ملخص
ملخص الماجستير العلاقة بين برامج التحديث المادي واتجاهات الشباب نحو الحداثة - مشكلة الدراسة :- لقد مر المجتمع الليبي خلال الحقبة الأخيرة (1) بمرحلة تغير اجتماعي، تميزت بتولي الدولة تنفيذ العديد من برامج التحديث (2) المادي التي تهدف إلي تحديث المحيط. أو ما يسمى بتحديث المجتمع في " مختلف المجالات "، وبذلك دخلت حياتنا العديد من مظاهر التحديث التي يفترض أنها حققت " أهدافاً معنوية " إلي جانب الأهداف المادية نتيجة للتجربة والتعايش مع تلك البرامج وبوصفها نتائج مستهدفة منها ، أي أن للتحديث الذي تهدف الدولة إلى تحقيقه مستويين: التحديث علي مستوى المجتمع، والتحديث علي مستوى الفرد. وقد سبقت هذه الدراسة دراسات مختلفة تولت البحث في قضايا التحديث(3)، ودراسات أخرى تعرضت لقضايا الشباب(4)، ودراسة مشاكلهم واتجاهاتهم لفترات زمنية تقادمت بعض الشيء من ناحية، ومن ناحية أخرى لم تدرس العلاقة بين برامج التحديث المادي واتجاهات الشباب نحو "الحداثة " وهو محل البحث في هذه الدراسة. لأن الشباب يعتبر المحور الأساسي والركيزة التي تعتمد عليها المجتمعات في مسيرة تقدمها، وإتباعاً لمتطلبات البحث العلمي الداعية إلي تحديد مشكلة البحث وبلورتها ووضعها في قالب يمكن من خلاله دراستها، أختير هذا الموضوع حيث تنحصر مشكلة الدراسة في البحث عن العلاقة بين التحديث واتجاهات الشباب نحو الحداثة . ويمكن حصر هذه الاتجاهات في المساواة بين الإناث والذكور / العلاقة مع العمل / وُسائل الوصول إلي الهدف / العلاقة مع العلم / العقلانية / العلاقة مع وسائل الإعلام / العلاقة مع المؤسسات. وبهذا تصاغ مشكلة هذه الدراسة في السؤال الآتي: هل توجد علاقة بين برامج التحديث المادي واتجاهات الشباب نحو الحداثة؟ وإن وجدت فما هي هذه العلاقة؟ أهمية الدراسة تكمن أهمية هذه الدراسة في : ـ محاولة الإسهام في إيجاد إضافة لإثراء المكتبة العلمية، إذ لم يسبق أن بحث موضوع هذه الدراسة حسب اطلاعنا مما يعد هذا الموضوع إضافة علمية في حالة تحقيق الدراسة لأغراضها. وفي حدود ما توصلنا إليه ومن خلال إطلاعنا علي ما نشر وما هو موجود في المكتبات فإنه في حالة نجاح الدراسة في تحديد نتائج ( آثر ) برامج التحديث المادي ( العناصر المادية ) علي اتجاهات الشباب نحو الحداثة ( العناصر المعنوية ) فإن ذلك يمكّن من تقييم هذه النتائج بحيث يمكن أخذها في الاعتبار عند التخطيط المستقبلي ، وإجراء ما يلزم من التعديل و الإضافة. إن تحديد القاعدة ـ المنطلقات ـ التي تبدأ منها برامج التحديث المادي للمجتمع مسألة ذات أهمية كبيرة لتقييم البرامج ذاتها، لذلك إذا كانت هذه الدراسة قد واجهت مشكلة أساسية في تحديد منطلقاتها فإن الدراسات المقبلة في نفس الموضوع لن تجد تلك الصعوبة، تكتسب هذه الدراسة أهميتها في أيجاد أو بناء قاعدة للمعلومات يمكن الاعتماد عليها والانطلاق منها إلى تخطيط برامج ودراسات في المستقبل. وتكمن أهمية هذه الدراسة أيضا في اهتمامنا الشخصي بالشباب علي اعتبار انه عنصر مهم لرقي المجتمعات إذا ما وجد الرعاية الاجتماعية الكافية، وأيضا التعرف علي مدي انتشار قيم الحداثة لديه، وعلى أثر التحديث