الاتجاهين المثالي والواقعي في دراسة العلاقات الدولية ( دراسة مقارنة )

تاريخ النشر

2017-1

نوع المقالة

مقال في مجلة علمية

عنوان المجلة

جامعة طرابلس

المؤلفـ(ون)

محمد الهاشمي مفتاح صقر

ملخص

تتعدد الاتجاهات الفكرية، أو كما يتفق على تسميتها عند أوسع معانيها بالاتجاهات النظرية ضمن حقل العلاقات الدولية والتي تشكل جوهر علم العلاقات الدولية، تلك الاتجاهات التي تتميز بأنها تبنى على جميع ما كتب حول التراث السياسي الإنساني، فتتناوله بالدراسة والبحث في جانبه المتعلق بالعلاقات الدولية، الذي يتميز بتعدد الرؤى إلى درجة التناقض الحاد، بالنظر إلى معطيات الحياة الجارية، ومعطيات العلاقات الدولية، الذي يشكل إشكالية لدى الباحثين والمهتمين بالعلاقات الدولية، والسياسة الخارجية. عليه ينتاب حقل العلاقات الدولية جدل واسع، ونقاشات مثيرة في تفسير وتحليل وفهم الواقع الدولي، غايتها تنظيم العلاقات الدولية، والسير بالمجتمع البشري نحو عالم من السلام. ولكن منذ أن تأسس هذا الحقل المعرفي وحتى أواخر القرن العشرين، تشير البحوث والدراسات المنشورة إلى تبنى المبادئ الوضعية في إطار عام للبحث في مجال العلاقات الدولية السياسية، وتزعم ما يعرف بالإطارات أو الاتجاهات الكبرى في تحليل العلاقات الدولية ممثلة في كل من المثالية والواقعية وعلى ما بينهما من اختلاف وتباين ضمن الفرضيات المطروحة حول العلاقات المفترضة بين فواعل النظام الدولي، في محاولة لمعالجة واقع العلاقات الدولية، كما هي جارية في واقعها لا كما يأمل أن تكون، باعتبارهما أكثر الاتجاهات اتصالاً بالواقع الدولي وتعبيراً عن أوضاعه. وفي ذلك تسعى الدراسة إلى عرض كلا الاتجاهين المثالي والواقعي من خلال دراسة مقارنة بصفتهما يعبران عن عالم ملئ بالصراعات والنزاعات واستبداله بعالم خال من الحروب، من أهدافه الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وفق أطر نظرية وفكرية ومبادئ وقواعد بمثابة ضوابط لنظام دولي يجنح إلى السلم ويبتعد عن الحروب والصراعات . المقدمة : مع نهاية القرن التاسع عشرالذي شهد شيوع مصطلح العلاقات الدولية، اشتد الاهتمام بدراسة هذه الظاهرة من زوايا متعددة، وكان ذلك عنواناً لوعي متزايد بأهميتها، لاتساع نطاقها وتكاثر أحداثها وقضاياها، وبخطورتها، نظراً للتناقضات التي تتخللها، وإمكانية خلق حالة من الصراع التي تتضمنها، كما كان ذلك إيذانا بتنامي الجدل حول الموضوع من الناحية الفكرية والتطبيقية فالمتمعن في نشوء أي فكر أوعلم وتطوره واكتسابه للتراكمية المعرفية، يجد أن ذلك الفكر أو العلم لا يمكن له بأن يكون منفصلاً عن واقعه، أو أنه طرح خارج الواقع الاجتماعي للمفكرأو المهتم وما يلاحظه من ظواهر. فمثلاً الاتجاه المثالي في دراسة العلاقات الدولية أزدهر ما بين الحرب العالمتين، بينما أزدهر الفكر الواقعي خلال الحرب الباردة، والعولمة بمفهومها العام والذي اشتهر بعد انتهاء الحرب الباردة. وبالوقوف عند طبيعة الاتجاهين، وفي نظرة مقارنة من خلال حركة تفاعلية بينهما، نجد أن لكل منهما موضوعاته الخاصة به، وكذا المناهج الكفيلة بدراسته ومجموعة النظريات التي تميزه عن غيره، الذي ظل هدفاً للاتجاهين عكف الكثير من الباحثين والمفكرين على تحقيقه، بدءاً بمحاولات المثاليين في التأسيس الأكاديمي للحقل بكل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، ومروراً بجهود وكتابات وإسهامات الكثير من رواد الفكر الواقعي، التي لم تستطع سد باب البحث في هذا المجال، بل تعرضت تلك الأدبيات إلى كثير من النقد والمراجعات. فالغاية التي يقوم عليها هذا الجهد البحثي،لا نستهدف البحث المعمق في دراسة المنطلقات الفكرية لكل من الاتجاهين المثالي والواقعي بجميع مكوناته، لما لذلك من متطلبات بحثية أكثرعمقاً واطلاعاً تتناول الموضوع، وهي غاية كل علم، بقدر ما هي مساهمة للتعرف على كلا الاتجاهين في حالته التفاعلية بما يعطي الصورة المكتملة للإطار النظري للعلاقات الدولية