ملخص
نظم الفنون والكتب فن عريق في تراثنا لم يتجاسر على خوضه غير أولي الدربة والموهبة في نسج المعارف ورصف المفردات . وقد شهد الغرب الإسلامي تفوقا واضحا في هذا الفن ، واشتهرت منظومات مختلفة في شتى فروع المعرفة ، نظرا لما يوفره النظم من تكثيف للمعارف وتيسير لحفظها في وقت تراكمت فيه ألوان العلوم وتشعبت مشاربها ، وكان النظم من أقوى الوسائل التي استخدمها العلماء والمربون في مجالس العلم وحلقات الدرس . وموضوع الأطروحة : دراسة وتحقيق أرجوزة بعنوان : نظم الدرر في معجزات سيد البشر لناظمها أبي محمد الحسن الرهوني ، كان حيا سنة 661 هـ ، وهو أحد كتاب البلاط الموحدي كما يستشف من النظم ، وينتمي إلى بيئة علمية فذة ، حيث يذكر في مقدمة نظمه أن أبا محمد الحسن ابن القطان صاحب كتاب الإحكام – الأصل - وصاحب كتاب نظم الجمان خاله ، وهذا يعني أن الحافظ المحدث الشهير أبا الحسن علي ابن القطان هو جده على الأرجح . والأرجوزة تقع في (6161) بيتا رفعها إلى خزانة الخليفة أبي حفص المرتضى ت 665هـ آخر خلفاء الموحدين في مراكش بمناسبة المولد النبوي؛ حيث تم تأليفها تحت رعايته وبرسم خزانته وفقا للتقاليد لمتعارف عليها حينذاك . وهذه الأرجوزة الضخمة نموذج من نماذج التأليف في الفترة الموحدية الأخيرة، حيث شهدت هذه المرحلة نشاطاً ثقافياً زاهراً ، خاصة في مجال السيرة النبوية بمختلف فروعها، وكان يتم تحت رعاية الخلفاء وفق مراسيم ثقافية وحضارية رفيعة . ويتجلى للناظر في المصنف أنه يكتسي أهمية بالغة على كافة المستويات : • فهو من حيث الزمن أقدم مؤلف متكامل . • وهو أشمل وأضخم مصنف في مجاله شكلاً ومضموناً . • وإنه يعد – فضلاُ عن مضمونه الديني – وثيقة لغوية وأدبية وتاريخية مهمة . • وإن عدداً من العلماء أشادوا به وأثنوا عليه .