المادي في التكوين الفكري والعقلي لدي الشباب أي اتجاهاتهم نحو الحداثة، ولا نقصد بذلك التحديث على مستوى الشخصية. أهداف الدراسة من خلال تحديدنا لمشكلة البحث وأهميتها يمكننا أن نصل إلي أهداف الدراسة التي تنحصر في الأتي :_ 1 _ التعرف علي مدي انتشار قيم الحداثة، أي الاعتماد علي العقل والانطلاق من الواقع وتفسيره واستبعاد المفاهيم الغيبية الأسطورية وغياب الوعي، والقدرة علي السيطرة على الواقع والنظرة الايجابية للعمل والوقت وكيفية استغلاله. 2 _ معرفة مدي التغير الذي أحدثه التقدم التقني ( التكنولوجي ) علي تفكير الشباب ونظرتهم للكون والحيــاة . 3_ معرفة أثر التغير والتطور اللذين صاحبا عمليات التحديث علي اتجاهات الشباب ونمط تفكيــــرهم. – تساؤلات الدراسة :/ التساؤل الأول :- هل لمؤشرات ومظاهر التحديث المادي في المجتمع علاقة باتجاه الشباب نحو السلوك الحداثي؟ التساؤل الثاني :- هل لمؤشرات ومظاهر التحديث المادي في المجتمع علاقة باتجاه الشباب نحو القضايا الغيبية؟ التساؤل الثالث:- هل لمؤشرات ومظاهر التحديث المادي في المجتمع علاقة باتجاه الشباب نحو سيادة الروح العلمية؟ التساؤل الرابع:- هل توجد فروق ذات دلالة معنوية بين الذكور والإناث على مقياس السلوك الحداثي؟ التساؤل الخامس :- هل توجد فروق ذات دلالة معنوية بين الذكور والإناث نحو الإيمان بالقضايا الغيبية؟ التساؤل السادس :- هل توجد فروق ذات دلالة معنوية بين الذكور والإناث نحو سيادة الروح العلمية؟ ملخص لنتائج الدراسة 1ـ يتبين من خلال الدراسة سوء الأحوال الاقتصادية التي يعاني منها أغلب الشباب وعدم وجود تسهيلات من قبل المجتمع للشباب من أجل مساعدتهم في الحصول على سكن و سيارة وأثاث حسب ظروفهم المتاحة، كما تبين أن نسبة الذين يرون صعوبة الحصول على المال اللازم للزواج ( 68.0 ) ، ونسبة الذين يرون صعوبة الحصول على المال لتأثيث المنزل ( 69.0 ) ،ونسبة من يرون صعوبة الحصول على المال لشراء سيارة كانت ( 0 .63 )، ونسبة من يرون صعوبة الحصول على مسكن مستقل ( 60.8 )، ونسبة من يرون استحالة الحصول على منزل مستقل ( 26.8 ) . 2ـ تحرر أغلب الشباب من قيود العائلة في الزواج ومن ارتباط موضوع الزواج بالعائلة والأقارب أو القرية أو المدينة، حيث تبين من خلال الدراسة أن: ـ نسبة الذين يرون بأن يكون شريك الحياة من أبناء العمومة أو الخؤولة غير مهم تمثل ( 93.0 ) ، ونسبة الذين يرون أن يكون شريك الحياة من نفس القرية أو المدينة غير مهم تمثل ( 79.0 ) 3ـ ارتفاع مستويات طموح الأفراد بالنسبة للتعليم حيث أجاب ( 100.0 ) أي جميع أفراد العينة بالموافقة والموافقة بشدة على أنه إذا ما سنحت الفرصة في زيادة التعليم يجب على المرء أن يستغلها. 4ـ كشفت الدراسة عن نتائج تتعلق بولاء أفراد عينة الدراسة لبعض الجماعات حيث كان في المرتبة الأولى الولاء لأفراد الأسرة الصغيرة بنسبة ( 99.0 ) ، وجماعة الأصدقاء بنسبة ( 99.0 ) أيضاً، ثم أبناء الدين بنسبة ( 98.0 )، في حين أن الولاء لأبناء القبيلة كان بنسبة ( 68.0 ). 5ـ ارتفاع مستويات الطموح لدى أفراد العينة والتطلع لامتلاك كل وسائل التحديث المادي. 