون عفو عام أو قانون عفو خاص يضفي طابع المصالحة المجتمعية ولكن وفق أسس حقيقية للمصالحة وليس مشروع ابتزاز غرضه إرضاء فئة على حساب فئة أخرى أو كسب مالي بتخصيص أموال تذهب لجيوب السراق , إنما المصالحة الوطنية التي نقصد بها المصالحة المجتمعية هي نتجاوز بها الظروف التي نشأت في ظل ظرف سياسي أو اجتماعي أو أمني خاص جداً.( ) وقد أشار( عبدالسلام جمعة زاقود)إلى آليات تحقيق المصالحة والسلم الاجتماعي مبتدئا بتحديد العوائق ومن أبرزها: (غياب وعي وثقافة المصالحة الوطنية. وخشية المصلحين من التخوين، والقوي الخارجية ودورها في تأخير المصالحة الوطنية، وغياب الدولة الراعية للمصالحة الوطنية والسلم الاجتماعي ، أصحاب المصالح الخاصة، وأصحاب السوابق الجنائية، وارتفاع سقف مطالب التصالح ). كما أشار إلى روافد المصالحة في ليبياً (ومنها وحدة الدين الإسلامي، والاشتراك في منظومة القيم والعادات الاجتماعية، وتدني الكثافة السكانية، علاقات النسب والمصاهرة داخل المجتمع، ليحدد بعد ذلك خطوات المصالحة وأشكالها، ووسائلها وأهمها: (التسامح، العفو، العدل، الإحسان، الشوري، الأخوة الإيمانية، الوحدة الإنسانية، الاعتراف بالآخر).( ) التعريف الإجرائي للتسامح والمصالحة: يقصد بهما في هذا البحث الصفح والعفو الحقيقي بين المتصارعين عملياً أو فكرياً مع الاحترام المتبادل وذرء هفوات الماضي لكل من الطرفين وفتح المجال أمام القانون لحل الخلافات الدائرة فيما بينهم. 5. إمكانية التوظيف : المقصود بإمكانية التوظيف إمكانية الاستخدام, والإمكانيَّات تعني الوسائل التي تحت التّصرّف أو الطّاقات التي يمكن الاستفادة منها, أي استخدامها والاستخدام يعني كُلِّ الإِمْكَانَاتِ و اِسْتِغْلاَلُهَا. ( ) ويمكن استغلال الفيس بوك لبث معلومات تدعم قيم المصالحة والتسامح من خلال وسائل عدة , كأن تتولى جهات اعتبارية أو نخب اجتماعية وثقافية وسياسية هدفها المصالحة الحقيقية , بإنشاء صفحات تخاطب الشباب بل والمتلقين كافة على شبكات التواصل الاجتماعي , ويشير (شيللر) بأنه يمكن إجراء استطلاعات رأي سواء تحت رعاية داخلية أو خارجية, يقصد بها ظاهرياً الحصول على معلومات وليس انتاجها , ولكن في الواقع لا يقتصر عملها على المعلومات فحسب بل والآراء والمواقف التي يفترض استطلاعها , الهدف منها تزييف الوعي لمصلحة بعض الشركات الراعية لذلك الاستطلاع ,( ) وبالتالي يمكن إجراء مثل هذه الاستطلاعات بشكل يخدم دعم قيم المصالحة والتسامح, (ولكن لا يجب أن نغفل أن هناك تحديات تواجه المجتمع الشبكي فيما يتعلق بالمقاومة وخاصة عندما تكون في هيئة جماعات عرقية وحركات دينية أصولية وهو ما أشار إليه (كاستلز), ( ) حيث لا تعكس أغلب صفحات التواصل الاجتماعي في ليبيا المتخصصة ببعض وسائل الإعلام المرئية , والصفحات التي تدعم ايديولوجيات معينة ,الأوضاع الحقيقية للمواطن الليبي بشكل جيد , بل إنها قد تكون سببا في بعض الأزمات وخاصة في العلاقة بين كل الأطراف المتناحرة فكرياً أو عملياً, مما قد يزيد من وتيرة التفرق والعنف الفكري واللفظي الناتج عن الانقسامات المضطردة باستمرار, والتي لم يترك بعض الإعلاميين أو مسئولي الصفحات مجالاُ للمساهمة في إذكائها والعمل على زيادة تعميقها أو خلق بعضها في بعض الأحيان , و(هو ما قد يعود للقصور في المهنية , لذا ينبغي