هجرة العقول في الوطن العربي، أسبابها، ونتائجها وسبل الحد منها من منظور الخدمة الاجتماعية

تاريخ النشر

2011

نوع المقالة

رسالة ماجستير

عنوان الرسالة

كلية الآداب - جامغة طرابلس

المؤلفـ(ون)

نجاح علي سالم العباني

ملخص

في ضوء ما تقدم، فإن معضلة هجرة العقول العربية، أضحت مشكلة مزمنة يعاني منها الوطن العربي لاسيما وإن (المعرفة العلمية) في دول العالم المتقدم اعتبرت كثروة وقوة، وحددت أطر التعامل معها بقوانين شاملة في الإدارة والمالية وخضعت لإجراءات صارمة لحقوق الملكية. وتضيف هذه الإشكالية عبئاً جديداً لتداعيات وتأثيرات استمرار هجرة العقول العربية، مما يتطلب من جهات صنع القرار العلمي والسياسي والاقتصادي في الوطن العربي أن تعمل ما بوسعها لتقليل تأثير هذه الظاهرة اخذين بنظر الاعتبار أن هذه المعضلة مستمرة ويصعب إيقافها بقرار سياسي، ولكن قد يتم تقليل تأثيراتها بشكل تدريجي بتضافر جهود المؤسسات العلمية العربية سواءً أكان ذلك في المدى المنظور أم على الصعيد الإستراتيجي. وقد أصبحت هذه المشكلة ظاهرة عامة على مستوى الوطن العربي، حيث إن معالجتها تحتاج إلى وقفه جادة، وموضوعية وشمولية، ومن ثم وضع الحلول الناجحة المتعلقة بهذه الظاهرة كونها تعكس خطراً متواصل التأثير، وهو مرشح في ظل تأثيرات العولمة نحو التزايد. وعلى أهمية تحديد الدوافع المختلفة لهذه الظاهرة، سواء أكانت السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الفكرية وغيرها، إلاّ أن العوامل الاقتصادية كانت ولا تزال، تحتل الأولوية في التأثير المباشر على العقول والكفاءات العربية، ولاسيما وأن الأشخاص الأكثر تأثراً بهذا العامل هم الأشخاص الأفضل أعداداً والأكثر كفاءةً لتسيير أجهزة الإنتاج والتعليم والتدريس في الوطن العربي. ممّا يتطلب إيجاد سبل علمية لصيغ التعامل الإنساني والحضاري مع الكفاءات العلمية وبحرص وطني، فضلاً عن محاولة وضع إستراتيجية تستهدف تقليل هجرة العقول العربية وإزالة قسماً من العقبات التي تواجهها، ومن ثم معالجة المشاكل التي تعترض مسيرتها العلمية. نتائج الدراسة: لعبت فرنسا دوراً طاغيا في إستقبال معظم المهاجرين من البلدان العربية، خصوصا من بلدان المغرب العربى (الجزائر والمغرب وتونس). تتركز بعض الجنسيات (مثل الجزائريين والليبيين والأردنيين) بشدة في عدد محدود من البلدان المستقبلة للهجرة، بينما يتناثر بعضها الأخر مثل (اللبنانيين) علي نطاق واسع . تختلف خصائص المهاجرين بشكل ملحوظ بين بلدانهم الاصلية وبلدان الإستقبال. فمثلا المهاجرون من بلدان بلاد المغرب العربى (تونس والجزائر والمغرب) اقل مهارة من المهاجرين المصريين؛ والمهاجرون القادمون من شبه الجزيرة العربية أقل عمراً، بينما معدل التجنيس أعلى بالنسبة للبنانيين والمصريين، وبصفة عامة مازالت من البلدان العربية يغلب عليسها هجرة الذكور. تتجه الهجرات الأخيرة إلى فرنسا وكندا والتي تكون أكثر مهارة من الجماعات المهاجرة الأقدم. ولكن هذا لا ينطبق على الهجرات إلى الولايات المتحدة، التي تحتفظ برغم ذلك بمرتبة عالية من حيث عدد