6ـ كشفت الدراسة عن نتائج تبين أن أغلب أفراد العينة يعانون من مشاكل اجتماعية مختلفة متعلقة بتوفير الحاجات الأساسية. ونلاحظ أن نظرتهم للمستقبل سلبية وأن لديهم نوعاً من أنواع اليأس ويبدو ذلك واضحاً من خلال أعلى نسب تمثل الجانب السلبي وتجيب بأن المستقبل غير جيد بالنسبة للفقرات الآتية : حالة الأخلاق العامة، أخلاق صغار السن، أخلاق المرأة، الحصول على أي مسكن، الحصول على مسكن حديث، مستوى العناية الصحية، مستوى التعليم العام، توفير وسائل الترفيه، فرص الزواج، فرص الحصول على عمل ثابت، فرص التقدم في مجال العمل، فرص تحسين الدخل، فرص الحصول على قرض، عناية المسئولين بقطاع الشباب. وهذه النظرة السلبية للمستقبل في هذه الجوانب قد ترجعهم للغيبيات والانحراف فبدلاً من النظر للمستقبل بعيون متفائلة، وبدلاً من الاتجاه نحو الأسلوب العلمي الحداثي يتجهون للواسطة والعلاقات والأساليب المتخلفة. 7ـ كشفت الدراسة عن رغبة غالبية أفراد العينة في أن يتبنى المسئولون المؤسسات والبرامج الآتية للنهوض بقطاع الشباب:ـ _ الإكثار من إقامة النوادي الثقافية والعلمية. _ إقامة نوادي رياضية ترفيهية. _ إتاحة فرص العمل للشباب وتحسين الوضع المادي لهم. _ توفير مراكز الإنترنت. _ إيجاد برامج دينية. - العمل على توفير مساكن للشباب. 8ـ عرض نتائج تساؤلات الدراسة :ـ أـ نتيجة التساؤل الأول : من حيث العلاقة بين مؤشرات ومظاهر التحديث المادي وبين اتجاهات الشباب نحو السلوك الحداثي أسفرت نتيجة التساؤل الأول عن أنه لا توجد علاقة واضحة بين استخدام معدات التحديث المادي واتجاه الشباب نحو السلوك الحداثي حيث لاحظنا أنه على الرغم من وجود كل وسائل التحديث واستخدامها فإن الفكر مازال تقليديا في بعض الأمور فقد يمتلك الإنسان كل وسائل التحديث المادي ولكن ليس بالضرورة أن يكون حداثياً والعكس فقد نجد إنساناً حداثياً في التفكير ومع ذلك لا يمتلك كل وسائل التحديث المادي. ب ـ نتيجة التساؤل الثاني: من حيث العلاقة بين مؤشرات ومظاهر التحديث المادي وبين اتجاهات الشباب نحو الإيمان بالغيبيات فإنه في حالة كون أن الإجابات التي أدلى بها المبحوثون في هذا السؤال تعكس الإجابات الفعلية فمعنى ذلك أن الشباب يتميزون بتفكير حداثي وقدرة على فهم الواقع والتعامل معه. ج ـ نتيجة التساؤل الثالث :ـ من حيث العلاقة بين مؤشرات ومظاهر التحديث المادي وبين اتجاهات الشباب نحو سيادة الروح العلمية ، أسفرت نتيجة هذا التساؤل عن أن عادة القراءة غير متوطنة وخاصة بين الشباب، وقد يكون ذلك لعدم التلازم بين المستوى التعليمي والمستوى المادي للفرد وقد تكون لاهتمامات أخرى ( كالتلفزيون – والقنوات الفضائية )، وأن العزوف عن القراءة مؤشر سلبي يدل على عدم ملاحقة آخر التطورات العلمية والفكرية وهذا يسير عكس الاتجاه نحو الحداثة . أما إجابات أفراد العينة عن النقاط التي تليها أي الابتعاد عن الأيديولوجيا والتشبث بالرأي فإنها تعكس اتجاهات إيجابية في حالة مصداقيتها وفي حالة افتراض أن هذه الإجابات غير صحيحة فإنها على الأقل تعكس الوعي بالمسألة، وهذا في حد ذاته يعتبر نتيجة إيجابية توصل إليها البحث، حيث إن الوعي هو