على كل محترف مهني أن يكون معبرا عن الواقع الاجتماعي بالاندماج فيه لمعرفة حقيقته ) ( ), وللمساهمة في القضاء على العديد من قيم التطرف والعنف , ونشر قيم المصالحة والتسامح التي تحتاجها خصوصية المرحلة الراهنة في ليبيا . وقد أشارت بعض الدراسات إلى ضرورة أن تتحول المعاني الخاصة بالقيم التي نسعى لنشرها عبر وسائل الإعلام والقيم المعنوية المرتبطة بالوطن والأمة والإقليم والإنسانية إلى حقائق واقعية , ومصالح ملموسة , يجني ثمارها الأفراد والأوطان, كما كان لميزان المصالح التي قد يجنيها المتلقي دوراً بارزاً في هذ المضمار وهو ما تشير إليه نظرية الاستخدامات والاشباعات من ضرورة أن تشبع وسائل الاتصال حاجات إنسانية معينة ربما تكون مادية وليس لها علاقة بالانتماء للوطن. رغم أن قيم الانتماء التي تدعم مصلحة الوطن وتدعم قيم المصالحة والتسامح لا تقدر بثمن ,ولكن حالة التخلف والاهدار العام الذي يعيشها الوطن العربي يقف على رأس عوامل تراجع الانتماء واتساع مساحات الاغتراب والانفصال المعنوي عن دوائر الانتماء الحيوية ( ) . وبالتالي لابد من ربط مفاهيم ومعاني قيم المصالحة والتسامح ونبذ العنف بجذورها الثقافية وسياقاتها الاجتماعية والاقتصادية والفكرية ودوائرها المحلية والإقليمية والانسانية والنوعية , (وليس ثمة منظور يقدم هذه الإمكانية سوى المنظور الحضاري الكلي الشامل , سواء كان المرجعية الاسلامية أو بعض المرجعيات الفكرية والتي تعترف بأهمية الأبعاد القيمية والثقافية والفكرية للظواهر الاجتماعية والانسانية والتفاعل معها ) ( ) , وبالتالي لابد من وجود صيغة ناظمة بين هذه الأبعاد والجوانب المتنوعة . المبحث الثاني : الإطار النظري للدراسة : أولاً الدراسات السابقة: 1. دراسة عبدالرحمن ضريف بعنوان : الفيسبوك وتأثيره على القيم الاجتماعية لدى الطلبة الجامعيين :( ) سعت هذه الدراسة للكشف عن مدى تأثير الفيس بوك على القيم الاجتماعية للشباب الجامعي من خلال استمارة وزعت على عينة من الطلبة الجامعيين , وتوصلت هذه الدراسة إلى وجود تأثير لهذه التكنولوجيا على النسق القيمي لدى الطلاب , مهدداً بذلك قيم الشباب وعاداتهم وتقاليدهم , وأنه يمكن من خلال الفيس بوك السيطرة على أفكار وعقول الطلبة , وتغيير سلوكياتهم وعاداتهم الموروثة , والتحكم فيها. 2. دراسة ركبي آمال كريمة , بعنوان الفيسبوك وعلاقته بتشكيل الهوية ( ) هدفت هذه الدراسة إلى الكشف عن الدوافع الكامنة وراء تشكيل هوية افتراضية , واستخدم المنهج الوصفي باستخدام العينة , على عينة من مستخدمي الانترنت في مدينة ورقلة, وقد توصلت الدراسة إلى أن شبكات التواصل الاجتماعي تعمل على خلق هوية افتراضية تدعم الهوية الحقيقية , بالإضافة إلى تأثيره على الانتماء الاجتماعي واندماج الفرد فيما تعرضه هذه الشبكات . 3. دراسة 2002 Norman H .Nie , Lutz Ebrin بعنوان الانترنت والمجتمع :( ) هدفت هذه الدراسة لمعرفة تأثير تكنولوجيا المعلومات في حياة المجتمع الأمريكي , ومدى تأثيرها على حياتهم الاجتماعية والسلوكية .وقد اعتمدت الدراسة منهج المسح الاجتماعي باستخدام العينة على عينة تم تجميع البيانات منها عبر الهاتف, وقد توصلت النتائج إلى أن استخدام هذه التكنولوجيا و تلقي المعلومات ونشرها إلى تغير بعض السلوكيات وتغير الحياة الاجتماعية , وزيادة وعي الأفراد بالعديد من القضايا. 