المهاجرين من البلدان العربية. قد وصلت خسائر الدول العربية من جراء هجرة العقول العربية إلى حوالي مائتي مليار دولار وفق تقرير منظمة العمل العربية لعام 2006ف، لتصبح هجرة الكفاءات من أهم العوامل المؤثرة على الاقتصاد العربي، في وقت تحتاج فيه التنمية العربية لمثل هذه العقول في مجالات الاقتصاد والتعليم والصحة والتخطيط والبحث العلمي. خسارة الوطن العربي لما صرفه من أموال في إعداد الكفاءات العربية المهاجرة، وهي مبالغ ليس بسيطة، وفشل الوطن العربي في اعتماد وتنفيذ برامج فعالة للإفادة المثلى من كفاءاتها المهاجرة. من المنظورالاستراتيجي العام تعد المحصلة النهائية لهجرة الكفاءات العربية والإسلامية خارج الوطن العربي والعالم الإسلامي حالياً محصلة سلبية للدول العربية والإسلامية سواء على المستوى الفردي أو المجتمعي بالرغم من أن المحصلة غالباً ما تكون إيجابية على المستوى الشخصي والعائلي بالنسبة للكفاءات المهاجرة. ينتج عن هذه الهجرة تخريب للقوى المنتجة في الاقتصاد وزيادة التوتر في سوق العمالة العالمية، الأمر الذي يؤدى بدوره إلى التأثير على مستوى الأجور. أصبحت ظاهرة هجرة العقول خطيرة وذلك للعجز الحاصل بين الهجرة في الكوادر العلمية اللازمة لدمج التطور الاقتصادي والاجتماعي، وهذا يؤثر بشكل مباشر على مستوى رفاهية الشعب. تعد ظاهرة هجرة العقول العربية خطيرة في حالة عدم حصول البلاد على أي مردود لقاء ما أنفقته على تعليم هؤلاء الأفراد. تناقص قدرة البلدان في إعداد المؤهلين اللازمين لعمليات التنمية محلياً، حيث أن هجرة الكوادر العلمية تخدم الجامعات والمعاهد والمؤسسات التعليمية والتأهيلية من الأجهزة والكوادر التي يكون بإمكانها أن تعمل على إعداد المؤهلين محلياً. انخفاض المستويات التعليمية في البلد نتيجة تناقص عدد المؤهلين من أعضاء الهيئة التدريسية بالنسبة لعدد الطلاب في الجامعات والمعاهد والمؤسسات التعليمية مما يؤدي إلى تخرج دفعات ذات كفاءات محدودة. إرهاق الأجهزة الحالية المؤلفة من الفنيين والكوادر العلمية سواء في الجامعات أو المعاهد أو مؤسسات الدولة بازدياد الأعباء عليهم مما يؤدى إلى ضعف الإنتاجية وانخفاض المردود وانتشار روح اللامبالاة، ونمو العقلية الروتينية وفتور الحماس للتجديد والتطور. عدم القدرة على إنشاء مراكز للأبحاث العلمية أو التوسع القائم فيها، مما يؤدى بالتالي إلى عرقلة التطور والتقدم الفكري والعلمي لهؤلاء الاختصاصين وتناقص وانخفاض قدراتهم الأساسية بحكم عدم إتاحة الفرصة لها للممارسة والتطبيق. حوالي 70% من الهاجرين العرب من بلدان المغرب العربي (الجزائر والمغرب وتونس) يعيشون في بلدان منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية، و(حوالي 3. 5 مليون شخص) من العدد الإجمالي من المولودين في بلدان عربية ويعيشون في بلدان منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية. وتصل النسبة إلى 90% إذا أضفنا العراق ومصر ولبنان، التي لديها أيضا جماعات مهمة نسبيا من الغتربين في بلدان منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية.