ملخص
تشهد بعض بلدن العالم ومن بينها ليبيا نمو عمرانيا متسارعاً نتيجة لزيادة عدد السكان والهجرة من القرى الى المدن الكبرى مما سبب عبئا تقيلا على الدولة مؤسساتها الخدمية في توفير المساكن والخدمات اللازمة لمواكبة هذا النمو. وقد ترتب على ذلك قيام عدد من الناس باتخاذ بزمام المبادرة وانشاء مساكن وخدمات دون ترخيص من الدولة وفي غياب للجهات الرقابية. وتتصف العديد من هذه الاعمال بافتقارها لأساس العمارة ونظم العمران مما نتج عنها تلوث و تشويه للمشهد الحضري لعدة مدن و تجمعات عمرانية. وقد حدث هذا التلوث على المستوى الوظيفي والانشائي والجمالي مثل تشكيل الكثل وانسجامها مع بعضها البعض وتعبير الواجهات الخارجية للمباني. حيث اصبحت تلك المناطق والمباني مشوهه وتفتقر الى عناصر ومفردات المشهد الحضري اللائق. تهدف هذه الورقة إلى دراسة ظاهرة التلوث البصري في ظل النمو العمراني المتزايد على مستوى التركيب الحضري لمدينة طرابلس. وذلك من خلال تحديد بعض اسباب هذا التلوث والانعكاسات الناتجة من النمو العمراني المخالف للأسس واللوائح والتشريعات على المستوى الوظيفي ومتانة البناء وكذلك القيم الجمالية والتعبيرية لهذه المنشئات او المباني وأثارها المختلفة على جودة البيئة المعيشية والنفسية. وتعتمد الورقة في منهجيتها البحثية على مراجعة الدراسات السابقة والدراسة الحقلية من خلال الملاحظة والزيارات الميدانية لبعض المناطق بمدينة طرابلس والتي شهدت تلوثا بصريا وتجاوزات تشريعية وفنية بالإضافة لنوع من الزحف العمراني على حساب مساحات خضراء أو مناطق تم تهيئتها لإعادة التطوير. وقد أظهرت النتائج الاولية للورقة اقبالا غير مسبوق على استباحة الاراضي الفضاء داخل المخططات والاراضي الزراعية داخل وخارج التجمعات العمرانية وذلك بإقامة المباني والمنشآت لتقديم خدمات ووظائف متباينة و في كثير من الاحيان غير متوافقة وتتعارض والأسس والقوانين المنظمة. كما تفتقر هذه المنشئات الى مبادئ السلامة الانشائية واعتبارات قواعد التشييد المناسبة. والتأثير الملحوظ لهذه المباني العشوائية التشويه البصري للمشهد الحضري للمدينة والذي تعدى المستوى الوظيفي والانشائي ليغير المشهد التعبيري للمفردات العمرانية للمدينة وظهر جليا في عدد من المظاهر مثل الازدحام واستغلال الفضاء العام واللوحات الاعلانية واستخدام المواد والالوان ومعالجة فتحات واجهات المباني وغيرها. وخلصت الدراسة إلى عدة توصيات التي يمكن الاستفادة منها في الحد من مسببات التلوث البصري مثل الاهتمام بنشر الثقافة العمرانية بين الناس وتطوير القوانين واللوائح والتشريعات العمرانية ومقومات متابعة تطبيقها.