4. دراسة فاطمة القليني (2001 م), بعنوان دور الإعلان التلفزيوني في تدعيم قيم العولمة الثقافية لدى الشباب: ( ) هدفت هذه الدراسة إلى التعرف على مدى مساهمة الإعلان في تدعيم قيم العولمة لدى الشباب , والتعرف عي دوره في نشر بعض القيم العالمية المستحدثة .استخدمت الباحثة أسلوب التحليل الكيفي ل280 إعلان تلفزيوني , وقد توصلت إلى العديد من النتائج أهمها :أن آلية الإعلان تسعى لبث قيم ترتبط بأشياء معينه كالسلع مثلاُ ونشر قيم الاستهلاك الترفي , وتعمل على تأسيس تجانس ثقافي عالمي ,كما أن الإعلان يخلق دلالات و تصورات في ذهن المتلقي ماهي إلا واقع مزيف; وبذلك يتضح دور الميديا في تزييف الوعي والتأثير على الأفكار والقيم. ثانياً النظريات المفسرة لموضوع الدراسة: سيتم تبني الاتجاه النظري التكاملي للجمع بين مجموعة من الفرضيات التي تتضمنها هذه النظريات وهي كالتالي : • النظرية البنائية الوظيفية: يرى فيليب (سلزنيك) أن حاجات المنظمة لا ينبغي اشباعها عن طريق الفعل الواعي بل عن طريق النتائج الواقعية لأفعالهم , وهكذا تنشأ البدائل الوظيفية عندما لا نستطيع تحقيق أو اشباع الحاجات بطريقة مقبولة ثقافياً (( وبالتالي قد تكون صفحات التواصل بمثابة نسق ثقافي يقدم بدائل وظيفية في مجال دعم قيم التسامح والمصالحة التي رغم وجود العديد من المساعي لم تؤت ثمارها في القضاء على الأحقاد والانحياز الفكري والتعصب القبلي . وبالتالي يمكن التحكم في السلوكيات من خلال المعلومات الموجهة والتي تخاطب اللاوعي عن المستخدمين . كما أسند (بارسونز) وظيفة التكامل في البناء الاجتماعي للإعلام ووسائل الاتصال ، حيث يخلق الرموز المشتركة في المجتمع وتحقيق الوحدة والتضامن بين أفراده ، إضافة إلى دوره في الوظائف المجتمعية الأخرى المتمثلة في التكيف والاستمرار وتحقيق الهدف . ( ) وبالتالي يمكن خلق رموز مشتركة لدعم قيم التسامح والمصالحة من خلال شبكات التواصل الاجتماعي. • نظرية الحتمية التكنولوجية: يرى ( مارشال ماكلوهان) أن وسائل الاتصال تسيطر على حياة الشعوب وتؤثر في معتقداتهم وأفكارهم وأفكار مؤسساتهم التي ينتمون لها ,وقد أشار إلى أن شعوب العالم على اختلاف مواقعهم في العالم تنصهر في بوتقة واحدة.( ) وبذلك يمكن السيطرة أو المساهمة في تشكيل أو دعم بعض القيم أو انتاجها , من خلال ما يبث في صفحات التواصل الاجتماعي الفيس بوك. • نظرية الاستخدامات والاشباعات : أكد الباحثون أن الإنسان ليس حالة سلبية يتأثر بتلقائية ساذجة بكل الرسائل الإعلامية التي يتعرض لها , وإنما تأثره تتدخل فيه عدة متغيرات بعضها نفسي له علاقة بشخصية الفرد ودوافعه واحتياجاته النفسية وبعضها الآخر اجتماعي له علاقة بالظروف والعوامل المحيطة بالفرد داخل بيئته الاجتماعية , فكما يؤكد (ولبورشرام) على أن الأفراد قد يختارون المضمون الإعلامي وفقاً لما ينتظرونه من جزاء سواء بإشباع الرغبات أو التجربة الخيالية وقد يكون جزاء أقل بإعداد الفرد لمواجهة الواقع( ) ، وقد تختلف هذه الحاجات من مستخدم لآخر ولذلك فهم يختارون مضامين إعلامية مختلفة كلاً حسب حاجته ، وبذلك من المتوقع أن يرتبط هذا الاختلاف في الاختيار بتباين الأثر من مستخدم لآخر. كما أن المضمون الإعلامي لمواقع التواصل الاجتماعي قد لا يؤثر في المستخدم ولا