ملخص
تتناول هذه الدراسة تطور مفهوم الأمن القومي العربي في ضوء التحديات المعاصرة وتسعى للإجابة على سؤال رئيسي حول كيفية إعادة تصور الأمن القومي العربي بما يضمن مواجهة التحديات وتحقيق توازن بين السيادة الوطنية والالتزام بالأمن العربي الشامل. تعتبر الورقة أن الأمن القومي العربي مفهوم توليفي يشمل الأبعاد العسكرية والاقتصادية والاجتماعية وليس معادلا لمفهوم الأمن الوطني، مع ما تثيره ترجمة المفهوم National Security إلى اللغة العربية من التباس. وتنطلق الدراسة من فرضية أساسية مفادها أن الإطار التقليدي الذي يركز على الدولة والقوة العسكرية في مفهوم الأمن القومي العربي غير كافٍ لمواجهة التهديدات المعاصرة، بل يتطلب الأمر نهجًا شاملًا ومتعدد الأبعاد يدمج الاعتبارات الاقتصادية والبيئية والمجتمعية لتحقيق الاستقرار الإقليمي. وباستخدام منهجيات التحليل التاريخي وتحليل السياسات، تركز الدراسة على الفترة الممتدة منذ اندلاع ما صار يعرف بالربيع العربي في 2011 حتى الوقت الحاضر، باعتبار ما حدث نقطة تحول أساسية في السياسة العربية. تستند الورقة أيضًا إلى نظرية المجمع الأمني الإقليميRegional Security Complex Theory لباري بوزان و أولي ويفر ، Barry Buzan and Ole Wæver، التي تقرر أن الأمن الإقليمي مرتبط بالاعتماد المتبادل بين الدول، سواء من حيث التهديدات أو الفرص ودور العوامل الخارجية. كما تمثل نظرية الأمن الإنساني إضافة مناسبة من خلال التركيز على أبعاد جديدة للأمن القومي العربي تشمل القضايا السياسية والاجتماعية، والاقتصادية، والبيئية ، فيما تعزز النظريات البنائية وجهة نظر الورقة في تحليل دور الهوية العربية والخطاب السياسي في تشكيل مفهوم الأمن القومي، مع التركيز على التغيرات التي طرأت بعد الربيع العربي. وأخيرا، تقدم الورقة مجموعة من التوصيات التي تهدف إلى تحقيق الاستقرار الإقليمي والأمن العربي الشامل في القرن الحادي والعشرين بما يعزز من التعاون الإقليمي ويقلل من الاعتماد على القوى الخارجية.