المقدمة الضرورية للفعل. وإذا اعتبرنا أن هذه الإجابات صحيحة فمعنى ذلك أننا نمر بمرحلة تغير إيجابية في اتجاهات الشباب نحو الحداثة أو أننا نعاني إشكاليات في تفكير الشباب بحيث يعبرون فكرياً عن قضايا بأسلوب حداثوي، وهم عكس ذلك بمعنى أنه لا يوجد تناغم بين ما يتحدث عنه الشباب وبين تصرفاتهم. د ) نتيجة التساؤل الرابع :ـ من حيث إذا كانت هناك فروق ذات دلالة معنوية بين الإناث والذكور على مقياس السلوك الحداثي ؟أسفرت الدراسة على أن الإناث أكثر ممارسة للسلوك الحداثي من الذكور، فنسبة الإناث على مقياس السلوك الحداثي بلغت ( 90% ) بينما بلغت نسبة الذكور على نفس المقياس ( 72% ). نتيجة التساؤل الخامس :ـ من حيث إذا كانت هناك فروق ذات دلالة معنوية بين الذكور والإناث نحو الإيمان بالقضايا الغيبية ؟ أسفرت الدراسة عن أن الذكور والإناث لديهم نفس الاتجاهات نحو الإيمان بالغيبيات. نتيجة التساؤل السادس :ـ من حيث إذا كانت هناك فروق ذات دلالة معنوية بين الذكور والإناث نحو سيادة الروح العلمية ؟ أسفرت الدراسة عن أنه لا توجد فروق ذات دلالة معنوية بين الذكور والإناث نحو الاتسام بسيادة الروح العلمية. أسئلة يطرحها البحث في نهاية هذه الدراسة وكأي جهد علمي يعيد الباحث في أغلب الأحيان إلى المربع الأول ، فهي بقدر ما أسهمت بقدر متواضع في الإجابة على بعض الأسئلة ، فإنها بدورها تطرح أسئلة جديدة ، قد تكون بداية جيدة لأبحاث أخرى ، ويمكن إجمال هذه الأسئلة فيما يلي: 1_ تثير نتائج الدراسة بعض الأسئلة الفرعية التي لم تتمكن من الإجابة عليها ، وهى هل الشكوى من سوء الأحوال الاقتصادية أي ( الفقر) هو فقر حقيقي أم مجرد زيادة الطلب على ( حاجات ) غير ضرورية ؟ 2_ تبين نتائج الدراسة ارتفاع مستويات طموح أفراد العينة بالنسبة لمواصلة تعليمهم مما يطرح السؤال التالي: مدى قيام أفراد العينة ببرمجة هذا الطموح " بوصفه مشروعاً للعمل " قابل للتحقيق أم أن المسألة في الواقع استعراضية و نوع من الرياء ؟ 3_ ترصد النتائج انتشار النظرة التشاؤمية للمستقبل لأفراد العينة، ولكن دون بحث الأسباب فيما إذا كانت أسباباً اقتصادية أو اجتماعية أو غير ذلك ، والسؤال هو :هل للنظرة التشاؤمية للمستقبل علاقة ما بالاتجاه إلى الغيبيات ؟ 4_ تطرح النتائج مسألة غياب المشاركة العملية في( الفعل ) والاقتصار على المطالبة، دون رصد نشاط يذكر أو محاولات للقيام( بعمل ما) من أجل التغيير بغض النظر عن فشل هذه المحاولات أو نجاحها. 5_ لعل أهم تساؤل يمكن أن يطرح هنا هو ما مدى نجاح البحث في الإجابة على عنوانه، نظراً لأن الحداثة مسألة فكرية مجردة قد يصعب قياسها وإن بقيت الاتجاهات مؤشراً. 6_ في حالة فرض أن الدراسة قد توصلت إلى إجابات محددة حول تساؤلاتها، فإن الصورة لن تكون مكتملة إلا ببحث بقية الفئات العمرية من ناحية، وبحث الموضوع بالنسبة للجنسين كل على حدة ثم دراسة النتائج في شكلها النهائي ومن خلال مقارنة نتائج الشرائح العمرية في شكل تكاملي. 7_ ما هي الفرصة لوضع أو" تطوير " مقاييس اختبار درجات النظم المعرفية ومدى إمكانية وضع مقاييس لاختبار الفرق بين السلوك الحداثي الملتبس والحداثة ؟