يجد له منفعة ، ومن ثم فإن قيم الناس واهتماماتهم وروابطهم وأدوارهم الاجتماعية إنما هي عوامل أساسية في اختيارهم للمضمون الإعلامي الذي يتعرضون له ، فهم ينتقون ما يشاهدون ويسمعون ويقرأون من خلال الاهتمامات والمصالح والعلاقات والأدوار( ) , فالفرد يختار المضمون الذي يتوافق مع تركيبته الذهنية و يتلاءم مع استعداده النفسي وظروفه الاجتماعية لهذا يرى (كاتز) أنه ما لم تعرف الحاجات النفسية والاجتماعية التي تدفع الفرد إلى استخدام هذه الوسيلة أو تلك يكون القائم بالاتصال في موقف ضعيف في إشباع الحاجات والدوافع.(( وبالتالي يمكننا استخدام مضموناً إعلامياً يراعي الحاجات الاجتماعية والنفسية التي يحتاجها المواطن الليبي في هذه المرحلة من الصراع والاختلاف والقلق والتوتر, يبث من خلال صفحات التواصل الاجتماعي حول أهمية التسامح والمصالحة للجميع دون استثناء للمضي قدماً نحو تحقيق الأهداف المرجوة للجميع , والعيش في وطن يتسع للجميع . المبحث الثالث : الإطار المنهجي للدراسة : • منهج البحث المستخدم: تم اختيار تصميم الدراسة الاستكشافية الوصفية , لتطوير معرفة نظرية عامة عن الموضوع ( ) , وتعتمد الدراسة استخدام منهج المسح الاجتماعي باستخدام المعاينة واستمارة الاستبيان التي وزع بعضها يدوياً والبعض الآخر إلكترونياً من خلال صفحات الفيس بوك. • أدوات جمع البيانات: تم توزيع استمارة الاستبيان التي احتوت على أسئلة قدمت لعينة الدراسة , والتي حاولت الباحثة الإجابة على تساؤلات الدراسة وبحيث تخدم أهداف البحث , والتي تكونت من 27 فقرة سلبية , و20 فقرة ايجابية ,والتي تمت مراجعتها وترميزها وتفريغها لكي يتم تحليلها إحصائياً . • مجالات الدراسة : المجال المكاني : تتمثل وحدات التحليل والاهتمام في بعض مستخدمي صفحات الفيس بوك. المجال الزمني : تمثل المجال الزمني للبحث المكتبي والميداني ما بين (شهري 5 و8 لسنة 2018 م ) . المجال البشري : العينة وطريقة اختيارها : تم اختيار عينة عمدية من مستخدمي بعض صفحات الفيس بوك قوامها 100 مفردة , وبعد مراجعة البيانات وحذف بعض الاستمارات اليدوية غير المكتملة , كان العدد النهائي لعينة البحث 73 مفردة . • أساليب المعالجة الإحصائية : سيتم استخدام المنهج الإحصائي للإجابة عن تساؤلات الدراسة, فعن طريق الإحصاء سيتم توصيف البيانات في جداول تكرارية ,واستخدام النسب المئوية . المبحث الرابع : مناقشة ختامية.. الدراسة الميدانية والاستنتاجات : توصلت الدراسة إلى أن كل أفراد العينة يتابعون العديد من صفحات الفيس بوك ، وأشارت الدراسة إلى عدة نتائج أهمها : 1. نتائج تتعلق بتعميق الخلافات ودعم التعصب القبلي والفكري : • جدول (1) يوضح مساهمة الفيس بوك في دعم التعصب والخلاف القبلي والفكري: الفقرات نعم النسبة لا النسبة المجموع النسبة تساهم بعض صفحات الفيس بوك في زيادة الخلاف والعنف الفكري واللفظي والجسدي 62 84.93 11 15.7 73 100 تساهم بعض صفحات الفيس بوك في زيادة التعصب القبلي والجهوي. 65 89.04 8 10.96 73 100 تساهم بعض صفحات الفيس بوك في روح الانتماء للقبيلة. 59 80.82 14 19.18 73 100 تساهم بعض صفحات الفيس بوك في إعلاء روح الانتماء للانتماءات الأخرى الفرعية مثل القبيلة أو والزعامة السياسية أو الحربية بدلاً من الانتماء لليبيا. 