ملخص
• والخلاصة أن لفيفا لا يمكن حصره من الشعراء العرب قد كتبوا ويكتبون شعرا عموديا أقلُّ ما يقال عنه: إنه مُحَطِّمٌ أنفَ التقليد، بكل ما تعنيه الكلمة، والرائي بعين العدل البعيدة عن الهوى، والمُتَجرّد عن التعصب لن يَسَعَه أن يجعل من الوزن والقافية وسلامة قواعد النحو والعروض سُبّة أو مثلبة للقصيدة العمودية. • الشاعر الليبي محمد المزوغي هو أحد الشعراء المميزين على الساحة الليبية والعربية؛ لأن شعره غني بأدوات التأليف والتوظيف التي تواكب هذا العصر المعاصر وتستشرف الأجيال القادمة، لسعة أفق الرؤيا، والتوفيق في الإيحاءات التي تستدعي تأويلات متعددة. • ليس كل شعر عمودي تقليد، ولا كل قصيدة نثر حديثة؛ لأن العبرة بجمال النص وحداثته لغة وإيحاء وموسيقى ودلالة. • إن اختلاط مفهوم الحداثة وصعوبة تحديده هو ما أدى بالحداثيين إلى الاشمئزاز –على أقل تقدير – كلما ذكرت قصيدة عمودية، خاصة وأن منهم من يرى أن الحداثة في المجتمع العربي ما تزال شيئا مجلوبا من الخارج كما يرى أدونيس . • الحداثة النقدية الحقة هي التي تأبى القراءة السطحية للنص، وتسعى إلى الكشف في المناطق المعتمة؛ بغية الوصول إلى خفايا وأسرار النصوص؛ استجابة إلى طبيعة النصوص الحداثية . التي منها ولا ريب شعر الشاعر الليبي محمد المزوغي. • الحداثة فنيا تعني تساؤلا جذريا يستكشف اللغة الشعرية ويستقصيها، كما تعني افتتاح آفاق تجريبية جديدة في الممارسة الكتابية، وابتكار طرق للتعبير تكون في مستوى هذا التساؤل، ويشترط في هذا كله صدوره عن نظرة شخصية فريدة للكون والإنسان . فهل تختفي كل هذه المعاني الفنية في القصيدة العمودية فقط لأنها موزونة مقفاة؟!. • إن للشعر أدوات، ووسائل، وطرقا ومناهج، لا يمكن الانتصار لواحدة منها على الأخريات، لكنّ الشاعر المطّلع على أكبر قدر من تلك المناهج، والمتمكن من أكثر تلك الأدوات والوسائل، والعارف بطرق وسبل شتى، تبقى له حظوة التميز، وتكفل له استمرارية الإبداع. • الشاعر الفقير لأدوات الشعر، فلا غَرْوَ أن يرى في بعضها أو كثير منها قيودا، يظن أنه بالاستمرار في جهلها ينطلق حُرّاً. • وأخيرا لقد استطاع الشاعر الليبي محمد المزوغي أن يكتب شعرا حداثيا في قالب موروث يسمونه عمود الشعر؛ لذلك يمكن القول: إنه يكتب شعرا عموديا حداثيا.