ملخص
تضمن البحث الحالي مجموعة من المحاور الرئيسية بداية من مُقدمة وإشكالية البحث، وأهميته من الناحية النظرية والتطبيقية، وأهدافه، وتساؤلاته، مروراً بالخلفية النظرية لموضوع البحث، ونهاية بعرض النتائج، والتوصيات والمقترحات، على النحو التالي: لاشك أننا أصبحنا نعيش اليوم في عصر يُعرف بِعصر الضغوط والأزمات بِأشكالِها المُختلِفة والمُتعدِدة (النفسية والاجتماعية، والاقتصادية... وغيرها)، وهذا نتيجة تعقُد الحياة والتطور التكنولوجي، وكثرة الأعباء، ومُتطلبات الحياة، فالإنسان أصبح يُواجِه في حياتِهِ اليومية الكثير من المواقِف التي تتضمن خِبرات غير مرغوب فيها، والتي أثقلت كاهله بِالمشاكِل على مُختلف أنواعِها، والأمراض النفسية والعقلية والجسدية والاجتماعية التي لم يعهدها من قبل، وإن كانت موجودة فليست بِنفس الحِدة والخطورة، مما يجعل سعادة الإنسان وصِحَتَهُ ورفاهيَتَهُ مُهددة. فالضغوط المُرتبِطة بالأحداث اليومية أصبحت جُزءاً من حياتِنا، فكُلُنا بلا استثناء نتعرض يومياً لِمصادر مُتنوعة من الضغوط الخارجية، كضغوط العمل والدراسة، والضغوط الأُسرية، والاقتصادية، بالإضافة للضغوط الداخلية، كالضغوط الصحية وتعاطي الأدوية، والمُضاعفات المرضية، والآثار المُترتِبة عن أخطائِنا السُلوكية، وأسلوب حياتِنا، أو التعرُض للمُثيرات البيئية المُحيطة بِنا. وخير دليل على ذلك ما يتعرض لهُ المُواطِن الليبي مِن ضغوط مُرتَبِطة بِأحداث حياتِهِ اليومية، والتي أصبحت واضِحة جلية في مُجتمعنا الليبي للأسف كا(الحروب، اِنتشار السِلاح، الاِعتِقال، القتل، الخطف، السرِقة، التهديد، النُزوح، التهجير، التخريب والدمار الذي تعرضت لهُ أرزاق المواطنين ومنازِلِهِم، ومُمتلكات الدولة، نقص السيولة المالية، وضِعف المُرتبات أو الرواتِب مُقابِل اِرتِفاع الأسعار وغلاء المِعيشة، تأخُر المُرتبات، أزمة الوقود، أزمة الغاز، اِرتِفاع سِعر رغيف العيش والسِلع التموينية الأساسية، اِرتفاع سِعر الدواء والعِلاج، عدم اِنتِظام الدِراسة، والتلوث البيئي بِمُختلف أشكالِهِ... وغيرها) من الضغوط التي أصبحت تُهدِد حياتهُ وأمنهُ واستقرارهُ بِشكل يومي، وما يترتب عنها من صِراعات وخِبرات غير مُريحة ومُؤلِمة وأمراض وأزمات صِحية في مُختلف جوانِب حياتِهِ، وبالتالي بدأت تظهر أنماط من السلوك السلبي تعود إلى اضطرابات العلاقات الإنسانية ونقص مهارات الفرد لِلمُواجهة أو التعامُل مع المواقِف الضاغِطة، وانعكاس ذلك على المُجتمع كَكُل. وبالرُغم من أنهُ لا تُوجد إحصائيات دقيقة حول الضغوط التي يتعرض لها المُواطِن في المُجتمع الليبي_ في حُدود عِلم الباحِثة_ إلا أنّ الواقع الذي يبدوا واضِحاً جلياً و الذي لا يخفى على أحد مِنا يُشير إلى تزايُد ضغوط أحداث الحياة عليهِ_ فالمواطِن الليبي يتعرض في مِشوار حياتِهِ اليومي لِسِلسِلة مِن الأحداث والمواقِف الضاغِطة_ والتي تجعلهُ عرضة لِلكثير مِن الأزمات والأمراض على المُستوى الجسدي والنفسي والعقلي والاجتماعي، فقد أوضحت الكثير من الدِراسات أنّ هُناك علاقة سببية بين التعرُض لِأحداث الحياة الضاغِطة_ سواءً في الحياة العامة أو الحياة الخاصة_ والإصابة بالاِضطرابات المُختلِفة، ومن هُنا عمدت الدِراسات الحديثة إلى تشخيص مصادِر المُقاومة التي يستطيع عن طريقها _ الأفراد _ البقاء أصحاء رُغم الظروف المُضادة، وكان من بين أهم تِلك المُتغيرات التي لقيت اِهتمام من الباحثين المُساندة الاجتماعية كَمصدر هام مِن مصادِر الدعم النفسي والاجتماعي الفعال، وكعامِل واقي يُخفف من وقع تِلك الأحداث . ونظراً لِقِلة الدِراسات _في حُدود عِلم الباحِثة_ التي اهتمت بِمُتغير المُساندة الاجتماعية وعلاقتها بِأحداث الحياة الضاغِطة في المُجتمع الليبي، كان الاِهتِمام بِدِراسة موضوع المُساندة الاجتماعية كأحد العوامل أو الاِستراتيجيات الهامة في التصدي لِأحداث الحياة الضاغِطة لدى المُواطِن الليبي ، وعلى ضوء ما سبق يُمكِن صياغة إشكالية الدِراسة في التساؤل التالي : هل لِلمُساندة الاجتماعية دور في التخفيف مِن أحداث الحياة اليومية الضاغِطة؟ كما وينطلِق البحث الحالي من هدف رئيس، مُؤداه: الكشف عن الدور الايجابي الذي يُمكن أن تقوم بِهِ المُساندة الاجتماعية في التخفيف مِن الآثار الناجِمة عن أحداث الحياة الضاغِطة، ويتفرع مِن هذا الهدف مجموعة مِن الأهداف الفرعية. وينطلق البحث الحالي كذلك مِن تساؤل رئيس، مفادُه: ما الدور الذي يُمكن أن تقوم به المُساندة الاجتماعية للتخفيف من ضُغوط الحياة ؟ وينبثق مِن هذا التساؤل مجموعة مِن التساؤلات الفرعية. كما و يشتمل البحث على مفهومين أساسيين، هُما: مفهوم الضُغوط / مفهوم المُساندة الاجتماعية . وقد تم التوصل لمجموعة من الاستنتاجات، التي تؤكد أهمية الدور الذي تلعبه المساندة الاجتماعية في التخفيف من ضغوط أحداث الحياة اليومية للمواطن، تم عرضها في متن البحث، وبناء عليه ثم تقديم العديد من التوصيات، والمقترحات.