43 58.90 30 41.10 73 100 تساهم بعض صفحات الفيس بوك في زرع البلبلة واثارة الاشاعات. 66 90.41 7 9.59 73 100 تساهم بعض صفحات الفيس بوك في محاولة وقف الاشتباكات الدائرة في مكان ما من ليبيا بدون تحيز لأي منها. 31 42.46 42 57.53 73 100 تساهم بعض صفحات الفيس بوك في تغليب جهة بعينها عند حدوث اشتباكات أو صراعات لتحقيق مصالح شخصية. 60 82.19 13 17.81 73 100 أشار جدول (1) إلى أن أغلب أفراد العينة (84%) إلى مساهمة بعض صفحات الفيس بوك في زيادة العنف الفكري واللفظي والجسدي وتعميق الخلاف الفكري, وإثارة التعصب القبلي والجهوي وزيادته بنسبة (89%), كما أشار حوالي (81%) إلى مساهمتها في بث روح الانتماء للقبيلة ولا تساهم بث روح الانتماء للوطن, وحوالي (58%) في تنمية العديد من الانتماءات كالقبيلة أو الزعامة السياسية أو الحربية بدلاً من الانتماء للوطن , كما أشار(90.41%) أن بعض الصفحات تعمل على نشر الفتن والإشاعات وزرع الفتنة بين أي أطراف متصارعة وهي تعمل من خلال التحيز لجهة معينة ولا تنحاز للوطن (57.53%),أو لتحقيق مصالح شخصية (82.19%). جدول (2) يوضح استغلال بعض صفحات الفيس بوك للعديد من القضايا واستخدامها لخدمة أهداف معينة : الفقرات نعم النسبة لا النسبة المجموع النسبة تستغل بعض صفحات الفيس بوك قضية المهجرين في الداخل والخارج لكسب مصالح سياسية لفئة معينة. 59 80.82 14 19.18 73 100 تساهم بعض صفحات الفيس بوك في التركيز على عودة المهجرين في مناطق دون الأخرى. 67 91.8 6 8.2 73 100 تساهم بعض صفحات الفيس بوك في التركيز على الأزمات الحالية (الكهرباء ,السيولة ,الأمن ,غلاء الأسعار) في ليبيا لخلق مناخ من القلق والسلبية وعدم الشعور بالثقة في المستقبل أو في التغيير. 62 84.93 11 15.07 73 100 تساهم بعض صفحات الفيس بوك في التركيز على أخطاء كل من حكومات الشرق والغرب الليبي لتعميق الانقسام السياسي . 62 84.93 11 15.07 73 100 تساهم بعض صفحات الفيس بوك في التركيز على الأزمات الحالية (الكهرباء ,السيولة ,الأمن ,غلاء الأسعار) في ليبيا لدعم أطراف سياسية أو خدمة أجندات خارجية. 59 80.82 14 17.18 73 100 تساهم بعض صفحات الفيس بوك في التركيز على أخطاء الحكومات الحالية لإبراز مميزات النظام السابق. 57 78.08 16 21.92 73 100 تساهم بعض صفحات الفيس بوك في اشعال فتيل الصراع بين كل من حكومات الشرق والغرب الليبي لخدمة أجندات خارجية . 60 82.19 13 17.81 73 100 ويشير الجدول (2) إلى أن حوالي (80.82%) منهم بأن بعض الصفحات تستغل الخلافات وقضية المهجرين في الخارج والداخل والأزمات التي تمر بها البلاد كأزمة المحروقات والكهرباء والسيولة والغلاء لخلق مناخ من السلبية واللامبالاة حول القضايا الملحة والجديرة بالاهتمام كما وتستغل قضية المهجرين في مناطق بعينها دون الأخرى (92%) ,إما لتحقيق مصالح شخصية أو تغليب كفة على أخرى ,وتعمل لخلق مناخ من القلق والتوتر وعدم الثقة بالمستقبل أو بأي مشروعات إصلاحية , كما أن (85%) أشاروا إلى أنها تستغل الخلاف والانقسام السياسي وتساهم في تعميقه , كما أن (78%) أشاروا إلى أن بعض الصفحات تركز على أخطاء الحكومات لإبراز مميزات النظام السابق وإثبات فشل التغيير في ليبيا , وقد يكون ذلك لخدمة أجندات خارجية كما أفاد حوالي (82%) من أفراد العينة . وبالتالي يتضح دور ما تبثه بعض صفحات الفيس بوك في بث التفرق والعنف وتغذية الانتماءات الفرعية والتعصب لها وعدم الاهتمام بنشر وعي يساهم في دعم قيمة التسامح والمصالحة , وقد يكون ذلك من خلال إطلاق الشائعات التي تروج للفتنة الطائفية أو لإثارة الفتن القبلية والعرقية ، أو لإثارة البغضاء والكراهية بين أفراد المجتمع، أو لتشويه سمعة بعض فئاته أو أفراده, وهو ما أشار إليه آراء أفراد عينة البحث ,وهو ما يشير إليه بعض الباحثين أيضاً.