ملخص
تركز هذه الورقة علي الأمن القومي العربي وتنطلق من اعتباره مفهوما توليفيا يختلف عن غيره من مستويات ومفاهيم الأمن. ولذلك فإن مفهوم الأمن القومي العربي ليس معادلا لمفهوم الأمن الوطني مع ما تثيره ترجمة المفهوم National Security إلى اللغة العربية من التباس كون مفهوم الأمن يشير عموما إلى منظومة العناصر التي يتحقق بتوفرها قوام ورخاء الدولة -أو المجتمع- أو الأمة. فبينما ينصرف مفهوم الأمن الوطني إلى كل ما يحقق رسوخ النظام العام وعدم تعرضه للخطر أو الفناء حيث البقاء أهم الأهداف، فإن مفهوم الأمن القومي العربي يتسع جغرافيا وثقافيا واستراتيجيا ليشمل أمن كل الدول العربية مجتمعة، وهي تمثل، كما ويعتبرها الغير، فضاءا يعيش تفاعلا ذاتيا في ذات الوقت الذي يمكنه أن يتآلف كمنظومة إقليمية. وبناء على هذا الفهم تتناول الورقة التطور التاريخي للأمن القومي العربي، وأسسه النظرية ، كما تستكشف ظهور المفهوم خلال حقبة الكفاح في مواجهة الاستعمار الأوربي، وتحوله ضمن إطار الدولة القطرية العربية ودعاوى التوحيد والتكامل التي تأثرت بالسياقات الكونية منذ الحرب الباردة وما تلاها. ثم تعرض الورقة لكيف تسلط الأطر النظرية في حقل العلاقات الدولية المعاصر مثل الواقعية والليبرالية والبنائية الضوء على تعقيدات التعاون الذي يستهدف تحقيق الأمن العربي الشامل. وتتناول الورقة الدور المهم للعامل والفاعلين الخارجيين، مثلما تبرز الأثر المتواصل للصراع العربي الصهيوني، والبعد الاقتصادي للأمن، والعواقب طويلة المدى لما يعرف اصطلاحا بالربيع العربي. ومع تقدير الورقة والباحث للفرص الكامنة في تحقيق تعاوت جاد على المستوى الإقليمي يشمل ايران وتركيا فلا ينبغي أن يفهم من ذلك اغفال ما يمكن أن يشكله استمرار هاتين الدولتين في توجهاتهما الحالية من اخطار مشتركة. وأخيراً، تقدم الورقة جملة من المقترحات التي يمكن أن تمثل توجهاً متعدد الجوانب لتحقيق الاستقرار الإقليمي والأمن العربي المشترك في القرن الحادي والعشرين، وأهميته في مواجهة التحديات المعاصرة.