( ) وبالتالي يتضح أن المضمون الذي يبث في بعض تلك الصفحات التي يقبل عليها أفراد عينة البحث تساهم في خلخلة البناء والنسيج الاجتماعي أي وجود خلل وظيفي لهذه الصفحات , وهو ما يستوجب استخدام الفيس بوك في بث مضامين هادفة تعمل على المحافظة على البناء والنسيج الاجتماعي للمجتمع الليبي , وتعزيز العديد من القيم الايجابية مثل التسامح والمصالحة . 2. نتائج تتعلق بإمكانية وجود تأثير على المتلقي من خلال ما تبثه صفحات الفيس بوك من أفكار : جدول (3) يوضح إمكانية تأثير الفيس بوك في المتلقي القيم والأفكار: الفقرات نعم النسبة لا النسبة المجموع النسبة تساهم بعض صفحات الفيس بوك في تنمية المعلومات. 57 78.08 16 21.92 73 100 تتأثر ببعض الأفكار التي تبثها هذه الصفحات. 39 53.42 34 46.58 73 100 تتأثر ببعض الصفحات من ناحية العادات والتقاليد 46 63.01 27 36.99 73 100 تساهم بعض صفحات الفيس بوك في تغيير قيم المجتمع. 56 76.71 17 23.29 73 100 تساهم بعض صفحات الفيس بوك في تقبل الرأي الآخر. 30 49.10 43 58.90 73 100 تساهم بعض صفحات الفيس بوك في تعزيز احترام الآخر 31 42.47 42 57.53 73 100 تساهم بعض صفحات الفيس بوك في تعميق حرية الاختيار والتعبير. 44 60.27 29 39.73 73 100 أشار الجدول (3) بأن (78%) من أفراد العينة أفادوا بأن بعض صفحات الفيس بوك تساهم في تنمية المعلومات , وفي تعلم بعض السلوكيات الايجابية (63%), وأنها تؤثر فيهم من ناحية في العادات والتقاليد (63%) , وأن (53%) يتأثرون بالأفكار التي تبثها , وهو ما يتفق مع رأي (مارشال ماكلوهان) حول تأثير وسائل الاتصال في أفكار ومعتقدات الأفراد , كما أشار حوالي ( 77%) إلى أن الفيس بوك يساهم في تغيير قيم المجتمع وبث قيم جديدة , وقد تكون هذه القيم دخيلة على ثقافة المجتمع الليبي ,وقد تتعلق ببعض القيم المظهرية والمادية وعدم الانصياع لقيم المجتمع النبيلة وعدم احترام الآخرين وخاصة كبار السن, بحجة الحرية والتغيير والخروج من التقليدية , وقد أشار حوالي (58%) إلى أن الفيس بوك لا يساهم في تعزيز احترام الآخرين ولا تقبل الرأي الآخر, ولكنها تساهم في زيادة حرية الاختيار وحرية التعبير. 3. نتائج تتعلق بمساهمة الفيس بوك في دعم قيم التسامح والمصالحة : جدول (4) يوضح مدى دعم الفيس بوك لقيم التسامح والمصالحة : الفقرات نعم النسبة لا النسبة المجموع النسبة تساهم بعض صفحات الفيس بوك في بث روح التسامح والمصالحة. 37 50.68 36 49.32 73 100 يمكن استخدام بعض صفحات الفيس بوك في حل العديد من القضايا. 44 60.27 29 39.73 73 100 تساهم بعض صفحات الفيس بوك في وقف الصراعات القبلية. 26 35.62 47 64.38 73 100 تساهم بعض صفحات الفيس بوك في لملمة النسيج الاجتماعي الليبي . 32 43.84 41 56.16 73 100 تساهم بعض صفحات الفيس بوك في دعم المصالحة الوطنية. 35 47.96 38 52.05 73 100 أشار الجدول (4) إلى أن حوالي (51%) من أفراد العينة يرون أن بعض الصفحات تساهم في عملية المصالحة و في بث روح التسامح والمصالحة , وقدرتها على حل العديد من القضايا (60%) , على الرغم من أن حوالي (64%) أشاروا بعدم مساهمة بعض صفحات الفيس بوك في وقف الصراعات القبلية , ولا تساهم في لملمة النسيج الاجتماعي الليبي (56%), ولا في دعم المصالحة الوطنية (52%) . وهو ما يشير إلى واقع ما تعج به أغلب الصفحات على المستوى المحلي من دعم الصراعات والتفرق والفتنة وهو ما يتفق مع نتائج جدول (2) التي أشارت إلى استغلال المشاكل والخلافات لأهداف معينة بعيداً عن مصلحة الوطن . 4. نتائج تتعلق بإمكانية استخدام الفيس بوك في دعم ونشر قيم التسامح والمصالحة : جدول (5) يوضح إمكانية استخدام الفيس بوك في دعم ونشر قيم التسامح والمصالحة : الفقرات نعم النسبة لا النسبة المجموع النسبة يمكن بث معلومات من خلال بعض صفحات الفيس بوك تعمل على نزع فتيل الصراع (السياسي الفكري الاجتماعي)في ليبيا. 59 80.82 14 19.18 73 100 يمكن استخدام بعض صفحات الفيس بوك في ضرورة نبذ العنف والتفرق. 51 69.86 22 30.14 73 100 يمكن استخدام بعض صفحات الفيس بوك في بث روح التسامح والمصالحة بين كل الأطراف المتصارعة (فكرياً ,سياسياً ,قبلياً) في ليبيا. 62 84.93 11 15.07 73 100 يمكن استخدام بعض صفحات الفيس بوك في زيادة وعي المتلقي بضرورة العمل معاً من أجل ليبيا ونسيان الماضي المؤلم إن وجد. 58 80.82 14 19.18 73 100 يشير جدول(5)إلى أن (84.93) من أفراد عينة البحث يرون إمكانية استخدام الفيس بوك في دعم قيم التسامح والمصالحة والعفو , وأن منهم (69.86) يرون امكانية استخدامه في نبذ العنف والتفرق, بالإضافة إلى زيادة وعي المتلقي بضرورة العمل معاً من أجل ليبيا ونسيان الماضي المؤلم إن وجد , والعمل على نزع فتيل الصراع (السياسي الفكري الاجتماعي) في ليبيا بنسبة (80.82),ودعم قضايا المجتمع الملحة , ربما من خلال بث معلومات موجهة لتعبئة وبناء الانسان وخلق روح الانتماء التي يفتقدها الكثير, من أجل خدمة هذه القضايا ,وإنشاء صفحات ممولة وموجهة لدعم روح التسامح المصالحة بين كل الأطراف المتصارعة في ليبيا (فكرياً ,سياسياً ,قبلياً) , إما أن تكون بقيادة شباب من مناطق الصراع والخلاف أو استخدام أشخاص لهم كاريزما خاصة في تلك المناطق , أومن ذوي الخبرات العلمية والدينية لغرض نشر التوعية الدينية والوطنية بالنصح والإرشاد , أو الترغيب والترهيب, ونشر معلومات وقصص من القرآن عن التسامح والمصالحة والعفو ونبذ القبلية والتعصب ,ودعم قيمة الانتماء وتغليب مصلحة الوطن , بالإضافة إلى استخدام الموروث التاريخي الوطني للأجداد , وهنا يمكن خلق رموز تخاطب اللاوعي للأفراد كما أشار (بارسونز) من أجل تحقيق الهدف المنشود كالوحدة والتسامح والتضامن داخل المجتمع ,واستخدامها كبدائل وظيفية للمحافظة على المجتمع . ..حفظ الله ليبيا .. المراجع : أولاً المراجع العربية : 1. بول هوبر, نحو فهم للعولمة الثقافية , ترجمة :طلعت الشايب ,القاهرة : المركز القومي للترجمة ,ط 1 , 2011 م . 2. جيهان رشتي ، الإعلام ونظرياته في العصر الحديث ، القاهرة : دار الفكر العربي ، 1971م . 3. حسين عبد الحميد رشوان ,علم اجتماع التنظيم , الاسكندرية : مؤسسة شباب الجامعة ,2004 م . 4. ركبي آمال كريمة , الفيسبوك وعلاقته بتشكيل الهوية الافتراضية , دراسة ميدانية على عينة من مستخدمي موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك في مدينة تقرت , الجزائر , جامعة قاصدي مرباح ,. دراسة للحصول على درجة ماستر اكاديمي , 2014 م . 5. عبدالرحمن ضريف , الفيسبوك وتأثيره على القيم الاجتماعية لدى الطلبة الجامعيين بجامعة مولاي الطاهر\ سعيدة, كلية العلوم الاجتماعية والانسانية ,جامعة الدكتور مولاي الطاهر\ سعيدة, الجزائر, 6 201\2017 م . 6. طه عبد العاطي نجم ,سيسيولوجيا المعرفة, الاسكندرية : دار المعرفة الجامعية , 2012 م . 7. عائشة لصلح ,العنف الرمزي عبر الشبكات الافتراضية الاجتماعية قراءة في بعض صور العنف في الفيسبوك ,الجزائر: مؤسسة مؤمنون بلا حدود , 6 201 م . 8. عبدالسلام جمعة زاقود , مسار المصالحة الوطنية والسلم الاجتماعي ,عمان : دار زهران للنشر, ط 1 ,2012 م . 9. عواطف عبد الرحمن ، إشكالية الإعلام التنموي في الوطن العربي ، القاهرة : دار الفكر العربي ، 1997م . 10. فاطمة القليني وآخرون , دور الإعلان التلفزيوني في تدعيم قيم العولمة الثقافية لدى الشباب , الندوة السنوية السابعة , الشباب ومستقبل مصر ,تحرير : محمود الكردي ,جامعة القاهرة: مركز البحوث والدراسات الاجتماعية ,كلية الآداب جامعة القاهرة ,2001 م . 11. محمود عودة ، أساليب الاتصال والتغير الاجتماعي ، الأزاريطة: دار المعرفة الجامعية ، 1998 م . 12. محمود يوسف محمد, المنهج الإسلامي في تربية المجتمع على مواجهة الشائعات, المجلة التربوية, العدد 87 , يونيو 2008 م . 13. مصطفي عمر التير, مساهمات في أسس البحث الاجتماعي , طرابلس : منشورات الجامعة المفتوحة , ط 3 ,1995 م . 14. مها زحلوق ,على وطفة , الشباب قيم واتجاهات ومواقف ,تقديم :علي عقلة عرسان , دمشق , ط 1, 2000 م . 15. نادية مصطفي آخرون , دوائر الانتماء وتأصيل الهوية, القاهرة , دار البشير , ط 1 , 2013 م . 16. هربرت أ شيللر, ترجمة عبدالسلام رضوان, المتلاعبون بالعقول, سلسلة عالم المعرفة, العدد243,المجلس الوطني للثقافة والآداب ,الكويت , 1990م . ثانياً المراجع الأجنبية : 1. Norman H .Nie , Lutz Ebring ,"Internet and society" ,A preliminary report LT and society, volume issue1 , summer, 2002,www.Stanfor.edu.com ثالثاً مواقع الانترنت : 1. أحمد فاضل المعموري, المصالحة الاجتماعية آلية المفهوم الاجتماعي والرفض السياسي2018/03/28, موقع كتاب : https://kitabat.com , 30 / 6/2018 م. 2. أحمد مروان , محمد رجب ,الفيس بوك يهدر أم يعلي قيمة الإبداع , ميدل ايست اون لاين, 24\ 6\2018, https://www.middle-east-online.com , 30/ 6/2018 م. 3. أمينة الحطاب , التسامح قيمة ايجابية تعمق العلاقات وتقلل الخلافات, الرأي , 10\12\2017, http://alrai.com , 30/ 6/2018 م. 4. المحاضرة السادسة ,نظرية الاستخدامات والاشباعات , 29\8\2018 م , https://elearn.univ-ouargla.dz 5. المعاني , https://www.almaany.com , 30/ 6/2018 م . 6. موقع الهيئة العربية السورية للكتاب www.sysbbook.gov.sy.12\5\2014, ,30/ 6/2018 م . 7. نور, بحث حول التسامح ,منتديات عشاق آسيا,5 أكتوبر2010, http://aicha3654.ahlamontada.com, 30/ 6/2018 م.

النص الكامل

عرض